وكان الحريري قد التقى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ومسؤولين فرنسيين آخرين، طارحاً "سيدر" كطبق رئيسي.
من جهته، أكّد ماكرون للحريري أنّه يمكن الإعتماد على ألتزام فرنسا وتطبيق قرارات "سيدر" وإعطاء لبنان الوسائل للقيام بالإصلاحات الطمروحة لكي يستعيد وضعه الإقتصادي، قائلاً "فرنسا ستبقى ملتزمة أمن لبنان واستقراره، ضمن إطار قوات "اليونيفيل"، كما في إطار التعاون الوثيق الذي أطلقته والذي يربطها بالجيش والقوى العسكرية اللبنانية. كما سنثير أيضاً الأجندة التنفيذية للالتزامات التي اتخذناها معاً في روما في آذار 2018 لتزويد الجيش اللبناني العتاد اللازم".
في السياق نفسه أكّدت مصادر متابعة أنّ الحريري أبلغ ماكرون أنّ الحكومة اللبنانية وبالتعاون مع المجلس النيابي عازمة على القيام بورشة اصلاحات فعالة، ووصفت المصادر أجواء اللقاء بالإيجابية.
وبحسب هذه المصادر، فإن النتائج العملية السريعة سواء في محادثات القمة التي أجراها الحريري مع ماكرون، أو مع وزيري المال والخارجية الفرنسيين، في حضور رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى، يُمكن تلخيصها بالآتي:
1 - إعلان الاتفاق بين لبنان وفرنسا على انعقاد لجنة المتابعة الاستراتيجية لمؤتمر "سيدر" في 15 تشرين الثاني في باريس.
2 - ضمان فرنسي جديد للحصول على قرض بشروط سخية يصل إلى 400 مليون يورو، لشراء معدات فرنسية لتعزيز القدرات الدفاعية والأمنية للجيش.
3 - ضمان رسمي فرنسي بأن تشجع الحكومة الفرنسية الاستثمارات الفرنسية في لبنان ما يشجعها على الاستثمار.
4 - في مقابل هذه المحصلة العملية للزيارة، أكّد الرئيس الحريري مجدداً التزامه باصلاحات "سيدر" متعهداً بتحقيق هذه الإصلاحات خلال مهلة شهرين، وهي المهلة المحددة لاحالة مشروع موازنة الـ2020 إلى المجلس النيابي.
وأكّدت مصادر متابعة للقاء لـ"لبنان 24"، أنّه تمّ الاتفاق بين الطرفين على تشكيل لجنة استراتيجية مشتركة بين لبنان وفرنسا، لافتة إلى أنّ هذه اللجنة ستعقد أوّل اجتماعاتها في منتصف تشرين الثاني، وسيتم في حينها وضع لائحة للمشاريع التي سيستفيد منها لبنان.
وأشارت المصادر إلى أنّ على لبنان البدء بإصلاحات جدية قبل هذا التاريخ، وعلى موزانة 2020 أن تلحظ هذه الإصلاحات.
وبحسب مصادر "لبنان 24"، فإنّ لبنان لا مانع لديه أن تلجأ الشركات الفرنسية والمستثمرين إلى التحكيم الدولي في مسألة الشفافية، اذا اقتضت الحاجة، وفي حال لم يكن هناك ثقة لدى الفرنسيين.
في المقابل، أوضحت الصحافية المتخصصة بالشؤون الاقتصادية محاسن مرسل لـ"لبنان 24"، أنّ "المبعوث الفرنسي المكلف متابعة مقررات مؤتمر "سيدر" بيار دوكان، وضع خريطة إصلاحات للدولة اللبنانية كي تباشر فيها، من بينها إقرار مشروع موازنة 2020 في مواعيدها الدستورية، مكافحة التهرب الضريبي، ومكافحة التهرب الجمركي"، لافتة إلى أنّ "الدولة تحركت على جبهة تحسين الجباية وهذا متعلق بمكافحة التهرب الضريبي، إضافة إلى الكثير من الكلام عن "التهرب المقونن" في مرفأ بيروت الذي يعتبر خزان التهرب الجمركي في لبنان، والبازار السياسي الذي شهدناه مؤخراً حول قضية المعابر غير الشرعية، وتوضيح وزير الدفاع الياس بوصعب في مؤتمره الاخير أنّ عدد المعابر غير الشرعية لم يعد 140 و150، وأنّ ما يتم العمل عليه حالياً هو ما بين 8و12 معبراً".
ولفتت مرسل إلى أنّ مجلس الوزراء يكون "بطلاً" إذ استطاع خلال شهرين الانتهاء من دراس الموازنة وتحويلها لمجلس النواب لإقرارها ومن ثمّ لرئيس الجمهورية للتوقيع عليه، مشيرة إلى أنّ المجلس أقرّ البنود المتفق عليها في موازنة 2020 وعددها 13 من أصل 33 بنداً.
وأوضحت مُرسل أنّ الإشكالية هي في أنّ العجز الدفتري يجب أن يكون في موازنة "2020"، بحسب وزير المال علي حسن خليل 7.38%، إلا أنّ هذا الأمر إذا بحثناه عملياً فهو صعب، فورقة بعبدا التي وضعت سلسلة ضرائب جديدة، بينها 11% ضريبة على فوائد الأرباح، 1% على المتقاعدين، 0% على السلع الاستهلاكية المعفاة، و 11% على بعض أنواع السلع الاستهلاكية غير المعفاة و 15% على الكمالية"، متسائلة كيف يتم تحصيل هذه الضرائب في ظلّ تراجع القدرة الشرائية.
هذا وتوقفت مرسل عند السعي لرفع الشطر الأعلى والأدنى على ملف البنزين، معتبرة أنّ هذا الأمر لا يمكن حصوله في ظلّ ارتفاع أسعار المحروقات.
أما في ملف الكهرباء، فأشارت إلى أنّه تمّ تحديد رقم ألف و500 مليار كسلفات الخزينة على ألا يتم تجاوزه، لافتة إلى أنّ هذا لن يتم إذ سيلجأون لفتح اعتمادات إضافية.
وبحسب مرسل فإنّ النفقات المقدرة بموزانة 2020 هي 22.697 مليار ليرة يضاف ألف و500 ليرة اعتماد استثنائي لكهرباء لبنان، موضحة أنّ الحكومة اللبنانية سارت بالخطة الإصلاحية التي رسمها المبعوث الفرنسي، وهناك 3 مبادرات إيجابية والبدء بدراسة الموازنة، معتبرة أنّ السجال السياسي هو الذي سيحدد النوايا في الأيام القليلة المقبلة، ففي حال دخلت الأطراف السياسية في الحكومة في البازار السياسي فإنّ تحقيق الإصلاحات أمر مستحيل.
وفي الختام لفتت مرسل إلى أنّ لبنان ما زال يحظى بمظلّة دولية لتغطية الهشاشة الموجودة على الرغم من أنّ الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية التي دخلت على الخط من جديد، موضحة أنّ فرنسا يهمها استقرار لبنان الأمني والاقتصادي ولكن ليس لوحدها التي تقرر فهناك مجتمع دولي له "الكلمة العليا".