تطمينات سلامة انعكاس لأزمة.. ماذا عن ضبط الصرافين؟

يسيطر الدولار اليوم على الإقتصاد الوطني وعلى سيرورة حياة اللبنانيين الذين يسعون إلى تحويل أموالهم من الليرة اللبنانية إلى الدولار في ظل حديث عن نقص في السيولة الدولاريّة الأمر الذي زاد الطلب على العملة الأجنبية، فيما راح الصرّافون يتحكمون بسعر صرفه مقابل الليرة من دون أي إجراءات تحد من هذا الأمر، علماً أن سعر صرف الدولار وفق مصرف لبنان لم يتغيّر. غياب السيولة أيضاً كان واضحاً مع نشوب أزمة المحروقات لاعتراض اصحاب المحطات على شرائهم بالدولار وبيعهم بالليرة اللبنانية وما بينهما من فرق في سعر صرف الليرة وسط حديث عن نفاذ المحروقات لدى عدد من المحطات بسبب نفاذ السيولة الدولاريّة لديها. 

 

حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أراد حسم النقاش، فقال في مؤتمر صحافي إن الدولار متوفر في المصارف اللبنانية، متحدثا عن تضخيم إعلامي في هذا السياق دون أن ينفي وجود أزمة، وعزا ما يحصل في السوق المالية إلى سياسة كل مصرف. وقال إن موجودات مصرف لبنان بالدولار تفوق الـ38 مليار، مضيفاً أن "سعر صرف الليرة في المصارف هو واحد والاختلاف هو لدى الصرافين الذين لا يقومون بعمليات تحويل، و"الحديث عن سوق سوداء غير صحيح"، مشيرا إلى أنه "لا علاقة لنا بالأوراق النقدية بل بالعمل الذي يتمّ في المصارف وبالتحويلات التي تتمّ من الليرة الى الدولار".

 

 

الخبير الإقتصادي الدكتور محمد وهبي وفي حديث لـ"لبنان 24" علّق على تصريحات سلامة، سائلاً: "لو كانت هناك بالفعل سيولة بالنقد الأجنبي والدولار متوفر في السوق والمصارف تلبي الحاجات، لماذا تلجأ المصارف إلى الحفاظ قدر الإمكان على موجوداتها بالعملة الأجنبيّة، ووضع سقف للتحويلات من الليرة إلى الدولار، ووضع سقف للسحوبات بالنقد الأجنبي من المصارف؟

 

وردّ وهبي على سلامة الذي قال "إن سعر صرف الدولار ليس مسؤولية مصرف لبنان"، بالقول: "هذا ليس صحيحاً! بل من واجب المصرف المركزي التدخل مع الصرافين الذين يُعتبرون مؤسسة مالية إلى جانب مؤسسات مالية أخرى، ويمكنه فرض عدد من الإجراءات العقابية وإذا صح كلام سلامة فهذا مؤشر خطير، لكلام سلامة حيثيات، كيف للمركزي عدم التدخل كما يحصل في كل الأنظمة الليبرالية حول العالم؟ مصرف لبنان هو من يثبّت سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وقد دُفعت مبالغ هائلة من أجل ذلك".

 

ولفت إلى أن "هناك قرار دولي بالحفاظ على ديمومة الإقتصاد اللبناني والوضع المالي وكان ذلك واضحا سواء عبر الدفعة المالية المقدرة بمليار و400 التي دخلت إلى لبنان من مصرف "غولدمان ساكس" مؤخراً، أو من خلال الحديث عن وجود دعم مالي من السعودية الآن، كل ذلك هدفه الحفاظ على الوضع مستقراً".

 

وكشف وهبي أن سبب تراجع السيولة بالنقد الأجنبي هو القطاع السياحي الضعيف الذي كان قادرا على تأمين هذه السيولة في السابق، اليوم هناك غياب كبير للسيّاح وخصوصاً في المناطق السياحية كجبيل التي كانت تعج بهم في هذا الوقت من السنة، والسياح بأغلبيتهم اليوم لبنانيين، يدفعون بالليرة وليس بالدولار. سبب ضعف هذا القطاع يعود إلى غياب بنى تحتية قادرة على تثبيت ودعمه، إضافة إلى قطاعات أخرى. ولفت وهبي إلى أن الإقتصاد اللبناني قائم على القطاع المصرفي، السياحة والعقارات، واليوم بعد أزمة العقارات تراجعت السياحة بشكل كبير، وبقي القطاع المصرفي الذي هو أيضاً يتم التعرض له من خلال الحديث عن عقوبات أو انخفاض التحويلات من الخارج بشكل ملحوظ.

 

وهبي أشار إلى أن "عدة مصارف ومنذ أشهر وليس بالأمس فقط، تعتمد سياسة الحد من السماح بالتحويل من الليرة إلى الدولار، وضعت الألف دولار كحد أقسى سابقاً واليوم انخفضت أكثر. وبالتالي أي سلعة أو عملة عندما تنخفض ويزيد الطلب عليها سيرتفع سعرها.

لا شك أن لبنان يعيش أزمة إقتصادية قد تكون غير مسبوقة، فيما الوضع مرشح لمزيد من الإنفلات وسط أزمة ثقة بالليرة اللبنانيّة ظهرت جلياً في الآونة الأخيرة مع تهافت اللبنانيين على الدولار. أمّا الحل الذي يعول عليه فربما يكون مؤتمر "سيدر" الذي ما زل قيد الإنتظار رغم إعلان رئيس الحكومة قبل سفره إلى باريس أن مشاريع ستنطلق فور عودته لكن المفاجئة كانت بطلب باريس إصلاحات حقيقيّة.

 

ExtImage-7079116-779655808.jpg

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى