تعليمات وضوابط
حديث سلامة وإن كان دقيقاً بالمعنى الحرفي، غير أنه يخفي الكثير من الوقائع المعاكسة لما أعلنه لوكالة "رويترز". فمصرف لبنان بالطبع لم يفرض أي قيود "رسمية" على رؤوس الأموال، إلا أنه أعطى تعليماته للمصارف التي بدورها اجتهدت في تطبيقها من دون أي مواربة، ولا يمكن تفسير تلك التعليمات سوى بـ"قيود" وضوابط صارمة لضمان وتيرة حركة رؤوس الأموال، و"لجم" التحويلات المالية من لبنان إلى الخارج من جهة، ومن الليرة إلى الدولار من جهة أخرى.
زيادة المداخيل
وحسب أحد المصرفيين، فالمصارف لم تفرض الرسوم المذكورة على السحوبات المالية بهدف ثني المودعين وأصحاب الحسابات المالية عن سحب الدولارات وحسب، بل بهدف زيادة مداخيلها لتعويض بعض مصاريف المصارف، بعد تراجع أرباحها لعامين متتاليين وفرض المزيد من الضرائب عليها.
تبرير المصرفي في حديثه إلى "المدن"، وإن كان واقعياً، غير أنه يخفي المزيد من الإجراءات والرسوم التي من الممكن أن تفرضها المصارف لاحقاً على مودعيها وزبائنها، تعويضاً عما ستتكبّده من زيادة ضرائب عليها في المرحلة المقبلة، على غرار ما كان وارداً في الورقة الاقتصادية التي أعلنها رئيس الحكومة المستقيلة سعد الحريري، قبل إعلان استقالة الحكومة بهدف امتصاص غضب الشارع.
سقوف ورسوم
ولم تكتف المصارف بضبط عمليات التحويل وفرض رسوم على السحوبات بل تشدّدت أيضاً، تجاوباً مع تعليمات مصرف لبنان، بعمليات السحب اليومي والأسبوعي والشهري، إن بالليرة أو الدولار، وجرى تحديد السقوف حسب سياسة كل مصرف، وحسب قدرته على تأمين السيولة بشكل يومي. كما فرضت رسوم على الشيكات بالإضافة إلى بذل مجهود من قبل المصارف لتأجيل السحوبات الدولارية الضخمة، وسداد بعضها بموجب شيكات مسحوبة على مصرف لبنان.
كذلك حافظت المصارف على تأمين السيولة بالدولار لأصحاب الحسابات المعنونة بالدولار، من صناديق المصارف (الكونتوارات) وليس عبر الصرافات الآلية ATMs، وفق ما ورد في "المدن"، باستثناء عدد قليل جداً من المصارف، بينها بنك بيبلوس وبنك لبنان والخليج. واستمرت بتنفيذ الإجراءات التي اعتمدتها منذ بداية أزمة شح الدولار، أي قبل إقفالها عقب انطلاق الثورة بنحو شهر.