في أكثر من مناسبة، حاول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التقليل من أهمية ارتفاع السعر لدى الصرافين، عبر الإشارة إلى أن مجمل عمليات الصرّافين لا تمثّل "أكثر من 2% من حجم عمليات تحويل العملة في السوق". خلافاً لهذا الكلام، يعدّ هذا التطوّر خطيراً للغاية، لأن حجم العمليات لدى الصرافين الذي كان يقدّر بنحو مليوني دولار يومياً، وصل الآن إلى 8 ملايين دولار يومياً، وسبق أن بلغ 30 مليون دولار يومياً بعد استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري وإغلاق المصارف أبوابها. يعني ذلك أن حجم العمليات السنوية يتجاوز ملياري دولار بكثير إذا احتسبنا الحدّ الأدنى من العمليات على 250 يوم عمل.
أصل المقارنة بين حجم العمليات لا يعبّر عن الحقيقة في ظل امتناع المصارف عن تلبية الجزء الأكبر من الطلب على الدولار. فالأثر الناتج عن ارتفاع سعر صرف الليرة ليس مرتبطاً فقط بالطلب الفردي على الدولار، بل بات مرتبطاً أيضاً بالطلب التجاري الناتج عن الاستيراد، علماً بأن لبنان يستورد بقيمة 20 مليار دولار ويصدّر بقيمة 3 مليارات دولار، أي إن عجزه التجاري يبلغ 17 ملياراً عليه أن يؤمّنها بالدولار ليغطّي حاجة السوق من السلع بكل أنواعها. هذا يعني أن الشركات التي لا تجد تمويلاً من المصارف بسعر الصرف المحدّد من مصرف لبنان، ستلجأ إلى الصرافين. هذا التحوّل في عملية التمويل يفسّر أسباب ارتفاع سعر الليرة مقابل الدولار بعد انكفاء مصرف لبنان والمصارف عن تمويل الاستيراد بالدولارات. يومها انفجرت أزمة المشتقات النفطية والقمح والدواء وطالب المستوردون بالحصول على الدولارات بالسعر المحدّد من مصرف لبنان أو برفع الأسعار المحدّدة من الدولة لأن عناصر تسعيرها لا تتضمن تقلّبات سعر الصرف.
بهذا المعنى، فإن حجم العمليات لدى الصرافين بقيمة 8 ملايين دولار يومياً بات يمثّل 11.7% من عجز الميزان التجاري البالغ 17 مليار دولار (حجم العمليات محسوب على أساس 250 يوم عمل). وإذا عزلنا الأثر الناتج عن تمويل مصرف لبنان المشتقات النفطية والقمح والدواء بالدولار بالسعر الرسمي المعلن، أي ما قيمته 6 مليارات دولار، فإن حجم عمليات الصرافين يرتفع إلى 18% من العجز التجاري.
لقراءة المقال كاملاً إضغط هنا.