خبر

عرقلة الحريري: أين العهد من “الانقلابيين”؟

بينما يراهن معظم الأفرقاء السياسيين على تزخيم المساعي لتجاوز المطبات والتعقيدات التي تعترض ولادة الحكومة الجديدة بعد عطلة عيد الأضحى وعودة الرئيس المكلف سعد الحريري الى بيروت من اجازة خاصة في الخارج، فإن المعطيات التي تتكشف تباعاً عن أزمة تأليف الحكومة لا توحي اطلاقا بأن مهمة الحريري ستكون أقل صعوبة منها في الأشهر الثلاثة الاولى لمهمته. بل أن الكثير مما انكشف في الأسبوعين الأخيرين بات يشكّل نذير تصعيد يستهدف الرئيس المكلف نفسه أولاً مهما تلونت الذرائع والحجج التي يطرحها المعرقلون الحقيقيون لعملية انقاذ الاستحقاق الحكومي والذين يصورون الأمر بأنه ردّ فعل على تضخيم احجام وحصص وزارية لأفرقاء معينين وتحديداً الحزب التقدمي الاشتراكي و”القوات اللبنانية”.

ولعل التطور المهم الذي برز من خلال التطورات الأخيرة تمثل في انكشاف “وحدة الهدف” التي تكمن وراء تصعيد حاد استهدف الحريري والاشتراكي و”القوات” من جهات متعددة ولكن دفعة واحدة وبعناوين مختلفة الأمر الذي يكشف واقعياً أن بعداً اقليمياً طارئاً أملى على حلفاء النظام السوري في لبنان مستقوين بالعهد العوني الاندفاع نحو مرحلة جديدة تحمل مؤشرات التهديد بخطوات انقلابية ما لم يرضخ الرئيس المكلف وحلفاؤه (الاشتراكي و”القوات” ومستقلون) لأمر العمليات الجديد الذي يوجب تقديم ملف التطبيع مع النظام السوري على كل الملفات الداخلية والا بدأت عملية اجهاض مهمة الحريري. ومع أن هذه الأهداف المكشوفة للتصعيد الذي بدأ منذ أيام تبدو واضحة للجميع ولم تعد خافية على أي متابع فإن جهات سياسية معنية بالأزمة قالت لـ”النهار” إن الامتحان الجدي للخطوط الحمر التي وضعت لدى انطلاق مهمة الحريري سيكون في الأسبوع المقبل بل بدءاً من نهاية هذا الأسبوع مع الخطاب الجديد الذي سيلقيه الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في الهرمل حيث سيقيم الحزب مهرجاناً للاحتفال بمرور سنة على تحرير جرود عرسال ورأس بعلبك من الجماعات الارهابية. وأوضحت الجهات نفسها أن ثمة معطيات متناقضة عن السقف الذي سيحدده نصرالله لحزبه وحلفائه من عملية تأليف الحكومة وما بلغته من تعقيدات، وزاد هذا التناقض الخرق الكبير الفادح لسياسة النأي بالنفس الذي أقدم عليه الأمين العام للحزب عمداً باستقباله العلني لوفد من الحوثيين قبل أيام. فاذا كان هذا التطوّر سيشكّل عنوان سلوك الحزب في المرحلة المقبلة، فإن ذلك يعني توقّع تصعيد اضافي منه حيال كل مجريات الواقع الداخلي، علماً أن حملة الحزب للعلاقات الطبيعية مع النظام السوري لا تقل تركيزاً وتكثيفا عن حملات حلفائه الآخرين.

وتخشى الجهات المعنية ان يكون “التيار الوطني الحر” بدأ التوغل بعيداً في تصفية حسابات سياسية مع الاشتراكي و”القوات” لا مبرر لها سوى تحجيمهما في الحكومة تحت ذرائع مختلفة، فيما حقيقة الدوافع تخدم الاندفاع نحو فرض “التطبيع” مع النظام السوري شرطاً لتسهيل تأليف الحكومة. وحذّرت من أن مضي “التيار” في تصعيد الموقف بات يشكل علامة ريبة كبيرة في ما اذا كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يمهد بدوره لموقف ما من أزمة التأليف بما يضع العلاقة بينه وبين الرئيس المكلف على محك حسّاس وجدي غير مسبوق منذ نشوء التسوية التي جاءت بالرئيس عون الى قصر بعبدا. وتساءلت الى متى سيسمح العهد بأن تتبدل الأولويات التي اتفق عليها مع الحريري في موضوع تشكيل الحكومة وهل باتت كلمة حلفاء النظام السوري واملاءاتهم هي دفتر الشروط الجديد؟