انطلق مؤتمر الطاقة الاغترابية في أبيدجان، بعد توافد عدد من رجال الأعمال والمشاركين من الجالية اللبنانية.
وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل لم يحضر المؤتمر شخصياً، وتضاربت المعلومات حول ما اذا بقي في فرنسا أم أنه وصل الى أبيدجان لكنه لم يشارك شخصياً في المؤتمر؛ الا أن الأكيد أنه توجّه الى الحضور من الجالية اللبنانية عبر الشاشة بالقول: "غيابي هو خشية تعرضكم للأذية، وأنا لا اقبل اذى جسدياً يصيب اي منتشر واذى معنوياً يصيب الانتشار ككل".
وأضاف: "المهم هو انعقاد مؤتمرنا دون ان يتمكن احد من منعه"، وتابع: "عملت معكم على توحيد الانتشار ونلتقي وقد لبيت طلبكم لعقد المؤتمر في ابيدجان".
وجاء في كلمته: أعتذر منكم لعدم حضوري اليوم المؤتمر الإقليمي الثاني لقارة إفريقيا والثامن على مستوى العالم، والغياب هو لخشيتي من تعرض مؤتمرنا للأذى نتيجة أعمال تخريبية قد تقع وفق المعلومات التي ترد الينا، والخشية ليست من التعرض لسلامتي الشخصية وهو أمر أنا معتاد عليه، بل على أشخاصكم، وهو ما لا أرضى أن يسببه وجودي لكم.
وفي معرض ما حصل في الأيام الماضية نستذكر سماحة الأمام موسى الصدر عندما قال:"طالما أن التهجم علي شخصياً لا يمس سلامة المسيرة بشيء فلا داعي للتشنج بل سيبقى وقتي في بذل الجديد والمزيد من الخدمات فذلك حسبي.... وحسبي الله ونعم الوكيل".
أفهم المرارة عندكم من عدم وجودي الجسدي بينكم الآن وهي عندي كبيرة، ولكني فكرت ملياً بعد أن قطعت المسافة اليكم بأني لا أقبل أذى جسدي يصيب أي منتشر منكم، ولا أقبل به معنوياً للإنتشار ككل. هذا الإنتشار الذي أدركت أهميته وثروته منذ بدء عملي السياسي، ورأيت تفتته وإهماله عند إستلامي وزارة الخارجية والمغتربين، فلم أرض أن أتعاطى مع إنقسامه الى ثلاث جامعات ثقافية عالمية، ولم أقبل بشرعية أي منها، بل عملت معكم على توحيدها، ووحدنا عملنا الإغترابي من خلال إطار ال LDE.
نلتقي وقد لبيت طلبكم بعقد المؤتمر في أبيدجان مع علمي بخصوصيتها وتنبيه الكثيرين لي سابقاً من مخاطر إنعقاده فيها، المهم أن مؤتمرنا ينعقد اليوم في ابيدجان دون أن يتمكن أحد من منعه، وليس الأساس حضوري أنا فال LDE هي انتم وأنا واحد من آلاف منكم. (ويجب أن نكرس معاً فكرة أن ال LDE يجب أن تستمر وتتمأسس).
إخواني المنتشرين،
أنا موجود معكم اليوم بفكري، وموجود معكم الآن بكلمتي، وموجود معكم من خلال كل دبلوماسي واجه الضغوط وغلَب وطنه على حزبه فحضر، وموجود معكم من خلال فريق عملي الذي غلبت شجاعته على خوفه فحضر، وموجود معكم من خلال كل معلن وداعم غلبت مصلحته العامة على مصلحته الخاصة فحضر، ومن خلال كل مشارك في المؤتمر غلب لبنانيته على طائفته فحضر. أنتم أبطال لبنان وأبطال إنتشاره حضرتم بالجسد وأنا حضرت معكم بالكلمة والعمل.
أنا حاضر معكم في كل قلم إنتخابي سيفتح، وفي كل صوت إغترابي سيعلو، وفي كل ورقة إنتخاب ستسقط في الصندوق، معنا أو ضدنا لا هم، إنما ستعبر عن رأيها لأول مرة في تاريخ لبنان، وآسف لأني لم أنجح في تمديد فترة تسجيلكم لكي يتمكن عشرات الآلاف منكم من الإقتراع، لكنهم سيفعلون في الدورة المقبلة.
أنا حاضر معكم مع كل نائب للإنتشار سينتخب لأول مرة في تاريخ لبنان، وآسف أنها لن تكون هذه الدورة بل التي تليها.
أنا حاضر في كل جنسية مستعادة للبنانية او لبناني أصيل حُرم منها عشرات السنين، فأعطاه إياها قانون إستعادة الجنسية أخيراً، وفي كل فائدة مخفَضة للبناني مستثمر حُرم منها في السابق فأعطاه إياها مصرف لبنان مؤخراً.
أنا حاضر بينكم في كل جهد ستضعونه مجتمعين من أجل بناء البيت اللبناني-الأفريقي، وفي إنشاء الصندوق اللبناني الإغترابي LDF، المنوي إنشاؤه للإستثمار اللبناني العالمي.
أنا حاضر بينكم في ما أنشأنا من إتحاد غرف التجارة والصناعة وفي الجمعية الطبية اللبنانية العالمية ALMA، وفي الإنشاء المزمع قوننته للمجلس الوطني الإغترابي مأسسةً للإنتشار اللبناني.
أنا حاضر بينكم عبر كل تواصل تجرونه من خلال Lebanon connect أو diaspora ID وغيره لاحقاً، وعبر كل مؤتمر طاقة إغترابية ستعقدونه في لبنان أو الخارج من الآن الى عشرات السنين.
أنا حاضر بينكم في شوق كل منتشر، وفي تنهيدة كل أب، ودمعة كل أم، وألم كل مهاجر، وفي طاقة كل ناجح ضاقت عليه مساحة وطنه فرصاً فوجدها ضمن حدود لبنان العالمية.
أنا حاضر بينكم في مفهوم اللبنانية lebanity/libanite الذي أنشأناه معاً وهو رابطة إنتمائنا وهويتنا التي هي رسالة حضارية أرساها آباؤنا منذ سبعة آلاف سنة وهي تقوم على أربعة أسس:
التواصل: فالأبجدية التي أوجدها أجدادنا الكنعانيون والفينيقيون ألهمت العالم ووصلته ببعضه باللغة بدل الحركة.
كنا نحن آباء اللغة العربية عبر اليازجي والمعلوف عندما كانت الثقافة العربية محل إضطهاد،
وكنا نحن رواد الفن والمسرح والسينما عبر سليم وبشارة تقلا ويوسف شاهين أبان التسلط الفكري،
وكنا نحن الرابطة القلمية عبر جبران ونعيمة وأبو ماضي في عز القمع وخنق الحريات،
ولا زلنا نحن من يعمل لوصل اللبناني في الوطن والإنتشار عبر فكر لبناني صافٍ.
البناء: فالمراكب القادرة على الإبحار بعيداً التي بناها أسلافنا أطلقت التجارة العالمية،
كنا نحن من إنطلق من مدن عابقة بالحضارة كصور وصيدا وجبيل
وكنا نحن من أطلق ورشة بناء المدن في الساحل المتوسطي لأوروبا وآسيا وأفريقيا،
وكنا نحن من بنى المقدسات في القدس ومدرسة الحقوق في بيروت وقرطاج في تونس
ولا زلنا نحن من ترك بصماته في كل مدينة تحت نور الشمس أو ضوء القمر أكان في الجزيرة العربية أو أفريقيا أو أوروبا أو استراليا أو الأميركيتين.
الثقافة: فالعلمُ الذي إكتسبه أوائلنا نَوَّر العالم تنوعاً،
كنا نحن مبدعي التكنولوجيا والعلوم عبرحسن كامل الصباح وحسن رمال وشارل العشي،
وكنا نحن ماهري الطب عبر براين مدور ومايكل دبغي وجيمس الزغبي،
وكنا نحن صانعي السياسة في الدول اللاتينية والأميريكية والأوروبية، رؤساء ونواب ووزراء وحكام ومحافظين،
ولا زلنا نحن نجوب العالم برجال أعمال ككارلوس سليم وكارلوس غصن وبمحامين كرالف نادر، وبفنانين كسلمى حايك وشاكيرا وغبريال يارد، وبمفكرين كجلال خوري وبمصممي أزياء كأيلي صعب وزهير مراد وريم عكر ومصممي مجوهرات كشاتيلا ومعوض، وبآلاف اللبنانيين ينشرون ذوقاً وإبداعاً.
السلام: فثقافة السلام والحوار التي نبتت في جيناتنا جعلت منا شعباً لم يعتد على أحد، فما كنا يوماً محتلين أو مستعمرين،
كنا من عانى من الإحتلال والعبودية من النفوذ الفرعوني والفارسي واليوناني والروماني والصليبي والعثماني،
وكنا من دحر الإنتداب الفرنسي وسحق الإحتلال الإسرائيلي وغلب الوصاية السوري
ولا زلنا الوطن الذي تحطمت مؤخراً على صخرة وحدته الوطنية كل التدخلات الخارجية.
نحن من ساهم بوضع شرعة حقوق الإنسان مثالاً لإحترام التنوع والتمايز، فنحن شعب لا يريد إلا السلام ولم نقبل بالحرب إلا عندما فرضت علينا فكنا لها وانتصرنا.
إسألوا جنوبنا وبقاعنا وعاصمتنا وصخورنا في جبل عامل وأسألوا شهداءنا في سهول الخيام ومرج الزهور والحاصباني، وأستمعوا الى زغاريد نسائنا في وداع الشهداء وفي إحتفالات النصر.
أيها المنتشرون،
صحيح أن إفريقيا عزيزةً على قلوبنا جميعاً ونحن لها ممنونين، إستقبلتنا لإستكشاف فرص النجاح فيها ونجحنا. لم نهرب من واجباتنا تجاهها ولن نهرب من الأذى الصهيوني اللاحق بنا الى هنا بل سنواجهه بنجاحنا وبمساعدة الدول المضيفة لنا وبرعاية بلدنا الحبيب لبنان.
سنعّين لكم ملحقين إقتصاديين لمساعدتكم على المواجهة، وقناصل فخريين لمساعدتكم في التواصل ولكن وحدتنا تبقى هي الأساس وسنبقى نحن إلى جانبكم لننتصر وإياكم.
أيها المنتشرون،
إن لبنانيتنا هي في فرادتنا بالعيش معاً شركاء متناصفين، وفي فهم شعور الآخر دون أن نتفهم لزاماً كيفية تصرفه، للأسف أننا نجرح شعور بعضنا البعض أحياناً، لكن يبقى الأمل في ألا يمس تصرَفنا بوجود الآخر.
كما أن لبنانيتنا هي في تساوينا مع بعضنا، فنحن كلنا بشر سواسية، لا آلهة بيننا ولا يجوز تسلط أحد منا على الآخر، وطبعاً لا لتسلط أي منا على القانون والدستور، وقد جرَّب كل منا التسلَط الآحادي على الآخرين ففشل، فلا يجرَبنا أحد تسلطاً جديداً محكوم بفشل جديد.
ولبنانيتنا تفرض علينا أن نبني دولة لا خوَّة فيها بل أخوَة في المساواة والفرص، لا تزلُم فيها بل رجالات دولة، لا إستعلاء فيها إلا عزة الوطن علينا، لا دكاكين فيها بل مؤسسات في خدمة المواطن المقيم والمنتشر، ولا رعايا فيها بل مواطنين متعادلين ومتشاركين في صنع مستقبل وطنهم.
أيها المنتشرون،
نعتذر منكم على كل ما لم نستطع تحقيقه لكم بعد، ولكن من يعتذر منكم ومنا على ما سبق من سنين ضائعة؟
أعذروني إذا آمنت باللبنانية وأعتبرت لبنانيتي فوق طائفتي، وأعذروني إذا كان حبي لهذا الوطن أقوى من حبي لعائلتي، وأعذروني إذا كان حلمي بلبنان قوي هو أقوى من طموحي.
عهدي لكم أنكم باقون في ضميري وعقلي وقلبي، ولا تعذروني أبداً إذا تخليت عنكم يوماً، أو إذا أعليت على لبنانيتي أي شأن آخر.
أخبار متعلقة :