خبر

لبنان أمام أسبوع حاسم … استمرار “الحرب الباردة” أو المواجهة

انطلق في بيروت أسبوعُ تحديدِ الخيط الأبيض من الأسود في أزمة تشكيل الحكومة الجديدة وتظهير إذا كانت المراوحة ضمن الدائرة المقفلة ستبقى في إطار “‏الحرب الباردة” أم ستنتقل إلى مرحلة المواجهة التي تستحضر مختلف عناصر الصراع ‏الذي تفجّر على تخوم الملف الحكومي.

فمن إطلالة الأمين العام لـ“حزب الله” حسن نصر الله إلى الكلام الآخَر المرتقب لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون ابتداءً من السبت المقبل، أسبوعٌ سيُبَلْور اتجاهات الريح في إدارة أزمة تأليف الحكومة المفتوحة منذ أيار الماضي والمرشّحة لمزيد من الفصول “الخشنة” في ضوء تشابُك التعقيدات الداخلية والخارجية كـ”خيوط العنكبوت”.

وخَضَعَ كلام نصر الله بشقّيْه الداخلي والخارجي لعملية “تحليلٍ” حول ارتداداته على مجمل الواقع السياسي والحكومي في لبنان، ولا سيما أن إطلالته هي الأولى بعد تَعمُّد “حزب الله” كشْف استقبال أمينه العام وفد الحوثيين، في خطوةٍ اعتُبرت “طعنةً” لقرار النأي بالنفس الذي ارتكزت عليها التسوية السياسية مع تحييد الملفات الخلافية وفي مقدّمها الأزمة السورية، واستدرجت شكوكاً خليجية حيال قدرة بيروت على حماية استراتيجية عدم زجّ البلاد “في فوهة” لعبة المَحاور.

وما جعل مواقف نصر الله تكتسب أهمية خاصة أنها جاءت في الطريق إلى “تدشين” عون بعد الأول من أيلول قواعد جديدة للعبة تشكيل الحكومة من بوابة وضْع الرئيس المكلف سعد الحريري أمام خياريْن: إما تقديم تشكيلة تُراعي نتائج الانتخابات النيابية، وإما الاعتذار مع بقاء إمكان معاودة تكليفه بموجب الاستشارات النيابية الجديدة قائماً.

وتُراوِح الخطوات العملية المرتقبة لرئيس الجمهورية بين 3 خطوات متدرّجة: استقبال الحريري لإبلاغه بأن استمرار المراوحة لم يعُد ممكناً وأن ولادة الحكومة باتت أكثر من ضرورية وفق “الفذلكة الدستورية” لأحد أركان الفريق العوني وزير العدل سليم جريصاتي، ومصارحة اللبنانيين بمكامن العرقلة والتعقيدات عبر إطلالة رئاسية، وتوجيه رسالة رئاسية الى البرلمان.

وحسب أوساط سياسية، فإن مجمل هذا المسار سيكون في سياق الضغط التصاعُدي على الرئيس المكلف وإن تحت سقف الاقتناع لدى قوى “8 آذار”، أقله حتى الساعة، بأن لا بديل من الحريري وذلك لاعتباراتٍ تبدأ بعدم الرغبة في إشعال توترات سياسية تتخذ أبعاداً طائفية ومذهبية ومن شأنها “تلطيخ” ما يعتبره هذا الفريق “انتصاراً” حقّقه في الانتخابات وفي مجمل الوضع الداخلي عبر إظهاره عاجزاً عن ترجمة انتصاره بحفظ الاستقرار، ولا تنتهي بالسعي لتفادي استفزاز المجتمع الدولي وتجنُّب حكومة لونٍ واحد تضع “حزب الله” ومعه لبنان وجهاً لوجه أمام “العاصفة” الآتية من بوابة العقوبات الأميركية المرتقبة على إيران وعليه.

وفي رأي هذه الأوساط، أنّ تسليم الحريري بمنطق حكومة نتائج الانتخابات وفق مفهوم فريق عون و”حزب الله” يعني تقديم تشكيلة تصبّ توازناتها بشكل “نافر” لمصلحة “8 آذار” مع تهميش الرئيس المكلف وحزبيْ “القوات اللبنانية” و”التقدمي الاشتراكي” لاعتباراتٍ تتصل بإحكام السيطرة على الإمرة داخل الحكومة بعد البرلمان والتحكم بالمسار الاقليمي للوضع اللبناني، في حين يحمل طرْح الاعتذار ثم معاودة التكليف بذور محاولة لجعْل الحريري أسير شروط التشكيل نفسها ولا سيما ان الغالبية البرلمانية “في جيْب” قوى “8 آذار”.

وتشير الأوساط إلى أن الحريري الذي سيكون له كلام مهم خلال اجتماع كتلته البرلمانية الثلثاء يعي تماماً “حقل الأفخاخ” الذي يسير فيه، معتبرة أن الرئيس المكلف الذي يرفض أي مساس بصلاحياته أو الالتفاف عليها عبر إقحام البرلمان في عملية التأليف، ولو من باب الضغط المعنوي، ليس في وارد أي تراجُعات باتت تقارب المساس باتفاق الطائف وتعريض مكانة لبنان الخارجية، ويُحاذر حتى تقديم أي صيغة مكتوبة لتشكيلةٍ لا يضمن التوافق حولها خشية “كمين” قد يُنصب لجعلها تسقط في امتحان الثقة أمام البرلمان، وتالياً إدخال الرئيس المكلف في معمعة إعادة التكليف.

وكان لافتاً كلام لزعيم “التقدمي الاشتراكي” النائب السابق وليد جنبلاط الذي يستشعر وجود محاولة لمحاصرته وإيجاد “دفرسوار” داخل طائفته عبر رسْم رئيس الجمهورية خطاً أحمر أمام حصْر التمثيل الوزاري به، إذ أكد أنه ليس خائفاً من مواجهة التحديات في المرحلة المقبلة، مذكراً بـ“ظروف سياسية وعسكرية أكثر صعوبة وتعقيدا ولم ننكسر. واليوم، كم هو مستغرب التركيز أننا نحن مَن يعرقل تأليف الحكومة الجديدة… فحبذا لو نحافظ على الطائف، نطبقه، ونطوره بإنشاء مجلس الشيوخ”.

وكشف أن وفد الحزب الذي توجّه الى موسكو قبل مدة “طلب التدخل الروسي لحماية الموحدين الدروز في جبل العرب، وعدم استخدامهم في معركة إدلب من دون أن يعني ذلك أي تفكير بإقامة كانتون درزي، فالعرب الدروز جزء من النسيج الوطني السوري، وإذا توفرت صيغة لحماية الجبل من ضمن وجودهم في الجيش السوري، كما حصل مع “قسد”، (قوات سورية الديموقراطية الحليفة للولايات المتحدة في قتال داعش)، فلا مانع من ذلك”، ومكرراً رفْض التطبيع مع النظام السوري بالشكل والمضمون.