خبر

هل يَنْتزع لبنان حكومته الجديدة من “فم” التدافع الخشِن في المنطقة؟

هل يَنْتزع لبنان حكومته الجديدة من “فم” التدافع الخشن في المنطقة التي تبدو مياهُها الساخنة، من المتوسط الى الأحمر، على عتبةِ انفجارٍ يلوح على شكلِ تحذيراتٍ وتهديداتٍ واستعداداتٍ تحوم فوق البحر والمَضائق وتُرْخي بظلالها الثقيلة على إدلب وأمكنة أخرى، وربما تهبّ على جنوب لبنان، ولو بعد حين؟

هذا السؤال “قفزَ” أمس إلى واجهة المسرح السياسي في ضوء حركة الاتصالات الماراثونية التي أطلقها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري والتي سادت أجواءٌ توحي بإمكان أن تسمح بالإفراج عن تشكيلةٍ تنُهي المأزق المتمادي منذ 24 مايو الماضي، رغم الشكوك التي تُبْديها بعض الأوساط حيال الحصيلة المتوقَّعة للحِراك المتجدّد.

وفيما تردّد أن مرتكزات “الهبة الباردة” تستند إلى تسهيلاتٍ قدّمها حزب “القوات اللبنانية” بقبوله بأربعة وزراء من دون حقيبة سيادية ولا وزارة دولة وإلى مرونةٍ أبداها زعيم الحزب “التقدمي الاشتراكي” حيال قبوله بأن يتمثّل بوزيريْن درزييْن “صافييْن” وثالث يشترك بتسميته مع رئيس البرلمان نبيه بري والحريري، فإنّ الساعات المقبلة ستكون كفيلة بإثبات مدى استجابة الجميع ولا سيما “التيار الوطني الحر” لمشروع التشكيلة التي يتم العمل عليها، هو الذي كان يعاند أي صيغة لا تعتمد المعيار الواحد ارتكازاً على نتائج الانتخابات ويحاول الحصول على الثلث زائد واحد.

وساد مناخٌ الخميس بأن محاولة الحريري استيلاد الحكومة من خلف ظهر قرقعة السلاح في المنطقة وبتوازناتٍ تُطَمئن المجتمعين العربي والدولي الى أن لبنان لم يستسلم للقبضة الإيرانية، هي أشبه بـ “الفرصة الأخيرة” قبل استفحال المأزق وربما تَطايُر شظاياه في أكثر من اتجاه سياسي ودستوري كانت عبّرت عنه حال الاستقطاب المعلن والمكتوم في لحظة بلوغ الواقع المالي والاقتصادي مرحلة بالغة الدقة، إلى جانب استشعار غالبية الأطراف بوطأة الاحتدام في المنطقة الذي ربما يجعل بعض قوى الداخل “حزب الله” تفضّل خيار “الاحتماء” بمظّلة حكومةٍ جامعة.

وجاء هذا المناخ المفاجئ في غمرة تَحَوُّلِ المتوسّط مرْتعاً لحركةٍ متقابلةٍ من الأساطيل الحربية والمناورات العسكرية التي تَجري “على مرأى” من لبنان الذي كان غارقاً في لعبة انتظار و”مناوراتٍ سياسية” على جبهة تشكيل الحكومة أوحتْ بأن مِن الصعب الإفراج عنها قبل اتّضاح اتجاهاتِ الريح في المنطقةِ المربوطةِ بصاعقِ المواجهة المتصاعدة الأميركية – الإيرانية، ولا سيما في ظل الاستحضار الدائم للكلام المبكّر الذي أطلقه قائد “فيلق القدس” في “الحرس الثوري” الإيراني الجنرال قاسم سليماني عن ضرورة قيام “حكومة مقاومة” في لبنان، وما استتْبَعَه من تَشَدُّدٍ دولي – إقليمي في مواجهة الجنوح الإيراني نحو تشديد القبضة على لبنان.

كما أن “الدينامية” الجديدة التي أطلقها الحريري، الذي كان استقبل رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع ثم موفدين من بري وجنبلاط، أتتْ تحت سقف صموده أمام الضغوط لِحَمْلِهِ على تشكيلِ حكومةٍ بشروطٍ تضمر الانقلابَ على التسوية السياسية التي أنهتْ الفراغ الرئاسي قبل نحو عامين أو الاعتذار، وذلك عبر إمساك فريق عون (مع التيار الوطني الحر) بالثلث زائد واحد في الحكومة و”قبْضه” مع “حزب الله” على أكثرية الثلثيْن.

وفي موازاة ذلك لم يَخرج من دائرة الاهتمام الموضوع الخلافي المتّصل بالتطبيع بين بيروت والنظام السوري كما معاودة وصْل ما انقطع بين بعض القادة اللبنانيين ودمشق وذلك من بوابة تطورين شهدتْهما الساعات الماضية:

– الأوّل ما كشفه نائب رئيس البرلمان ايلي الفرزلي من أن “ترتيب اللقاء بين الرئيس برّي والرئيس السوري بشار الأسد وارد في كل لحظة”، وهو الكلام الذي اكتسب أهميته في ضوء ما يدور في الكواليس من همْسٍ عن مساعٍ يبذلها بري بطرق عدة لـ”إعادة الدفء” الى علاقته بالنظام السوري بعد “انقطاعه” عن التواصل معه على مدار الأزمة السورية الأمر الذي تَسبّب باستياء سوري.

– والثاني موقفٌ للسفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبكين أطلقه بعد زيارته وزير الخارجية جبران باسيل، إذ قال: “إننا بحثنا قضية عودة النازحين في ضوء المبادرة الروسية وتأسيس اللجنة المشتركة لهذا الهدف… وأشرتُ لضرورة التواصل السوري – اللبناني في هذا المجال لمصلحة شعبي البلدين”، متوقعاً أن “يتم تشكيل اللجنة في الأيام المقبلة”.