نظمت رابطة قنوبين البطريركية للرسالة والتراث اللقاء الثقافي السنوي في الكرسي البطريركي في الديمان، برعاية وحضور البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي وبمشاركة مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، المطارنة مطانيوس الخوري، جوزيف نفاع، يوحنا رفيق الورشا، والنائب جورج عطالله وحشد من المهتمين.
عرب
افتتح اللقاء أمين النشر والاعلام في رابطة قنوبين الزميل جورج عرب، مشيرا الى “وجهي اللقاء الروحي والثقافي، أما الروحي فالمتمثل بكون السنة سنة مريم ام الله المكرمة لدى المسيحيين والمسلمين. والثقافي المتمثل بتأسيس بيت الذاكرة والاعلام لاحتضان العمل الثقافي التاريخي المتسع والمتصل بتراث الوادي المقدس، وباصدارات صيف 2018 الكتابية”.
مارينا ضلي حكينا
بعد ذلك قدمت أوبيرات سنة مريم بعنوان: “مارينا ضلي حكينا”، كلمات جورج عرب، ألحان فؤاد فاضل، انشاد جيسي جليلاتي وأنطونيو شعيا تقدمة انطوان بخعازي وعائلته. وقد القى نجله انطوني كلمة باسم العائلة أكد فيها “استمراره في مسيرة خدمة الكنيسة وقنوبين عن والديه اللذين غابا لاسباب صحية”.
ضو
ثم تحدث الاباتي أنطوان ضو في “بيت الذاكرة والاعلام” وقال: “ان عملنا في رابطة قنوبين يتخذ بعدا جديدا واسعا من خلال المركز الجديد بيت الذاكرة والاعلام”.
أضاف: “هذا البيت الذي لحظه مشروع المسح الثقافي الشامل لتراث الوادي المقدس وتحققه رابطة قنوبين للرسالة والتراث، هو مركز علمي جديد متخصص بتراث الوادي المقدس.هدفه جمع هذا التراث من خلال تصوير المخطوطات والوثائق الموجودة في الشرق والغرب. وجمع كل المراجع عن هذا الوادي، وأعلامه تعزيزا لمسيرة التجدد والنهوض”.
وتابع: “ان من اولويات بيت الذاكرة والاعلام الاضاءة على التراث المسيحي المشترك والتراث المسيحي الاسلامي المشترك لتعزيز حوار الحضارات والثقافات والاديان ولا سيما الحوار المسيحي الاسلامي لان لبنان هو جبل التآخي المسيحي الاسلامي”.
وأشارالى أن “هذا اللقاء السنوي هنا المسيحي – الاسلامي التاريخي في الديمان، هو صفحة مجيدة من تاريخ العلاقات المسيحية الاسلامية والعيش المشترك والوحدة الوطنية. انه لقاء من صنع الله، وبمبادرة طيبة من غبطة ابينا البطريرك الراعي للقاء بأخيه سماحة الدكتور الشيخ مالك الشعار مفتي طرابلس والشمال للتأكيد على أهمية العمل المسيحي الاسلامي المشترك والانتقال من التاريخ الى صنع التاريخ”.
تبع ذلك عرض وثائقي عن البيت بين خرائطه وموقعه في نطاق حديقة البطاركة وآليات فريق العمل فيه.
الأيوبي
وألقى كلمة المفتي الشعار ألقاها ممثله الدكتور هاشم الأيوبي وقال: “شرف وسرور كبير أن اكون بينكم على ضفاف هذا الوادي المقدس، وادي قنوبين ممثلا لصاحب السماحة الشيخ الدكتور مالك الشعار الواصل متعبا من رحلة الحج والذي يهديكم أحر سلاماته”.
أضاف: “هذا الوادي الذي يصل قمم جبال لبنان بسهوله وسواحله رمز ليس فقط لتواصل الطبيعة في لبنان وإنما لتواصل أهل لبنان وشعب لبنان ومواطني لبنان. كنت هنا قبل نصف قرن في الوادي أستاذا في ثانوية بشري وكنت أنزل كل أسبوع الى هذا الوادي مع أصدقائي حيث سكنت سنة كاملة نزور هذا الوادي وننهي رحلتنا بزيارة الحبيس. وبذلك فإن لهذا الوادي في قلبي نبضا معينا وأثرا مهيبا”.
وتابع الأيوبي: “عندما سافرت الى ألمانيا وقضيت خمس عشرة سنة هناك، كنت في لجنة الحوار الإسلامي المسيحي وكنت أدعى الى محاضرات حول العيش في لبنان الواحد بين المسلمين والمسيحيين. وكان كبار السن هناك يقولون لي إنه حتى الحرب العالمية الثانية لم يكن يسكن في قرى ألمانيا الكاثوليكي والإنجيلي في قرية واحدة فقلت لهم أنا من قرية صغيرة في الكورة يسكن فيها الماروني والمسلم السني كعائلة واحدة منذ مئات السنين ونسمي بعضنا عمي فلان وعمتي فلانة”.
وقال: “نحن لا نعرف قيمة هذا الكنز إلا عندما نكون في الخارج هذا الكنز الذي يحرص صاحب الغبطة وصاحب السماحة على إعطائه وعدا ثقافيا أساسيا عن طريق هذه اللقاءات وهذه الجمعيات. هذا الكنز الكبير الذي علينا أن نحافظ عليه بفهمنا الحقيقي لروح الدين هكذا فهم صاحب السماحة الدين الإسلامي “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” فهم الدين الإسلامي دين تواصل، دين حوار، دين تلاق “إن أكرمكم عند الله أتقاكم ليس أغناكم وليس أقواكم إنما أتقاكم وجعلناكم شعوبا وقبائل لتتعارفوا لا لتتقاتلوا وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم”.
أضاف: “هذه الرسالة التي تقومون بها يا صاحب الغبطة مع صاحب السماحة نجلها ونعتبرها أمانة عندنا لأنها تقوم على تأسيس حقيقي للبنان الذي لا يعرف التعصب الذي يعرف الإيمان الحقيقي الذي هو نقيض للتعصب ونقيض للتطرف إنهم يحاولون ان يشوهوا روح الدين أحيانا وخصوصا نحن المسلمين نشعر أان هناك من يحاول أن يلصق بنا صفة التطرف وصفة الإرهاب، هذه الصفة المناقضة تماما لروح الإسلام ولروح الإيمان الحقيقي وهذا ما يريده صاحب السماحة وصاحب الغبطة بالتعاون معا أن يكرسا هذه الحقيقة في لبنان الذي نريده وطنا واحدا لشعب واحد لرسالة واحدة كما قال قداسة البابا قبل هذا اليوم”.
وتابع الأيوبي: “صاحب الغبطة بإسم صاحب السماحة أنقل لكم كل التقدير لهذا اللقاء لهذه الخطوات في الرجوع الى تاريخنا المشترك الى قيمنا المشترك ومعنا المطران بو جودة الذي نحييه والذي يعرف أن في قريتنا النخلة قبل خمسة أعوام كان هناك إحتفال بمرور مئة سنة على تشييد كنيسة مار نهرا وكانت الدعوة الى الإحتفال من لجنة مسجد النخلة مسجد صلاح الدين بحضور صاحب الغبطة وصاحب السماحة. فعندما تدعو لجنة المسجد في قرية لبنانية للإحتفال بتشييد كنيسة في قرية لبنانية فهذا بحد ذاته دليل طبيعي على ان اللبنانيين يريدون هذا التكامل وهذه الوحدة التي تسعى لها يا صاحب الغبطة ويسعى لها صاحب السماحة ونحن معكم وقبل نصف قرن أقمنا في بشري إحتفالا تكريميا للبطريرك عريضة وألقيت أنا فيها قصيدة كان لها صدى كبير عند أصدقائي أهل الجبة وأهل بشري هذا ما يجعلنا متكاملين”.
وختم: “هذا الوادي الذي يشمل ببركته الكورة أيضا كما ذكر المطران صاحب السعادة نحن مشمولون أيضا ببركة هذا الوادي وكل لبنان مشمول ببركته وببركة عملكم بالتكامل والتضامن مع صاحب السماحة”.
الراعي
بدوره، قال البطريرك الراعي: “بإسم إخواني السادة المطارنة ورئيس رابطة قنوبين للرسالة والتراث يسرني أن أرحب بكم جميعا فردا فردا وأخص بالذكر الدكتور هاشم الأيوبي ممثل صاحب السماحة الدكتور القاضي مالك الشعار مفتي طرابلس والشمال وأشكرك على الكلمة اللطيفة بإسمه ومن قلبك وخصوصا أنك هنا في أرضك كما قلت لنا. أود أن أشكر كل الحاضرين معنا واحدا واحدا وأشكر كل الذين يحيون هذا اللقاء بعنوان “بيت الذاكرة والإعلام”. كتب أحدهم إذا شئت أن تبيد شعبك أنسه تاريخه وثقافته وضيع حاضره فلا يهتدي الى مستقبله”.
أضاف: “اليوم بيت الذاكرة والإعلام هو للمحافظة على تراثنا وثقافتنا فإن ما يحمي الدول ثقافتها. عندما ختم السينودس من أجل لبنان ودعنا القديس البابا يوحنا بولس الثاني بهذه الكلمة “مررتم بحرب أهلية مدمرة لكن الذي خلص لبنان لم تكن إرادة دولية ولم يكن السلاح بل ما خلص لبنان هو ثقافته”، ثقافة العيش المشترك، وفي الواقع عندما قيل إنتهت الحرب سنة 90 نسي اللبنانيون كل جراحاتهم وعادوا جميعهم الى أمكنة عيشهم .الثقافة هي التي تحيي الشعب. ثقافتنا في لبنان هو هذا العيش معا في هذه البيئة المشرقية المعذبة، فهذا البلد الصغير يتحدى كل السياسات الدولية بعيش ابنائه”.
وتابع الراعي: “هكذا نقرأ كل ما يجري في هذا الشرق هكذا نقرأ الأحداث التي جرت في لبنان، هكذا نقرأ ما يجري في العراق وفي سوريا وما يجري في اليمن، والجرح الدائم في فلسطين هناك إرادة دولية تريد ان تطمس إمكانية العيش معا. هذه قيمة بيت الذاكرة والإعلام أحيي وأهنئ من كل قلبي رابطة قنوبين للرسالة والتراث بشخص رئيسها نوفل الشدراوي وبشخص مديرها الأستاذ جورج عرب وكل المساندين لنشاطاتها. لأننا بحاجة اليوم أكثر من اي يوم مضى أن نحافظ على هذه الثقافة وهذا التراث ونقف سدا منيعا بوجه ما يجري. لكن يؤسفنا أن نقول ان الذين يتعاطون الشأن السياسي إنما يعملون عكس ذلك وأسميتهم حطابين يعملون على قطع الحطب “يقسموا الشعب اللبناني” هذا لي وهذا لك هذا ضدنا وهذا معنا، مؤسف أن يكون العمل السياسي في لبنان مبنيا على الجهل، الجهل لهذه الثقافة اللبنانية ولهذا التراث اللبناني ومع هذا كله نحن نصر على تربية أولادنا في عائلاتنا في مدارسنا في جامعاتنا في كنائسنا في مساجدنا نصر على أن ثقافتنا اللبنانية هي الأساس وهي ضرورة عالمية اليوم”.
وقال: “لم يقل القديس البابا يوحنا بولس الثاني كلمة لا عن بلده ولا عن أي بلد آخر بكل شجاعة قال لبنان نموذج للشرق وللغرب وهو نموذج الوطن الصغير، هذه هي أبعاد بيت الذاكرة والإعلام الذي ينطلق من هذا الوادي المقدس من هذا التاريخ لا يمكن ان ننسى تاريخنا من ينسى تاريخه يجهل حاضره ويغيب ولا يدري أين يذهب نحن نتمنى على مسؤولينا السياسيين مرة ثانية أن يتعرفوا الى تراثنا اللبناني، أن يتعرفوا الى ثقافتنا اللبنانية، أن يتعرفوا الى مسؤوليتهم الجسيمة فلا يمكن أن يستمر لبنان في هذا الواقع من الإنحدار المتواصل ثقافيا وسياسيا واقتصاديا ومعيشيا وهذا ما يؤدي الى فقد قوانا الحية الجديدة أجيالنا الطالعة وأنتم تعرفون أكثر مني كيف ان الأجيال الجديدة التي تتخرج من جامعاتنا لا تفكر الا بمغادرة لبنان”.
وأشار الراعي الى “أننا أمام مسؤولية جسيمة بالرغم من كل شيء علينا الحفاظ على هذا الدور وعلى هذه الرسالة، العالم واسع يمكن أن يعيش الإنسان في أي مكان ولكن العيش في لبنان له معنى مختلف”.
وختم: “شكرا لكم على مجيئكم، ونأمل بمشاركتكم أنتم، أنتم الذين تشجعون رابطة قنوبين للرسالة والتراث على المضي قدما في بيت الذاكرة والإعلام هذا شعبنا هذا تاريخنا نحن به نفتخر وعلينا ان نواصل البناء مدماك فوق مدماك لأن الوطن يبنى على سواعد أبنائه وبناته”.
الاصدارات الكتابية
بعد ذلك تم تقديم الاصدارات الكتابية:
– مساعدات البطريركية المارونية في الحرب العالمية الاولى للاباتي انطوان ضو تقدمة رشيد رزق، الجزءان الاول والثاني من سلسلة بشري في أوراق البطاركة تحقيق جورج عرب، تقدمة روي عيسى الخوري، الجزء الاول، وبشارة صبحي كيروز الجزء الثاني.
– أملاك دير سيدة قنوبين في العصر المملوكي لكاتيا بو فرنسيس، تقدمة نوفل الشدراوي، يوميات المطران أنطون عريضة في الحرب العالمية الاولى للد. جهاد عيسى تقدمة أنطوان أزعور.
– مخطوطات كنائس الجبة للخوريين شربل انطونيوس وأنطوان الدويهي عن بيت الذاكرة والاعلام.
– قنوبين تأملات وأشعار Kannoubine Méditations et Poèmes بالفرنسية لانطوان بخعازي.
وفي الختام، حيا المحامي روي عيسى الخوري البطريرك الراعي لـ”عنايته بتراث الوادي المقدس”، مقدرا “جهود رابطة قنوبين التي انتقلت بتراث الوادي تيارا ثقافيا واسعا تجاوز نطاق الوادي الجغرافي الى لبنان والعالم”.
وختاما، قدمت الاصدارات والاوبيرات هدايا للحاضرين.