خبر

باسيل: هناك مخطط يتم إمراره في لحظة عجز عربي هبت رياحه في ربيع لم يزهر سوى دمار ونزوح​

شارك وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، في الاجتماع الطارئ الخاص بالأونروا، والذي عقده الوزراء العرب على هامش الاجتماع الدوري للجامعة العربية في القاهرة، وقد عرض وزيرا خارجية الأردن وفلسطين لواقع اللاجئين الفلسطينيين ولمتطلبات الأونروا على ضوء قرار الولايات المتحدة الأميركية بوقف مساهمتها في موازنتها.

 

ومن ثم شارك باسيل في اجتماع تشاوري بين وزراء الخارجية العرب للوقوف على آخر المستجدات العربية، قبل أن ينضم للجلسة الافتتاحية لاجتماع الدورة العادية 150 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى الوزراء.

 

كلمة لبنان

 

وفي وقت لاحق ألقى باسيل كلمة لبنان في الاجتماع الوزاري وقال فيها: “نجتمع اليوم في القاهرة، حاضنة القضية الفلسطينية، عاصمة الألف إجتماع وإجتماع لنصرتها، إلا أنني في كل إجتماع حضرته لاحظت أن وضع القضية يزداد سوءا ووضعنا يزداد ترهلا في دعمها، خاصة مع توالي الضربات الآتية من صفقة القرن التي يتهم البعض منا بالسكوت عنها.

وفي كل خطوة تكشفت تنفيذا من هذه الصفقة كان خنوعنا محفزا لإتخاذ الخطوة التالية، فبعد إغتصاب القدس وإعتبارها عاصمة للكيان الإسرائيلي بقرار أميركي وعجز عربي ضرب المبادرة العربية للسلام، أتانا قرار الكنيست الإسرائيلي بإعلان يهودية الدولة واضعا مصير فلسطينيي الداخل على محك التهجير القسري، في عملية ترانسفير جديدة مجهولة وجهتها وتوقيتها ومعلوم حصولها لا محالة إن إستمرَّ عجزنا”.

 

أضاف: “وهكذا تتابع المسلسل، فجاء البارحة القرار الأميركي بوقف المساهمة في موازنة “الأنروا”، لتبدأ مرحلة إسقاط حق العودة، وإبقاء اللاجئين في الدول المضيفة تمهيدا لتوطينهم.

فهل نبقى عاجزين ونشجع على البدء بالخطوة التالية؟، وهي لن تكون أقل من فكفكة السلطة الفلسطينية وكل عناصر الدولة، ومؤشرها القرار الأميركي البارحة بتسكير مكاتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، تفكيك الدولة ليتم القضاء على فكرة الدولتين أساس عملية السلام وبالتالي لكي لا يكون هناك سلام بل إستسلام. هل نبقى كذلك أو نقوم بعمل ما، أقله أن نغطي العجز الذي سببه القرار الأميركي، لكي لا نكون لاحقين في ركب الإستسلام، ولكي نقول إننا إتخذنا قرارا سياسيا وليس ماليا، فالمسألة ليست قدرة مالية أو منة بل هي واجب سياسي، إنساني وأخلاقي”.

 

وتابع: “أنا لست مع نظرية المؤامرة لكني لست أعمى لكي لا أرى مخططا يتم إمراره في لحظة عجز عربي هبت رياحه في ربيع لم يزهر سوى دمار ونزوح، ولست أخرسا لكي لا أتكلم عنه؛ ولست أتكلم هنا لتلاوة الدروس، فأنا موجوع ومتألم، أرى بلادي العربية ووطني اللبناني يدفعون الثمن من عزتهم وإقتصادهم.

أنا هنا لنحاول معا لملمة ما تبقى من قضية شرف شعب أنهكه التآمر عليه، أنا هنا لأنطق بلسان كل مظلوم معتقل، وكل مهجر مطرود وكل يائس باك على وطن.

أنا هنا بأمل أن نكتب معا في كتاب التاريخ أننا كعرب وقفنا ورفضنا حفاظا على شعبنا وصونا لكرامته فلا يديننا أحد بالتآمر في مؤامرة العصر”.

 

واستطرد: “وأنا أرى فرصة إيجابية هذه المرة لنبادر ونتخذ قرارا جامعا نستعيد فيه الدور العربي لقضايانا، ولا نتخلى عنه في فلسطين كما هو حاصل الآن في سوريا التي نأمل أن تعود قريبا إلى دفئها العربي”.

 

وأردف: “أنا هنا لأتكلم باسم كل اللبنانيين حول قضية تجمعنا، فقد إختلفنا على الكثير، إلا أننا إتفقنا في وثيقة الوفاق الوطني على رفض التوطين وضمنا ذلك في دستورنا نصا، وحاولنا ممارسة أن نجمع ما بين واجباتنا الإنسانية في إيواء أي مهجر وواجباتنا الوطنية بالمحافظة على نسيجنا الإجتماعي التعددي، يتوج ذلك كله إيماننا بالعودة، كحق مقدس لا يمكن لأحد المس به وإلا لن يبقى شيء من أوطاننا وشعوبنا غير مهدد بالترحيل والترحال”.

 

وقال: “لقد تحمل لبنان تبعات ما حصل منذ 1948، ومازال يتحمل حتى الآن أكثر من 400000 لاجىء فلسطيني، بكلفتهم السياسية والإقتصادية والإجتماعية، وقد عملت منظمة الأونروا بإنشاء وتفويض أممي على تخفيف المعاناة الإنسانية التي مني بها اللاجئون، دون أن تستطيع ومنذ فترة طويلة من تغطية أعباء مالية كبيرة واقعة على عاتق الدولة اللبنانية، الرازحة أصلا تحت الديون والأعباء.

فهل هكذا يكافأ لبنان بزيادة أزمة النزوح السوري على أزمة اللجوء الفلسطيني، وهل هكذا يكافأ بإعتماد سياسات الإندماج والتوطين (للإثنين) على أرضه؟، وهل هكذا يحافظ على نموذج التنوع في العالم فيخرب نسيجه الإنساني؟.

أن يمنع الشعب الفلسطيني من العودة وتتوقف المساعدات عنه وتسقط عنه صفة اللاجىء ليكون مستوطنا في بلدان الإستضافة؟ أو أن يمنع الشعب السوري من العودة عبر وقف التمويل عنه في حال عودته الى بلده، والهدف هو نفسه بإسقاط صفة النزوح عنه ليكون مندمجا في بلدان الإستضافة؟.

إن هذا يعني في الحالتين خسارة شعوب فلسطين وسوريا ولبنان والأردن، فهل وضعنا يحتمل خسارة مشرقنا ومشرقيتنا وتنوعنا لصالح الآحادية؟”.

 

وأضاف: “ماذا يعني اليوم وقف التعليم والإستشفاء والخدمات الإجتماعية عن اللاجئين الفلسطينيين؟، يعني مزيدا من البؤس والفقر، يعني مزيدا من التطرف والإرهاب، يعني مزيدا من النزوح والهجرة غير الشرعية، يعني شبابا يائسا وبائسا من دون أفق، يبحث عن قارب نجاة يأخذه الى أوروبا في رحلة البحث عن مستقبله، فينتهي به الأمر في مركز للاجئين، يحاول إستجداء اللجوء، فتضيع حياته بإنتظار منة من دائرة الهجرة، ويصبح عبئا على الوطن البديل الذي يضيق ذرعا من مشاكل الإندماج فيتقوقع أبناؤه في أحزاب اليمين المتطرف الرافض للآخر وتنقسم مجتمعاته ما بين مرحب ونابذ لينتهي قريبا مجمعا على رفض وطرد من تآمرت أمم الدنيا عليه وعلى وطنه.

هل هذا ما نريده؟، ليس لشعب فلسطين فقط بل لكل شعوبنا؟ فطريق الهجرة عندما تفتح يسلكها كل بائس ومحتاج ومضطهد ومضطرب وباحث عن شيء أفضل وفي هذا تهجير لكل شعوبنا”.

 

وختم: “أطلق اليوم صرخة ألم وأمل، وأقول كفى! كفى تشريدا وتهجيرا لشعب بأكمله، لأطفال رمت الحجارة ولم تخف من دبابة، لفتيات صفعت المحتل ولم ترتدع، لأمهات زفت شهدائها ولم تدمع، لأباء صمدت ولم تجذع! كفى تكسيرا لإرادة الحق ولكرامة أصحاب الحق، وكفى سكوتا منا وتفرجا، فالتكسير سيطالنا جميعا ولن ينجو أحد منا، أما أملي بأننا سننجو هذه المرة. إن ساهموا أو ساهمتم فشكرا، وإن لا فلعنة الأجيال والحق والتاريخ سوف ترافقنا. وشكرا”.

 

كذلك التقى باسيل نظيره الأردني أيمن الصفدي حيث تشاورا بموضوع الأونروا والخطوات الواجب اتخاذها، واتفقا على الاجتماع في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة مع الدول المانحة الأساسية للبحث عن مصادر تمويل بديلة للولايات المتحدة الأميركية.