في الوقت الذي يلوذ الناس في فيء الفقر والإختناق الإقتصادي والإعتلال المالي وسقوط أعمدة هيكل الدولة واحدًا تلو الآخر كنذيرٍ للإنهيار الكبير.
تدور في الغرف المغلقة تحييكات وتكتيكات سياسية استوقفت المتابعين والمراقبين في محاولة لسبر أغوارها والكشف عن مراميها سيما أنها تأتي في ظرف دقيق يتسم بالإنسداد السياسي والتعقيد الحكومي وملامح متغيرات عميقة قد تصيب الكيان بوحدته مع سقوط مرتكزاته التي وصفها طبيب ولادة الدستور ميشال شيحا بانها تختصر بالمرفأ والمصارف وكلاهما صار غبارًا الأول بانفجار ملتبس والثاني بأكبر عملية لصوصية شهدها تاريخ لبنان الحديث حيث تبخرت الودائع وطار جنى عمر المودعين وبتنا على طريق الإفلاس وبيع الذهب تغطية لما ذوى وذهب.
وسط هذا الغمام السياسي وقتامة المشهد الاقتصادي كان لافتًا إدارة محرك الإنتخابات النيابية بمفتاح (فرزلي ) حيث تحدثت أوساط مطلعة عن اجتماع بين النائب عبد الرحيم مراد والرئيس المكلف سعد الحريري بمسعى من دولة الرئيس ايلي فرزلي ومباركة الرئيس نبيه بري وقد أسس اللقاء المصالحة بين مراد والحريري إلى صفر معركة انتخابية في البقاع الغربي وراشيا وتسوية سياسية سيكون من نتائجها العملية إحراج التيار الوطني الحر وإخراجه من دائرة التأثير العملاني وصياغة التحالفات جراء إقفال لائحة السلطة والحؤول دون إمكانية أي طرف آخر تشكيل لائحة منافسة.
وبهذه التركيبة يسمي الرئيس نبيه بري الحاج قبلان قبلان للمقعد الشيعي ويسمي الرئيس سعد الحريري سنيا واحدا يرجح أنه رجل الأعمال محمد العرة ويترشح الوزير مراد عن المقعد السني الثاني وتنعدم فرص أي سني بالاختراق سيما أن الساحة السنية باتت بين فكي كماشة سعد الحريري وحسن مراد كقوتين أساسيتين يصعب اختراق تآلفهما المستجد، أما المقعد الدرزي الذي يشغله أبو فاعور فيكون حكمًا محصنًا على تقاطع العلاقة بين الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري أيًّا يكن المرشح الجنبلاطي عن هذه الدائرة. وينطبق الأمر نفسه على المرشح الاورثوذكسي إيلي فرزلي أيضًا الذي يتموضع على هذين التقاطعين خاصة بعد افتراق فرزلي عن التيار الوطني الحر .
أما التيار الوطني الحر فإنه يعمل على انتزاع المقعد الماروني من حضن المستقبل مرتكزًا على قاعدة مسيحية وازنة لدى المسيحيين ويتحرك بهذا الاتجاه الناشط في التيار شربل مارون لتحشيد الصوت المسيحي وتأدية دور مقرر في النتائج مستفيدًا من تحالف هذه القوى لاستنفار الشارع المسيحي والذهاب إلى تأطير لائحة تؤمن الحاصل وبالتالي تحدث فرقًا وخرقًا فيكون التيار الوطني الحر مرشحا وليس فقط مقترعًا لا شك أنه يحدد بوصلة الفوز لأي طرف من الأطراف.
هذا المناخ يطرح السؤال حول مآلات الأمور في البلد ويدلل على أن الإنتخابات النيابية واقعة كاستحقاق دستوري في موعدها تحت وطأة الشارع الراغب بالتغيير أولا والضغط الدولي ثانيًا و أن النفس التصالحي بين آل مراد والحريرية السياسية يوحي بأن لوحة سياسية مختلفة ترسم للمجلس النيابي القادم لا تجافي الواقع الذي تتحسسه القوى السياسية بدفع من المزاج الشعبي المحتقن والناقم كون الإختراق لقوى التغيير حتميا إنما تسعى القوى الأساسية في السلطة لتجميع اوراقها والتخفيف من حجم الأعطاب في جسمها المترهل.
باختصار الحركة الفرزلية تأذن في انطلاق طلقة السباق الإنتخابي والعداؤون بدأوا بحركات التليين لتقوية العضلات في معركة تحتاج الى الكثير من الصلابة للصمود في وجه ضغط الشارع وقواه ومزاجه المتحول والساخط.