خبر

باريس تؤمن انسحاباً من بيروت يحفْظ ماء الوجه

 

لا تبني‏ أوساط سياسية توقعاتٍ عالية على ما بدا “طريقاً مختصَرة” لجأت إليها باريس التفافاً على التعقيدات التي تحول بدون توفير حاضنة أوروبية إجماعية لهذا المسار الذي يتطلّب ديبلوماسية مكثّفة وتالياً وقتاً لا يحتمله واقع “بلاد الأرز”، التي تُسابِق السقوط المريع ولا “هيْبة” فرنسا ورئيسها الذي انزلق إلى “المستنقع” اللبناني من دون أن يملك “أدوات التأثير” اللازمة منذ إطلاق مبادرته قبل نحو 8 أشهر ووقوعها أسيرة موازين القوى في بيروت وصراعات المنطقة التي تتحكّم بخيوطها أطراف اقليمية ودولية لها امتدادات مباشرة في الوضع اللبناني.

وفي رأي هذه الأوساط أن إبقاءَ وزير الخارجية الفرنسي جان إيف  لو دريان أسماء المدرَجين على لائحة “التقييد” ورقة مستورة يعكس “تَخَبُّطاً” فرنسياً في مقاربة الملف اللبناني الشائك الذي يرتّب التقدّم غير المحسوب فيه بعصا العقوبات الغليظة والمعلَنة تكبيد باريس ومبادرتها المستنزَفة أصلاً “جِراحاً” قاتِلة، في حين أن أكلاف أي خطوات تَراجُعية ستكون من الرصيد الخارجي الذي يحاول الرئيس ايمانويل ماكرون مراكَمته والذي باتت مآلاته، انتكاساتٍ أو مكاسب، جزءاً لا يتجزّأ من المعركة الرئاسية في بلاده (انتخابات 2022).

ولا تستبعد هذه الأوساط، في حديث لـ”الراي”، أن يشكّل وَضْع فرنسا العقوبات على الطاولة ما يشبه الغطاء الناري الذي يتيح لها انسحاباً، مع حفْظ ماء الوجه، من الملف اللبناني متى استشعرتْ بأن مسعاها وَصَلَ الى خط النهاية في ضوء “تَعدُّد الرؤوس” الخارجية في هذا الملف والاستشعار المتعاظم بعدم حاجة الأطراف الوازنين داخلياً لتسليف فرنسا فوزاً في الساحة اللبنانية فيما المنطقة على مشارف توزيع الخسائر والأرباح بين اللاعبين الكبار انطلاقاً من “النووي” الإيراني ومآلات المفاوضات حوله.

لكن هذه القراءة لا تعني وفق الأوساط نفسها التقليل من أهمية الأبعاد التي تعبّر عنها “الغضبة” الفرنسية بإزاء الوضع اللبناني وسلوك غالبية الطبقة السياسية والتي تشاطرها فيها عواصم عربية وغربية، وسط اقتناعٍ بأن استئناف مفاوضات الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل بعد غد بوساطةٍ أميركيةٍ ورعاية أممية وبدفْعٍ من واشنطن ليس مؤشراً إلى رغبة الأخيرة بـ”تعويم” هذه الطبقة أو إدارة الظهر لمرتكزات موقفها من حكومة الإصلاحات ومن تمكين حزب الله لبنانياً بمقدار ما أنه تَقاطُعٌ مع محاولةٍ لبنانية لكسْب الوقت وتفادي الظهور في موقع معرْقِل إحياء مسار تفاوُضي صارت له امتداداتٌ تتصل بحسابات أفرقاء محليين (مثل الوزير السابق جبران باسيل) لجهة معاودة “ترسيم العلاقة” مع واشنطن التي انقطعت خطوطها مع العقوبات التي فُرضت عليه.