خبر

سيناريو "غير وردي" ينتظر سوق العقارات... والركود إلى تفاقم

العودة إلى "حقبة" ما قبل العام 2019 وكل ما حملته الرياح العاصفة من بعدها، باتت حلماً لجميع اللبنانيين وعلى رأسهم التجار والصناعيون. وفي حين تصارع القطاعات كافة -وقد يكون من أبرزها القطاع العقاري- للخروج من بطن الحوت الذي ابتلعها، طفت على السطح منذ بداية هذا الشهر مخاوف عدّة تحت مفهوم واحد: الدولار الجمركي. فهل سيزداد الركود العقاري تفاقماً مع بدء سريان القرار منذ الأول من الشهر الحالي؟

 

"لا شك بأن زيادة تسعير الدولار الجمركي بـ10 أضعاف سوف يكون لها آثار مباشرة على عناصر تكلفة البناء الأساسية وبالتالي على المرونة التفاوضية لدى كل من العارض والشاري في السوق العقاري"، بهذه العبارة يلخّص البروفسور بيار الخوري المشهد الذي نقبل عليه.

وفي حديث لـ"لبنان 24"، فنّد الخوري الزيادات التي سيشهدها القطاع العقاري قائلاً: "بعض الرسوم الجمركية الأساسية على عناصر تدخل في صلب هذه الصناعة يعطينا فكرة واضحة عن ذلك:

- زجاج من صفر الى 5% وبعضها 15%

- حديد من صفر الى 5%

- الومينيوم من صفر إلى 5% وبعضها 10%

- الحجر ومشتقاته والقرميد 5% ومعظمها عند 20% و25%".

وأضاف: "لا يمكننا اشتقاق رقم دقيق في هذه النقطة حول التأثير النهائي للدولار الجمركي على كلفة الأبنية الجاهزة، لأن الأمر مرتبط ايضاً بنوعية وكمية المواد المستخدمة، إلا أنه بالحد الأدنى قد تحصل زيادة عامة في كلفة البناء بسبب أثر إعادة تسعير الدولار الجمركي بين 3- 5%"، علماً أن الاسعار العالمية لمواد البناء قد شهدت أكثر من موجة ارتفاع منذ اشتعال الحرب في اوكرانيا".

وشدد الخوري على أنه "من الضروري ألا ننسى أننا نقترب من زيادة متصلة بزيادة تسعير الدولار  الجمركي وهي زيادة تسعير الضريبة على القيمة المضافة عشرة اضعاف ايضاً وهي تطال كافة المستوردات الداخلة في كلفة البناء من دون استثناء".

ولفت إلى أنه يضاف إلى ذلك الأثر غير المباشر لزيادة الدولار الجمركي على المستوى العام للأسعار وانعكاسه على متوسط الأجر، قائلاً: "العمالة والمقاولة بالباطن في قطاع البناء قد تحررت وانتقلت الى معادلة الفريش تدريجاً منذ انفجار الازمة، اذ يتقاضى العامل ما بين 10 إلى 12 دولار يومياً و"المعلم" ما بين 20  إلى 30  دولار يومياً"، مؤكداً أنها "ستخضع الآن لتعديل سعري جديد ناتج عن اثر الجمارك الجديدة على الاسعار".

كما شدد الخوري على أن "ضعف الطلب على العمالة في سوق البناء كون هذه العمالة مستوعبة اليوم بالكامل تقريباً في سوق الصيانة العقارية الذي انتعش خلال الأزمة، لا يحد من الارتفاع في هذا المجال ".

إلى ذلك، إعتبر أن "الضغط الأكبر على السوق يكمن في ضعف الاسعار العقارية، وهذا يشكل نوعاً من الركود التضخمي في سوق البناء. إذ تراوح الانخفاض العام في الاسعار بين 30  إلى 60% منذ بداية الأزمة بحسب المنطقة ونوعية البناء"، مشدداً على أن "العام 2022 شكّل انتكاسة كبيرة للقطاع مع انتهاء حوافز البيع بالشيكات لدى المطورين بعدما أتمّوا انكشافهم للمصارف خلال العامين المنصرمين وبات سوق العقار بالفريش يشكل كامل مع توقف القروض العقارية".

 

في ظل القراءة السلبية للتطورات السياسية والماكرو اقتصادية في لبنان، من الواضح أن السوق العقاري يتّجه نحو المزيد من الركود في ظل معضلة ارتفاع كلفة العرض وانخفاض نسبة الطلب. وهذا الأمر، بحسب الخبراء والمطّلعين، يزيد طينه بلّة ارتفاع "تقريش" الدولار الجمركي والضريبة على القيمة المضافة عشرة اضعاف.