خبر

هؤلاء أكثر من يستحقّ فرحة العيد!

حلّت الاعياد هذا العام وسط تدهور الأوضاع المعيشيّة أكثر مما كانت عليه في العام الماضيّ، مع تخطّي سعر صرف الدولار حاجز الـ42 ألف ليرة، ما انعكس سلبيّاً على القدرة الشرائيّة لدى المواطنين، في ظلّ تعطيل الإنتخابات الرئاسيّة وترحيلها إلى ما السنّة الجديدة، وعدم تشكيل حكومة ووضع العصي أمام إنعقاد مجلس الوزراء لأهدافٍ سياسيّة باتت واضحة للجميع.


في المقابل، وأمام هذه العرقلة الممنهجة لتسيير الملفات الحياتيّة الملحّة للناس، أثبت اللبنانيّ أنّه يستطيع مرّة أخرى تحدّي الصعاب وعيش زمن الأعياد إنّ من حيث شراء الهدايا أو من حيث الصرف على المأكولات وزينة العيد والسهر، فحلّ اللبنانيّون في المركز الأوّل عالميّاً في تصنيف أُجِريَ لأكثر الشعوب التي تُنفق الأموال خلال الأعياد المجيدة. فهذا الأمر ليس غريباً بالنسبة لشعبٍ واكب الحرب وضمّد جراحه بعد إنفجار مرفأ بيروت، وأعاد إنعاش السياحة إلى المناطق التي تضرّرت كثيراً بسبب الحادثة الآليمة.

ولكن، شريحة كبيرة حرمت من بهجة العيد، وخصوصاً مرضى السرطان، أطفالاً وكباراً، بالتوازي مع إنقطاع الأدويّة الخاصّة بهم، وإرتفاع تكلفة العلاج اليوميّ بشكلٍ دراماتيكيّ على محدودي الدخل. فهؤلاء المرضى هم أكثر من يستحقّ العيد وفرحته، وهم الذين يستحقون كلّ مساعدة إنسانيّة للتغلّب على أوجاعهم، في وقتٍ لم تعدّ فيه الدولة قادرة على تأمين أبسط حقوقهم بالطبابة والدواء.

وكان لافتاً إطلاق العديد من شاشات التلفزة مساعدات لمرضى السرطان لتأمين الأموال اللازمة لاستكمال علاجاتهم أو إجراء عمليّات طارئة ومصيريّة لحياتهم. فهؤلاء الأبطال من حقّهم العيش بكرامة وفي أنّ تكون كلّ حقوقهم مؤمّنة، فيكفيهم وجع المرض والعلاج الطويل الذي يحرمهم من بسمة العيد. وقد سارع العديد من أصحاب الأيادي البيضاء لتقديم العون لهم، فالعيد يعني أنّ تبقى في قلوبنا بعض الإنسانيّة والإهتمام بأخينا المريض إنّ كان محتاجاً.


وفي الإطار عينه، هناك مأخذٌ على إستثمار فترة الأعياد فقط لتكون منطلقاً لتقديم المساعدات للمرضى. فكم من عائلة لديها أطفالٌ وأشخاصٌ مصابون بـ"الخبيث"؟ وكم من شخصٍ فقد حياته لأنّ لا قدرة لأهله على تأمين العلاج له؟ وتجدر الإشارة إلى أنّ المرض لا يُصيب فقط فرداً من العائلة، بل يُنهكها من الأب والأم وصولاً إلى الأطفال والأقارب. فهؤلاء لا يعرفون الفرح طوال أيّام السنّة، وهمّهم جمع تكاليف العلاج، وأملهم الوحيد يبقى برفع الصلاة كيّ يُشفى مرضاهم.

وقد وصل الأمر بالعديد من مرضى السرطان إلى إفتراش الشارع لجمع الأموال، فأصبح هذا الواقع ظاهرة أليمة تمتدّ في مناطق كثيرة. وما زاد الطين بلّة أنّ معظم هؤلاء أموالهم محجوزة في المصارف وينتظرون المغتربين والمقتدرين لمساعدتهم لإكمال علاجهم.

وفي الختام، لهؤلاء المرضى المكافحين الشجعان ألف تحيّة، فهم يعلّموننا أنّ نتحدّى الصعوبات في الحياة من دون إستسلام. ويبقى التمنّي في أنّ يُنير الله عقول سياسييّ هذا البلد لكيّ يتعالوا عن أنانياتهم ومصالحهم الشخصيّة، وينكبوا على معاجلة الأوضاع المعيشيّة، وتأمين أبسط مقوّمات العيش لمرضاهم من الدواء والإستشفاء، فكلّ ما يحتاجه مرضى السرطان تقديم العلاج لهم في الوقت المناسب، ليُحاربوا "الخبيث" وينتصروا عليه، ويعودوا إلى حياتهم الطبيعيّة.

أخبار متعلقة :