أبى "التيار الوطني الحر" أن يترك اللبنانيين يمضون الايام الاولى من السنة بهدوء، فقرر فتح معركة دونكيشوتية جديدة عنوانها "إما سلفة للكهرباء بقيمة 62 وبشخطة قلم أو لا كهرباء".
وهكذا يكرر "التيار" الذي يمسك بوزارة الطاقة والمياه منذ 17 عاما عبر خمسة وزراء، مسلسل المطالبة بسلف الكهرباء التي كلفت الخزينة حتى الان عجزا بمليارات الدولارات، من دون ان يشرح أحد من وزراء "التيار" كيف ستعاد هذه السلفة الى الخزينة. وقد كان بيان وزارة المال يوم الجمعة الفائت واضحا في الرد على وزير الطاقة وليد فياض بالقول "ان المبلغ الكبير المطلوب تأمينه يتطلب مرسوماً يوقع عليه رئيس الحكومة والوزراء المختصون وهو ما ليس متوافرا. ناهيك عن ان مؤسسة كهرباء لبنان لم توقع تعهداً باعادة اي سلفة يتم اقرارها، كما يفرض قانون المحاسبة العمومية، لا بل حتى انها نأت بنفسها عن سدادها".
وفي هذا السياق تشير اوساط حكومية معنية "الى ان لا اقرار للسلف من دون عرض الموضوع على مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب، وما عدا ذلك صخب سياسي واعلامي لا قيمة قانونية ودستورية له".
في المقابل، كان لافتا ان" وزيرة الوصاية" على وزارة الطاقة النائبة ندى البستاني، وبتوجيه مباشر من "وزير الظل" اطلقت شرارة المعركة ضد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، متسائلة بفجور سياسي واضح" كيف انهم انتظروا لـ1 تشرين الثاني كي يفتحوا النقاش بسلفة الكهرباء فيما هي مطلوبة منذ أشهر، واسال ميقاتي أين الـ10 ساعات كهرباء اضافية التي وعدت العالم بها؟"
وهكذا بدل ان توجه سؤالها الى ذاتها والى فريقها السياسي الممسك بالوزارة والى وزير الطاقة الحالي وليد فياض، صوبت سهامها باتجاه رئيس الحكومة فجاءها الرد بوثيقة تفضح وصايتها على الوزارة. ولم تنجح كل بيانات ومقالات الشتم اللاحقة، على غرار نهج التيار، في اخفاء حقيقة ان الوثيقة تمثل فضيحة حقيقية بكل ما للكلمة من معنى. ولكن المستغرب ان يعتبرها وزير الطاقة وليد فياض "كتابا قديما تم ارساله مجدداً لتسيير شؤون المواطنين".
أما الوزير فياض، وبدل ان يوقف تدخل "الوصيِّة البستانية" في شؤون وزارته، على ما يقول المطلعون على كواليس الوزارة وسير العمل فيها، فقد انضم الى "جوقة الشتّامين"ببيان "رخيص" (والتعبير مقتبس من بيان فياض) لم يجرؤ فيه على نفي وصاية البستاني بل حوّل النقاش صوب "خبرته الواسعة في مجاله"، مشيدا بنفسه "وبأنه يعمل بتفانٍ وجهدٍ كبير".
لكن المفارقة الواضحة كانت في مطالبة فياض رئيس الحكومة الموافقة على صرف الاموال، مكررا اسلوب "التيار" بالعمل لفرض مطالبه كأمر واقع من خلال القول" ان البواخر التي تنقل الفيول راسية الآن على شواطئنا بانتظار التفريغ ويتكبد اللبنانيون خسارة يومية تبلغ عشرين الف دولار على كل باخرة وتجاوز اجمالي مبلغ غرامة الرسو ٣٠٠ الف دولار حتى اللحظة".
ولكن وزير الطاقة تجاهل عمدا اصول العمل الذي يقتضي الموافقة المسبقة قبل استقدام البواخر قبل فرض امر واقع، يعيد بطريقة او باخرى مشهدية "بواخر توليد الكهرباء الباسيلية".
وفي الخلاصة، كما تقول اوساط حكومية معنية، كل هذا الصخب السياسي لا جدوى منه، وليتعظ" التيار" من تجاربه الفاشلة لعدم تكرارها خصوصا ان احدا ليس في وارد التساهل في صرف المال العام على "مزراب هدر "يمسك له" التيار" ويرفض التخلي عنه. ولولا ما تبقى لديه من عيب وحياء، لكان " التيار" برر عدم تخليه عن "المزراب" بعبارة" ما خلّونا".
أخبار متعلقة :