خبر

وفد "حزب الله" في بكركي.. رمزية "الشكل" تغلب "المضمون"!

صحيح أنّ زيارة وفد "حزب الله" إلى بكركي أدرِجت في خانة اجتماعيّة وفق مبدأ "تقديم التهنئة بالأعياد" للبطريرك الماروني بشارة الراعي، وفق تعبير رئيس المجلس السياسي في الحزب إبراهيم أمين السيد، الذي رفض الحديث عن صفحتين قديمة وجديدة بين الجانبين، عازيًا "التباعد" إلى الظروف الصحية الناجمة عن فيروس كورونا، التي "تسببت بفسحة زمنية تزيد من الشوق"، وفق توصيفه.

 
لكنّ الصحيح أيضًا أنّ الزيارة تكتسب أهمية لا لبس فيها، أولاً من حيث الشكل الذي لا مبالغة في القول إنّه "تفوّق" على المضمون، خصوصًا انّ اللقاء بين الجانبين "قفز"، إن جاز التعبير، فوق القضايا الخلافية بين الطرفين، وعلى رأسها دعوة البطريرك الماروني إلى "تدويل" الأزمة اللبنانية، من خلال مؤتمر دولي، ليس سرًا اعتراض "حزب الله" الشديد عليه، وهو ما عبّر عنه أمينه العام السيد حسن نصر الله أكثر من مرّة.

 
ولعلّ أهمية الزيارة تكمن أيضًا، بهذا المعنى، في توقيتها السياسيّ "المعقّد"، والذي فرض استحقاق الانتخابات الرئاسية على رأس "الأجندة" التي ناقشها الجانبان، اللذان يختلفان أيضًا على "مقاربتها" من الناحية الديمقراطية، رغم تعمّد السيد إبراهيم أمين السيد إبداء الإيجابية، بحديثه عن "حرص متبادل" لانتخاب رئيس جديد من أجل النهوض بالبلاد والخروج من الأزمة، توازيًا مع دعوته "الثابتة" إلى حوار جامع بين اللبنانيين.
 
"دبلوماسية معبّرة"
 
يمكن اعتبار "الدبلوماسية" التي تسلّح بها رئيس وفد "حزب الله" في تصريحاته إلى الصحافيين بعد اللقاء مع الراعي، رغم الأسئلة "المثيرة" التي سعى البعض لطرحها عليه، "رسالة" بحدّ ذاتها، أراد الحزب إيصالها من خلف الزيارة ذات "الطابع الاجتماعي"، إن جاز التعبير، إذ فُسّرت على أنّها محاولة للبناء على "المشتركات" بالدرجة الأولى، وهو ما عزّزته الأجواء "الودية" التي أكّدتها أوساط الجانبين.

 

 
فعلى الرغم من أنّ بكركي التي تدعو صراحة إلى مؤتمر دولي، ترفض منطق "حزب الله" في مقاربة جلسات انتخاب الرئيس التي ينتقدها البطريرك الماروني بشارة الراعي في كلّ عظاته، والتي تقوم على أساس اعتبار "تطيير النصاب" حقًا ديمقراطيًا مشروعًا، إلا أنّ أوساطها قرأت في الزيارة وما صاحبها من تصريحات، "بادرة إيجابية"، علمًا أنّ المواقف "المبدئية" التي طرحها وفد الحزب من الحوار والتفاهم، لا خلاف عليها بالمُطلَق.
 
وعلى خطّ "حزب الله"، لم يتأخر العارفون بأدبيّاته لعكس الأجواء الإيجابية والودية نفسها، باعتبار أنّ الزيارة إن دلّت على شيء، فعلى رغبة الحزب بـ"تحصين" العلاقة مع بكركي، والتأكيد على أهمية "التواصل" بين الجانبين، وهو ما قد يكون له صداه الكبير في مرحلة الانتخابات الرئاسية التي يتفق الجميع على وجوب إنجازها، ولو أنّ هذا "التواصل" قد لا يترجم سريعًا، في ظلّ التباين بين الطرفين، أو ما سمّاه السيد بـ"تبادل وجهات النظر".  
 
"طيف" باسيل حاضر
 
بعيدًا عن الشكل، سُجّلت العديد من المفارقات في "المضمون" عبّر عنها رئيس المجلس السياسي في "حزب الله" على هامش زيارته، قد يكون أهمّها نفيه وجود أيّ "فيتو" على ترشيح قائد الجيش جوزيف عون لرئاسة الجمهورية، ولو وضع الأمر في خانة عدم وجود أي فيتو على أي مرشح "يتوافق عليه اللبنانيون"، وهو ما يصبّ في خانة الرسالة الأساسية التي أراد الحزب إيصالها، وهي الحثّ على التفاهم والتوافق والحوار قبل كلّ شيء.
 
لكن، في المضمون أيضًا، بدا "طيف" رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل أكثر من حاضر، فالزيارة إلى بكركي لم تخلُ من الرسائل الموجّهة إلى الأخير، في ظلّ مضيّه بـ"التصعيد"، والذي كان آخره ما صدر عنه من تصريحات حول وقوف تفاهم مار مخايل على رجل واحدة، فضلاً عن "إعجابه" بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي بدا في مكان ما بمثابة "محاولة استفزاز" للحزب، لا أكثر ولا أقلّ.
 
ومع أنّ "حزب الله" سعى للتقليل من وقع هذه المواقف ، من خلال قوله إنّ باسيل لم يكن يومًا "تحت مظلة" الحزب، وإنّ من حقه أن يكون له رأيه، وإنّ الحزب يعرف كيف ومتى يتحاور أو يختلف معه، إلا أنّ المتابعين يؤكدون أنّ الأمور تبدو "صدامية" بين الجانبين، ولو أنّ الرهان يبقى على قدرة الأمين العام السيد حسن نصر الله في خطابه المرتقبة، على "تليين وترطيب" الأجواء، بما يفتح الباب أمام "حوار مباشر" تأخّر عن أوانه.
 
غلبت "رمزية الشكل" في زيارة وفد "حزب الله" إلى بكركي على المضمون، فرغم التفاوت في "وجهات النظر" بين الجانبين، في مقاربة الكثير من الملفات وعلى رأسها الاستحقاق "الضاغط" المتعلق بانتخابات الرئاسة، إلا أنّ التواصل بين الجانبين أرخى أجواء ودية وإيجابية، يأمل اللبنانيون أن تترجم فتحًا لقنوات الحوار على مختلف الأصعدة، بما يفتح الباب أمام التفاهم الذي يمكن أن يفضي إلى الحلّ الذي يترقبه الجميع...

أخبار متعلقة :