انهيار الليرة أصاب كلّ القطاعات في البلد، وفرض أسعارًا جديدة توازي الإرتفاعات المتواصلة في سعر صرف الدولار، بدءًا من فاتورة المولّد وصولًا إلى كلّ السلع والخدمات التي تضاعفت مئات المرات "باستثناء إيجار المنازل والمحال التجارية والمكاتب التي تخضع للإيجار القديم، بقيت بدلاتها تعود إلى ما قبل الـ 1500 ليرة، ولا زالت تترواح بين عشرة الآف وأربعين ألف ليرة، أي ما يعادل دولارا أو أقل شهريًا "نحن شريحة من المواطنين متروكون ولا من يسأل عنّا" هذا لسان حال المالكين القدامى الذين انتظروا أربعين عامًا، قانونًا للإيجار، يحرّر أملاكهم أو يمنحهم بدلات أقل ظلمًا، لكنّهم وجدوا أنفسهم في الإزمة المالية الراهنة يدفعون الثمن مجددًا، بعدما تآكلت قيمة البدلات التي لحظها قانون الإيجارات الصادر عام 2014 والمُعدّل عام 2017.
مطالبة مجلس القضاء الأعلى بتفعيل اللجان القضائية
رئيس نقابة المالكين باتريك رزق الله وفي حديث لـ "لبنان 24" يطالب مجلس القضاء الأعلى بتفعيل اللجان بشكل فوري والبت بملفات استفادة المستأجرين من الحساب "خصوصًا وأنّ القضاة عادوا عن اعتكافهم وليس هناك ما يبرر عدم تفعيل هذه اللجان. كما ونستغرب تجاهل حقوقنا، خصوصًا أنّ هناك العديد من القطاعات حصلت بموجب مشروع قانون الموازنة العامة على زيادات للرواتب، باستثناء المالكين، بحيث لم تلحظ الموازنة هذه الفئة إلا في مادة وحيدة تضمّنت تخصيص 25 مليار ليرة كمساعدة للمستأجرين القدامى، ضمن الحساب الذي نصّ عليه القانون، وهو ما يتطلب أن تبت اللجان القضائية بالطلبات المقدّمة إليها، والتي بلغت 12 ألف طلب في كلّ المحافظات، وذلك لتحديد فئة المستأجرين من ذوي الدخل المحدود المستفيدين من الحساب".
هناك 24 لجنة برئاسة قضاة، أُنشئت بموجب مرسوم صادر عام 2019، ثم صدر مرسوم آخر عُين من خلاله أعضاء بدل عن المتقاعدين، ولكنها لم تباشر عملها بعد، وهذا ما يخدم الفئة المقتدرة من المستأجرين بنظر رزق الله "التي بفعل عدم البت بالطلبات، تستفيد على حساب فقراء المستأجرين. كما وأنّه بفعل عدم البت بالطلبات أضحى المالك لا يتقاضى الفروقات التي أقرها القانون، لا من الصندوق، ولا من المستأجرين، وإن كانت الدولة تعاني من تعّثر مالي، كيف يُسمح للمستأجرين الميسورين أن يدفعوا بدلات إيجاراتهم بأسعارها الزهيدة، وهي فعليًّا مجانيّة؟".
أضاف رزق الله "لم نعد قادرين على تحمّل المزيد، ولم نعد نقبل بإيّ إطار يستمر لسنوات، بل نطالب وبإلحاح بتحرير فوري للإيجارات السكنيّة، ومن غير المقبول أن يكون إيجار منزل مقابل نصف دولار شهريًا، وهناك منازل ومكاتب ومحال مؤجّرة لقاء 5 الآف ليرة شهريًا، هل يعقل هذا الواقع بزمن انهيار الليرة ؟ هناك صرخة ووجع كبيرين، وبظل ما نعانيه لا يمكن للمعنيين المضي بتجاهل واقعنا، حيث أنّ الأمور تتفاقم بين المالكين والمستأجرين وتصل إلى مشاكل ونزاعات شخصيّة، في حين أنّ القضاء ومجلس النواب لا يفعلان شيئًا".
الإيجار غير السكني في أدراج المجلس النيابي
الإيجار القديم غير السكني، أي المكاتب والمحال التجارية، وضعها أيضًا معلّق، هناك اقتراح قانون بشأنها أُقرّ في لجنتي الإدارة والعدل والمال والموازنة، ولكن بظل عدم التشريع في مرحلة الشغور الرئاسي لا إمكانية لإقراره قريبًا في الهيئة العامة، وهنا يسأل رزق الله "في هذا الوقت كيف يعيش المالكون؟ ولماذا هم قادرون على إيجاد حلول لكل القطاعات التربوية والعسكرية، بمضاعفة الرواتب ومنح حوافز ومساعدات، ما عدا المالكين، لاسيّما وأنّه بزمن دولار الـ 1500 كانت بدلات الإيجار زهيدة جدًا فكيف الحال اليوم؟ كما أنّ التجار الذين يدفعون إيجار محالهم بما يوزي دولارا واحدا فقط، يرفعون أسعارهم ليواكبوا ارتفاع سعر صرف الدولار بالسوق الموازية، فكيف يستقيم هذا الوضع وأي عدالة هذه؟ تابع رزق الله "واضح هناك نيّة لضرب خدمة الإيجار، بالتوازي هناك ثقافة جشع وطمع عند المستأجرين، بدليل أنّ اللجان التي تدّعي تمثيل المستأجرين لا تريد إعطاء المالك حقّه، من هنا يجب تدخّل الدولة بشكل عاجل لتحرير فوري للإيجارات القديمة".
للجان المستأجرين رأي آخر، فهي تعتبر القانون مجحفًا، وتحذّر من تبعاته على المستأجرين معتبرة أنّه سيفقدهم حق السكن وسيصبحون في الشارع، وهو ما ترفضه نقابة المالكين "أثبتت الأزمة أنّ هذه الإدعاءات غير صحيحة، بدليل كيف لهؤلاء أن يتدبروا أمرهم ويدفعون فواتير المولدات والإتصالات والأدوية وغيرها من السلع والخدمات بأسعارها المرتفعة، وعندما يصل الأمر إلى بدل الإيجار يصبحون غير قادرين على دفع بدلات، لا زالت زهيدة مع كلّ الزيادات التي لحقتها، ويبقون على بدلات تعود إلى نصف قرن مضى، وكأنّه المطلوب أن يموت المالك فقط من الجوع في هذا البلد".
بالمحصلة المجلس النيابي أصدر قانوًنا، الحكومة بدورها أصدرت مراسيمه التطبيقية وتخصّص سنويًا مبلغًا لحساب دعم المستأجرين في الموازنات، والكرة في ملعب القضاء الذي تجاهل عمل اللجان القضائية منذ إنشائها.
أخبار متعلقة :