خبر

هل الباصات الفرنسية مُهددة بالتوقف؟ وما حقيقة هبة الحافلات القطرية؟

في منتصف شهر كانون الأول الماضي عادت باصات النقل العام مُجدداً إلى شوارع العاصمة بيروت مع بدء تنفيذ وزارة النقل والأشغال العامة خطة تشغيل باصات الهبة الفرنسية للبنان والتي بلغ عددها 50 باصاً ودخلت 10 منها فقط الخدمة بعد انتظار استمر نحو 6 أشهر نتيجة إضراب الموظفين وبتعرفة 20 ألف ليرة للراكب

 

تنطلق هذه الباصات من منطقة مار مخايل وتتوقف في محطات عدّة ضمن نطاق بيروت الكبرى وضواحيها لكن نقص الأموال والسائقين حال دون وضع المزيد منها في الخدمة.

 

اللبنانيون استبشروا خيرا بهذه الخطوة لاسيما مع اشتداد الأزمة الاقتصادية وما يرافقها من تقلبات في سعر صرف الدولار وارتفاع متواصل في أسعار المحروقات، معتبرين انه في حال تسيير هذه الباصات سيُساهم هذا الأمر ولو جزئياً بالتخفيف من أعباء النقل على اللبناني الذي يعتمد بنسبة 70% من تنقلاته على السيارات الخاصة.

 

كما ان تسعيرة السيارات العمومية الخاصة بلغت مؤخرا مستويات غير مسبوقة وأصبحت ترهق الموظفين الذين لا يملكون سيارات ويضطرون لدفع القسم الأكبر من رواتبهم على المواصلات

 

صحيح ان المشروع لا يزال في بداياته ولكنه يواجه تحديات وعراقيل عدة أهمها تأمين الاعتمادات اللازمة لمواصلة تسيير هذه الباصات بعدما تم تأمين الأموال اللازمة للشهر الأخير من العام الماضي، فهل ستستكمل هذه الباصات مسارها أم ستتوقف عن الخدمة؟ وماذا صحة الحديث عن تقديم دولة قطر 3 آلاف حافلة استخدمت لنقل المشجعين خلال كأس العالم كهبة للبنان؟ 

 

رئيس مجلس إدارة مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك زياد نصر قال في حديث لـ"لبنان24" إن "هذا المشروع شكّل خطوة نوعيّة من حيث انطلاق عدد من الباصات تبعاً لمحدودية قدراتنا الماديّة والبشرية مع الإشارة إلى ان العاملين في المصلحة لم يتقاضوا أي من مستحقاتهم طيلة عام 2022 أسوة بغيرهم في القطاع العام بسبب عدم توفر الاعتمادات اللازمة، وعلى الرغم من ذلك اعتبرنا الأمر تحدياً واستطعنا تسيير الوضع لكن إلى حدّ معين". 

 

وعن إقبال اللبنانيين على هذه الباصات، أشار إلى انه "من الطبيعي في الفترة الأولى ان يستغرق الأمر وقتا لكي يعتاد المواطن على الأمر لاسيما وان الرأي العام يُشكك بالقدرة على استكمال هذه الخطوة ويريد ان يتأكد ما إذا كانت منتظمة وثابتة".  

 

وشدّد على أن "استمرارية هذا المشروع مُرتبطة بتوفير اعتمادات لشراء المواد وقطع التبديل والمازوت وتوفير اليد العاملة المناسبة لتسيير هذا القطاع، مضيفاً: "نملك مخزونا بسيطا من المازوت يكفي لأسابيع قليلة وفي حال نفاد الكمية للأسف فان الباصات ستتوقف عن الخدمة". 

 

وتابع نصر: "لقد وعدنا بتأمين الاعتمادات ودفع مستحقات موظفي المصلحة الذين واكبوا التحضيرات لاطلاق عمل الباصات الفرنسية ومارسوا مهامهم على أكمل وجه ولكن هذا الأمر لم يتحقق لغاية الآن، وبالتالي إذا تعذر دفع حقوق الموظفين وتأمين الأموال اللازمة للصيانة وشراء المازوت حكما فلن يتسنى لنا الاستمرار بتأمين الخدمة على تواضعها"، كما قال

 

فوضى قطاع النقل 

واعتبر نصر ان "الحل هو بتلزيم الأمر للقطاع الخاص وفق عقد واضح والتزاماً بقانون الشراء العام"، كما شدد على عامل أساسي إضافي وهو تنظيم قطاع النقل من قبل الدولة التي من واجبها وضع ركائز له والا فلن يستقيم

 

وتطرّق نصر إلى الفوضى العارمة التي تتحكم بقطاع النقل، وقال: "هذا القطاع لا يجوز أن يكون متفلتاً من أي ضوابط كما هو حاصل اليوم في لبنان حيث يمكن لأي كان أن يشتري حافلة وأن يشغّلها على أي مسار وبأي توقيت ومن دون مراعاة السلامة العامة وان يمنع باصات الدولة ان تسير على خطوط معينة كما يحصل اليوم". 

 

وتابع: "من واجبنا كمصلحة تأمين النقل إلى أي منطقة نائية كانت، ومن واجب الدولة توفير خدمة مستقرة ومنتظمة على كافة الخطوط، ومن واجب وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية ضبط المخالفات. فعملية التكامل مع القطاع الخاص تحتاج إلى دور ناظم للقطاع إذ على كل من يعمل في هذا المرفق الحيازة على ترخيص يحدّد مسار خطّه والمواعيد الموجب الالتزام بها، ما يتطلب توفّر دور تنظيمي إجرائي رقابي من قبل الدولة".  

 

ولفت إلى انه "منذ 40 سنة ولغاية اليوم قطاع النقل العام مهمل ومتروك لقدره ونحن وضعنا العديد من الخطط انما بقيت نظرية ولدينا الإرادة لتحسينه لكن يجب ان يترافق هذا الأمر مع قرار رسمي حاسم بتنظيم هذا القطاع". 

 

هبة الباصات من قطر 

وعن الأخبار المتداولة عن تقديم قطر 3 آلاف حافلة استخدمت لنقل المشجعين خلال كأس العالم كهبة للبنان، يجيب نصر بأنه سمع بالأمر من خلال وسائل الإعلام لكن ليس هناك مراسلات رسمية بهذا الإطار، وقال: "نشكر دولة قطر في حال لديها مبادرة جدية بهذا الخصوص ولكن لم نتبلغ بأي أمر رسمي عن هذا الموضوع". 

 

وفي الختام، أمل نصر في ان "تُنظم مؤسسات الدولة كافة بدءا من المؤسسات الدستورية مرورا بقطاع النقل وان يتم دعم هذا البلد لتعزيز مرافقه العامة"، معتبرا انه "من المعيب عدم وجود الاهتمام الكافي لقطاع مدعوم في كل دول العالم ويؤمن خدمة اجتماعية ملحة للمواطنين ولا يبغي الربح كقطاع النقل"، مشددا على انه من واجب الدولة تأمين هذه الخدمة شبه المجانية لمواطنيها

 

إذا مصير الباصات الفرنسية ينتظر تأمين الاعتمادات اللازمة لها فهل سيتحقق هذا الأمر مع كل ما يُرافقه من تعقيدات سياسية ومالية ام سيكون مصيرها التوقف بعد أسابيع قليلة فقط على إطلاقها وينطبق عليها المثل الشائع "يا فرحة ما تمت"؟ 

 

أخبار متعلقة :