لم يكن الجو في جلسة لجنة المال والموازنة يوم أمس إيجابياً وهي الجلسة التي كانت مخصصة لدراسة ومناقشة اقتراح قانون الانتظام المالي والمقصود به معالجة الفجوة المالية الناتجة عن الازمة الاقتصادية والمالية وتحديد مصير الودائع وقواعد معالجتها.
لم تناقش اللجنة اقتراح القانون، انما بقيت المناقشات عامة وتركز معظمها على ملاحظات شكلية، فالاقتراح الذي وقعه النائبان احمد رستم والنائب الوزير جورج بوشكيان هو في الاصل مشروع الحكومة الذي أعده الفريق الاقتصادي والمالي لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي، إلا أن عدم انعقاد جلسات مجلس الوزراء حال دون إحالته كمشروع قانون والاستعاضة عن ذلك بتوقيعه من قبل نائبين. اللافت في جلسة يوم أمس أن رستم وبوشكيان لم يحضرا الجلسة لشرح الاقتراح على ما جرى عليه العرف في جلسات اللجان، كما أن الحكومة غابت عن المشاركة فلم يحضر وزير المال يوسف الخليل الذي دعي إلى اجتماع لجنة المال، ولا نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي، الأمر الذي أثار حفيظة النواب ودفعهم إلى عدم الدخول في مناقشة الاقتراح وتأجيله إلى جلسة لاحقة مع إصرار اللجنة على حضور مقدمي الاقتراح وممثلي الحكومة.
لقد بدت ملاحظات النواب وتعليقاتهم مدفوعة بالخلفيات السياسية للكتل النيابية وحساباتها مع الحكومة أو حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من التيار الوطني الحر إلى القوات اللبنانية إلى النائب جميل السيد وبعض النواب التغييريين، علما ان حساسية موضوع الودائع ودقته تجاه ردة فعل الرأي العام ستدفع بمواقف الكتل إلى مراعاة المناخات الشعبية وعدم الاحتكام حصرا إلى المقاربات الاقتصادية والمالية التي تفرضها سبل المعالجة.
من استمع إلى مقاربات النواب في لجنة المال، بحسب بعض المشاركين، يخرج بانطباع يساوره القلق حول طول مسار النقاش وتعقيده وعدم تبلور موقف وطني يملي التعجيل في مسار المعالجة من غير ان يعني ذلك تفريطا بأموال المودعين او موافقة مسبقة على المقتراحات الواردة في الاقتراح.
ويقول مصدر نيابي لـ"لبنان24" لا يمكن لأي كان، من النواب أو الخبراء الاقتصاديين والماليين المعنيين أن يقلل من حجم التعقيدات والصعوبات التي تواجه سبل معالجة الازمة الاقتصادية والمالية في البلد وضيق الخيارات المتاحة، وضعف الامكانات الوطنية لكن كل ذلك لا يمنع من التسليم بضرورة واهمية التفاف المكونات السياسية حول خطة المعالجة بهدف تحويلها إلى خطة وطنية شاملة تلقى الدعم والتأييد من معظم الافرقاء وكذلك أهمية التسريع في مسار المعالجة وتحييده عن المنازعات الداخلية.
إن الكتل النيابية بمجملها، أعلنت تمسكها بضرورة إعادة ودائع المودعين وعدم تحميلهم أية مسؤولية وهو ما يتناقض بصورة كبيرة مع مضمون اقتراح قانون الانتظام المالي، مما يعني أيضاً، بحسب المصدر نفسه، أن الامور تتجه إلى تصادم حاد بين موقف الحكومة والموقف النيابي في لجنة المال ولاحقا اللجان المشتركة، مع الإشارة إلى أن معظم الأفكار الواردة في الاقتراح والمشاريع المالية الأخرى إنما جرى إعدادها وتنسيقها مع صندوق النقد الدولي، وهذا يعني أن معضلات عديدة تنتظر تكمن في أفق المناقشات النيابية التي سيشهدها البرلمان.
أخبار متعلقة :