خبر

حادثة "كفرقاهل"... على "حزب الله" و"بكركي" ان يراجعا حساباتهما


مساء يوم الأربعاء الفائت، انتشر مقطع "فيديو" لما عُرف بحادثة "كفرقاهل" عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتحوّل الى "Trend" لاسيما عبر مجموعات "الواتساب" التي تناقلته بسرعة وكثافة دون توقف على مدار ساعات طويلة.

وفي هذا الاطار، لا يبدو مستغربا ان يتم تناقل هكذا نوع من "الفيديوهات"، فمضمونه يمكن اعتباره غريباً ومستفزاً في الوقت نفسه، كما يمكن اعتبار ان المادة التي قدمها لا تشبه اللبنانيين ولا منطقهم في التعاطي مع بعضهم البعض، على الرغم من حدة الأزمة التي يعانون منها والتي نتج عنها تفلّت على أكثر من صعيد، ما ادى الى تراجع في مستوى الخطاب والحوار والقيم والاخلاق وغيرها.

لكن وعلى الرغم من التراجع المشار اليه والممكن متابعته بشكل واضح عبر التعليقات المختلفة التي تتضمن الشتائم والسباب والتجريح الشخصي على موقع "توتر" مثلاً، لم تشهد الساحة اللبنانية منذ بداية الأزمة وحتى اليوم اي تسجيل مصوّر او تعليق مكتوب أدنى مستوى مما شهدناه في "فيديو" حادثة "كفرقاهل".
فـ"الفيديو" المذكور، يحمل اساءة للانسانية قبل اي شيء آخر وهذا ما يمكن استنتاجه من خلال التدقيق في ردة الفعل الظاهرة على وجوه عناصر قوى الامن الداخلي.

كما انه يحمل اساءة فاضحة بحق البطريركية المارونية وهي احدى ابرز المرجعيات الروحية في لبنان وبحق المؤسسات العسكرية في لبنان وهيبتها عبر التعدي المباشر على عناصر الدورية التي كانت متواجدة في المكان.

على الصعيد الانساني، بدا واضحا من المشاهد المنتشرة ان عناصر القوى الامنية ظهروا ضعفاء امام وقاحة المعتدين وهمجيتهم واستسهالهم لاستخدام السلاح.
وهنا، لا بد من النظر الى عناصر الدورية كأشخاص قبل النظر اليهم من خلال الوظيفة الواجب تأديتها، فهم كأفراد وامام هذا الكم من الجنون الذي واجهوه، بدوا مستسلمين ومحاولين ابعاد اي  حركة عنيفة قد تصيبهم عبر استخدام السلاح، منعا لتحولّهم الى شهداء على مذبح مخالفات البناء، ومنعا لتحويل عائلاتهم وذويهم الى عوائل يبحثون عمن يدافع عنهم قبل ان يدافع عن الوطن.

اما على صعيد الاساءة للمؤسسة العسكرية في لبنان من خلال التعرض لعناصر الدورية، فهنا مبحث آخر متعلق بهيبة الدولة ونظرة المواطن اليها ومعنويات العناصر المنتسبة الى اجهزة الدولة العسكرية على اختلافها.

وفي هذا الاطار، بدا واضحا ان العناصر الأمنية مسلوبة المعنويات والاندفاع في الوقت نفسه، وهذا ما ليس مستغرباً في ظل المعاناة الكبيرة  والمأساة المستمرة التي حوّلت حياة العاملين في القطاع العام وفي الاسلاك العسكرية في لبنان الى شبه مستحيلة وذلك بفعل التدني الكبير الحاصل بقيمة الليرة اللبنانية الذي حوّل معاشات العسكريين الى اوراق نقدية لا قيمة فعلية لها.

والنقطة الأبرز في الحادثة، متمثلة في تصويب السهام نحو البطريركية المارونية عبر توجيه الشتائم لبكركي بطريقة واضحة وصريحة.

وعلى هذا الصعيد، يبدو ان من سمح لنفسه بالتوجه الى بكركي بالعبارات النابية، سمح لنفسه ايضا ان يحوّل فعلته الى سابقة غير مستحبة في مجال تعاطي اللبنانيين مع بعضهم البعض وفي مجال احترام المرجعيات الروحية على اختلافها في لبنان.
وهنا لا بد من لفت الانتباه الى نقطة اساسية ساهمت بطريقة او أخرى في استسهال التوجه الى بكركي بهذه الطريقة.

والنقطة المشار اليها متمثلة في التباين بوجهات النظر الواقع بين بكركي و"حزب الله"، فهذا التباين وعلى الرغم من صحته انطلاقا من مبدأ حرية الرأي والحق في الاختلاف مع الحفاظ على قواعد التواصل والحوار، يترك أثراً سلبياً على صعيد الشارع وعلى العلاقة بين بعض المكوّن الشيعي وبعض المكوّن المسيحي، لذلك لا بد من ان يراجع كل من "حزب الله" و"بكركي" حساباتهما في هذا المجال، محاولين تخفيف حدة الاحتقان في الشارع الممكن ان ينتقل فجأة من الكورة الى جبيل فالجنوب وغيرهم من المناطق.

أخبار متعلقة :