– اتخاذ موقف حاسم ونهائي في شأن موضوع تمثيل سنة ٨ آذار، وهذا الموقف جاء مفاجئا في حدته وسقفه المرتفع لجهة الرفض المطلق لأي تمثيل للنواب السنة الستة، ومن ضمن أي حصة حكومية. والى حد ربط مصير الحكومة بهذه المسألة ووضع معادلة لا حكومة مع سنة ٨ آذار، في مواجهة معادلة حزب الله لا حكومة من دون سنة ٨ آذار.
– مغادرة الحريري الى باريس وإقامته هناك بشكل متواصل، في خطوة بدت كأنها تعبر عن لا مبالاة كالتي يريد حزب الله ان يوصي بها، وتهدف الى رفع درجة الضغوط عليه وتحميله مسؤولية الأزمة، “ومن أوجد هذه المشكلة عليه أن يحلها”، ومن هذه الضغوط ما صدر عن باريس من مواقف ورسائل وصلت الى بيروت عبر البريد السريع والمباشر، وتدعو الى التعجيل في تأليف الحكومة عبر تسهيل مهمة الحريري وتربط بين الحكومة ومساعدات الدول المانحة.
هذا المسار للتطورات الحكومية التي تضرب طوقا سياسيا حول حزب الله، وتتزامن مع عقوبات أميركية ضاغطة، كان كافيا لإثارة تساؤلات لدى حزب الله دفعته الى مراجعة سياسته، ليس لتحديد مكامن الخلل وإنما لتحديد المسؤوليات وطبيعة العلاقة مع الحريري من الآن فصاعدا. هذه العلاقة كانت شهدت فترة انسجام وتناغم منذ وصول الرئيس عون الى قصر بعبدا، وتواصلت في فترة تشكيل الحكومة الجديدة، إذ لطالما أبدى الحريري تقديره لحزب الله واعتبره أكثر من يسهل ويتعاون، في وقت كان الحزب يقدر للحريري موقفه أمام المحكمة الدولية ويؤكد تمسكه به وألا بديل عنه ولا خطط لديه لإيجاد البديل.
الآن تبدو الأجواء متغيرة والعلاقات على أهبة الدخول في مرحلة جديدة من “افتراق المصالح” ومن ربط العلاقات بحسابات واعتبارات إقليمية، ليصبح لبنان ساحة من ساحات الصراع الأميركي ـ الإيراني. فإذا كان الرئيس سعد الحريري جديا في التهديد بالاعتذار إذا لم يؤخذ بمطلبه “السني”، فإن حزب الله الذي لن يتراجع عن موقفه سيكون بعد حين جديا في ترك الحريري ينفذ تهديده، وسيبدأ مهمة البحث عن بديل وستكون مهمته شاقة، بل شبه مستحيلة، وبالتالي، فإن الوضع يقف بين احتمالين: إما حكومة تصريف أعمال لأمد طويل ولذلك يطرح تفعيل التشريع والتصريف، وإما أزمة أبعد وأعمق من أزمة حكومة.