خبر

الضغط المالي يتعاظم والرسوم الجمركية إلزامية

أظهر تقرير وزارة المال حول أداء المالية العامة في الأشهر الستة الأولى من العام 2018 تراجعًا في إيرادات الدولة بقيمة 500 مليار ليرة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2017، كما زاد الإنفاق على الفترة نفسها بقيمة 2500 مليار ليرة لبنانية مُنذرًا بعجز قد يوازي الـ 6,6 مليارات دولار أميركي في العام 2018 مقارنة بعجز مُقدّر بـ 4,8 مليارات د.أ. في موازنة العام 2018!

لكنّ الأصعب في هذا التقرير هو أداء الاقتصاد اللبناني الذي يُظهر تراجعًا واضحًا من خلال الميزان الأوّلي. فلقد سجّل عجزًا بقيمة 235 مليار ليرة في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي مقارنة بفائض 2500 مليار ليرة في الفترة نفسها من العام 2017. وأهمية هذا الميزان أنه يُظهر مدى الانتظام المالي للدولة حيث يجب أن يكون أكبر من خدمة الدين العام، لكي يكون هناك انتظام مالي. إلّا أنّ خدمة الدين العام على الفترة نفسها بلغت 4195 مليار ليرة لبنانية، ما يعني أنّ إيرادات الدولة لم تعد تستطيع أن تُغطّي خدمة الدين العام، لا بل أن الدين العام سيزيد بقيمة خدمة الدين العام إضافة إلى قيمة عجز الميزان الأوّلي، أي ما يوازي مرتين 4195 + 235 مليار ليرة لبنانية!

هذه الأرقام تُظهر مدى خطورة الوضع المالي للدولة، والتي لا يمكنها الاستمرار على هذا النمط، لأنه، وكما أظهرنا أعلاه، لم يعد هناك من هامش في الوقت يسمح بتغيير الوضع المالي. فكّل إجراء مهما كانت طبعته (إقتصادي، مالي، ضريبي أو إداري) يحتاج إلى وقت ليُعطي مفعوله، وبالتالي هناك إلزامية لتشكيل الحكومة والإسراع في تنفيذ الإصلاحات.

في ظلّ هذا الوضع، هناك عدد من الإجراءات المُتوجّب أن يقوم بها المواطن، والتي تُساعد (في ظل غياب الحكومة) على لجم التدهور الإقتصادي والمالي، وعلى رأسها خفض شراء البضائع الأجنبية واستبدالها ببضائع وسلَع لبنانية. فكلّ عام يخرج من الاقتصاد اللبناني أكثر من 14 مليار دولار أميركي، نتيجة الإفراط في استيراد البضائع الأجنبية. هذا المبلغ يفرض على مصرف لبنان جذب رؤوس أموال بقيمة تجعل ميزان المدفوعات إيجابيًا. وهذا يعني أنّ كل مواطن لبناني مسؤول أيضًا، من خلال سلوكه الاستهلاكي، عن خلق مشاكل إقتصادية ومالية ونقدية.

أمّا في ما يخصّ الدولة اللبنانية، فإنها مدعوّة إلى فرض رسوم جمركية عالية على كل البضائع والسلع المُستوردة التي لها مثيل في لبنان. هذا الأمر سيحدّ من استيراد البضائع والسلع الأجنبية ويزيد من الطلب على البضائع اللبنانية، مما يعني المزيد من الاسثمارات والوظائف. أضف إلى ذلك أنّ خزينة الدولة ستنعم بقليل من المداخيل المالية الناتجة عن هذه الرسوم.

على الصعيد النقدي، ما تزال الليرة تتمتّع بدعم كبير من الاحتياط من العملات الأجنبية، والتي تُظهر تحاليلنا أنها كافية للدفاع عن الليرة في المرحلة المُقبلة، خصوصًا أنّ المصرف المركزي لم يستنفد كل أسلحته، وبالتحديد هناك سلاح يمتلكه مصرف لبنان (نتحفّظ عن ذكره) كفيل بالقضاء على كل مُضارِب على الليرة اللبنانية مهما بلغ حجمه. إلّا أنّ هذا الأمر لا يعني أنّ الليرة ليست تحت ضغط يومي، نتيجة التلكؤ في تشكيل الحكومة والتأخّر في تنفيذ الإصلاحات وتحفيز النمو الاقتصادي.

في الختام، نُناشد الأفرقاء السياسيين الإسراع في حل عقدة الحكومة والبدء بتنفيذ كل ما هو مطلوب، قبل الوصول إلى نقطة اللارجوع التي ستكون موجِعة للمواطن اللبناني.