خبر

إشاعة على هواتف اللبنانيين عن أحوال الطقس...إنه الحضيض!

"سعيدة شباب. معكم طوني شكري، رئيس مصلحة الأرصاد الجويّة في مطار رفيق الحريري. من بعد ما عم يتداول كثير قصص على الواتساب والتواصل الاجتماعي عن عاصفة كثير قوية ما شهد مثلها لبنان من سنة الـ 92، أنا بحب شدد على هيدا الكلام وبحب قلكن انو لبنان عن جد رح يتأثر بعاصفة كثير قوية قطبية المنشأ.. رح يجي معها أمطار قوية وثلوج على ارتفاعات كثير متدنية...". هذا بعضٌ مما راح السيد "شكري" يشرحه في رسالة صوتية انتشرت مؤخراً على هواتف اللبنانيين بشكل كثيف.

"الخبير المسؤول" افتراضياً لم يكتف بذلك، بل جهد في تقديم النصائح والإرشادات والتحذيرات لإبعاد أضرار العاصفة المرتقبة المتربصة بلبنان. حذاري البحر فالأمواج ستصل إلى 6 أمتار. حذاري السواحل، فهي معرّضة لزخات ثلوج وسيول طبعاً! نصيحة ذهبية لأهالي الضيع والقرى: حضروا المؤن والجرّافات والحطب! العاصة تبدأ السبت وتصل الاثنين إلى ذروتها. لكنها سوف تتجدد أسبوعاً إضافياً كما تشير الخرائط!

هكذا، وبكل برودة أعصاب وثقة، قرر شخصٌ سمّى نفسه "طوني شكري" وادعى بأنه رئيس مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت، أن يطلق إشاعة وينشرها على هواتف اللبنانيين. مُنتحل الصفة هذا اختار الأحوال الجويّة موضوعاً لكذبته، ولعلّه أدرك طبعاً أنها ستنتشر كالنار في الهشيم، بل ستكون قابلة للتصديق من قبل كثيرين! كيف لا، وأخبار الطقس لا تزال شغل اللبنانيين الشاغل، والأكثر قراءة ومتابعة من دون منازع!

للأسف نعم، ثمة من صدّق هذه الإشاعة وأعاد نشرها، رغم أنّ بحثاً بسيطاً على موقع "غوغل" كفيلٌ بإظهار اسم رئيس المصلحة الحقيقي (مارك وهيبة)، هذا إذا ما غاب عن بال الذين صدقوا الكذبة أنّ "المصلحة" لا تتوّجه إلى المواطنين برسالات صوتية عبر "الواتساب" بل إنها تلجأ إلى إصدار بيان رسمي عندما تريد نشر رسالة ما.

الراصد الجويّ في مصلحة الأرصاد الجوية في مطار بيروت رفعت العزي لم يخف، في اتصال مع "لبنان24"، ورود الكثير من اتصالات المواطنين المستفسرين عن حقيقة تلك "الرسالة".

وأكدّ أن "إدارة المصلحة" تقدمت بشكوى ضدّ مجهول في هذه القصة، مشدداً على "ألا علاقة لنا بالرسالة المتداولة لا من قريب ولا من بعيد".

واعتبر العزي أنّ ثمة من يريد ربما أن يتسلّى عبر بثّ معلومات مغلوطة وكاذبة، أو لعلّ هناك من يفرحه زرع الرعب في نفوس المواطنين، مضيفاً: "ربما يرى هؤلاء أن المجال للقيام بمثل هذه الأفعال بات أكثر سهولة في ظلّ المنابر المتاحة ووفرة المصادر التي تدعي إلمامها بالطقس والأحوال الجوية فقط لأن هذا القطاع يستهويها".

وأكدّ أن مصلحة الأرصاد الجوية هي جهة رسمية وكلّ ما يصدر عنها تتحمل مسؤوليته.

وعن أحوال الطقس في الأيام القليلة القادمة، لفت العزي إلى أننا نشهد طقساً مستقراً ودافئاً مع درجات حرارة فوق معدلاتها الموسمية لهذا الشهر، ولا يبدو في أفق الأسبوع الحالي أي هطول للأمطار.

لا عاصفة إذاً، ولا من يحزنون. "شباط اللباط، مهما شبط ومهما لبط ريحة الصيف في"...يبدو أنه يطبق هذا المثل، أقلّه حتى الساعة.

لكنّ "لبّاطي" القوانين والأخلاقيات ما زالوا، للأسف، يعصفون في فضاءاتنا الافتراضية والواقعية. ليست المرة الأولى التي تتداول فيها إشاعات وأكاذيب. في الأيام الأمنية الصعبة، ثمة من يتجرأ على بثّ الرعب في النفوس من خلال أكاذيبه وأفكاره الداعشية. في أوقات الأزمات السياسية، ثمة من يمسّ بوضع الليرة، فتهرع الناس إلى المصارف مذعورة. في محطات كثيرة، ثمة من ينتحل صفة الجيش اللبناني أو قوى الأمن الداخلي أو الصليب الأحمر. وصلت الوقاحة بأحدهم إلى التحذير من مخلوق شيطاني يسرح ويمرح في إحدى البلدات اللبنانية. المشكلة أنّ الناس تصدق. المشكلة الأكبر ان مفتعلي الإشاعات مخالفون للقوانين وباستطاعة القوى الأمنية معرفة المصدر بعد التحريات والتحقيقات وتوقيفهم، لكنها بذلك تُجبر على التلهي بأمور أقلّ خطورة من قضايا أخرى. فإلى متى يستمرّ هذا الجهل المسيطر على عقول البعض الذين لا يتمتعون بأي حسّ للمسؤولية؟!

أخبار متعلقة :