خبر

إحتياط الموازنة… “ولا ليرة”

من بوابة سلسلة الرتب والرواتب، عادت التحذيرات الاقتصادية والمالية لتطل برأسها مجدداً مشيرةً الى ارقام “مُخيفة” من النفقات لتغطية قيمتها تجاوزت المتوقّع من الايرادات لتمويلها.

وزاد من طين خطورة الوضع الاقتصادي والنقدي بلّة، ما اعلنه وزير المال في حكومة تصريف الاعمال علي حسن خليل خلال جلسة تشريع الضرورة في مجلس النواب في 12 الجاري “ان لا يوجد في احتياط ​الموازنة​ ليرة واحدة”، وهو -جرس إنذار- لا يُمكن فصله عن توقيع رئيس الجمهورية ميشال عون امس على مرسومين، الاول يحمل الرقم 4048 تاريخ 28 تشرين الثاني 2018 ويقضي بفتح اعتماد اضافي في موازنة 2018 في باب النفقات المشتركة لتغذية نبذة معاشات التقاعد، والثاني الذي يحمل الرقم 4047 تاريخ اليوم بفتح اعتماد اضافي تكميلي في الموازنة العامة للعام 2018 في باب النفقات المشتركة لتغذية تعويضات نهاية الخدمة.

منذ ايام ارتفعت اصوات تطرح خيارات عدة لمواجهة التحديات الاقتصادية منها إلغاء مفعول السلسلة وتجميد 25 في المئة من حجمها لثلاث سنوات. وانضم وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل الى هذه الاصوات، بقوله من صربيا التي حطّ فيها امس لاجراء محادثات “ان معالجة الانحدار الاقتصادي بجرأة سياسية هي الأولوية لدى الحكومة المقبلة”، رابطاً هذه الخطوة بالاستفادة من التجربة الصربية، حيث جرى اللجوء إلى خفض الرواتب في القطاع العام”.

مصادر سياسية مطّلعة اشارت عبر “المركزية” الى “ان لا بد من ايجاد حلول لموضوع السلسلة، لان الايرادات لسدّ قيمتها لم تأت مطابقة للارقام التي كانت متوقّعة، وهذا ما حذّرنا منه عندما اقرّها مجلس النواب”.

واعتبرت “ان الازمة الاقتصادية التي نعيشها لا تقف وراء تضخّمها السلسلة فقط، فهناك هدر في ملفات عديدة لعل ابرزها الكهرباء، حيث بلغ الانفاق العام عليها حجماً لم يعد بوسع خزينة الدولة تحمّله، وما يزيد الطين بلّة ان الكهرباء غير مؤمّنة”.

ومع ان الامن الاقتصادي والاجتماعي يتراجعان نتيجة تراكمات عديدة من الانفاق العشوائي الذي كبّد الدولة ولا يزال ديناً لا يسلك سوى المنحى التصاعدي، يبدو ان اي مسّ بالسلسلة لن يمرّ مرور الكرام عند مستحقّيها، وكان سبق لرئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الاسمر ان لوّح بالعودة الى الشارع اذا مُدّت يد الدولة الى ما يعتبرونه حقاً مقدّساً. ولفتت المصادر المطّلعة في هذا المجال الى “ان لا بد من اتّخاذ اجراءات “موجعة” تطال رواتب واجور الموظفين في القطاع العام، مع العلم ان القيمة الشرائية لاصحاب هذه الرواتب تراجعت بعد نيلهم السلسلة بسبب ارتفاع الاسعار نتيجة لارتفاع معدلات التضخّم”.

واضافت “نحن متّجهون الى صعوبات (كي لا اقول ازمة) اقتصادية ونقدية اذا ابقينا ارقام السلسلة على ما هي عليه. لا مناص اذا استفدنا من التجربة الصربية في هذا المجال، حيث عمدت الحكومة الى اتّخاذ سلسلة اجراءات لمواجهة الازمة الاقتصادية التي عصفت بالبلد كان أولها تخفيض رواتب الموظفين في القطاع العام من دون استثناء (من معظم الفئات) وإعادة النظر في نظام تعويضات نهاية الخدمة والمعاش التقاعدي، وهذا النظام هو الذي “يكسر ظهر الدولة” في لبنان”.

ونبّهت المصادر السياسية الى “ان هذه الصعوبات-الازمة-المالية والاقتصادية تسير بوتيرة سريعة ومُخيفة اذا لم نحزم أمرنا ونبدأ بالاجراءات المذكورة آنفاً، وذلك من خلال قرارات تصدر عن مجلس النواب والحكومة حتى ولو كانت تصرّف الاعمال، لان المشرّعين عندما تحدّثوا عن تصريف الاعمال “بنطاق ضيّق” لم يكن في ذهنهم ان هذه المدة ستطول اشهراً، لذلك لا بد اليوم مع استمرار ازمة تشكيل الحكومة من الذهاب نحو تصريف اعمال على نطاق اوسع من اجل اتّخاذ سلسلة اجراءات “طارئة” لمواجهة الصعوبات الاقتصادية والمالية الاتية، والامر نفسه يجب ان ينطبق على مجلس النواب في مجال تشريع الضرورة”.