خبر

بو عاصي: لا للاختيار بين الوجود و الدور


شارك وزير الشؤون الإجتماعية في حكومة تصريف الأعمال النائب بيار بو عاصي بندوة نظّمتها جمعية CHREDO الفرنسية حول حماية مسيحيّي المشرق و الأقليات في باريس بمقر المجلس المركزي لمقاطعة ايل دو فرانس برعاية رئيسة المقاطعة ڤاليري بيكريس.

ضمّ هذا اللقاء وفوداً من رجال الدين المسيحيين و المسلمين من بلدان المنطقة كما سياسيين وناشطين من لبنان، الأردن، مصر، العراق و سوريا.

في مستهل كلمته، شدد بو عاصي على أهميّة مقاربة موضوع الأقليات المشرقية وعلى رأسهم المسيحيين بالكثير من الدقة والتنبّه. وشبه مجتمعات المنطقة بالموزاييك لما تتميز فيه من غنى وتعقيد وصلابة عابرة للعصور. كما اشار بو عاصي الى أن اي اعتداء داخلي او خارجي على احدى المكونات انعكس تاريخياً تشويهاً وضعفاً للمجموعة ككل.

واذ ذكر بأن المسيحيين موجودون في الشرق منذ اكثر من ألفي سنة، رفض حصر معاناتهم و تحدياتهم بظهور “داعش” لان تحدي بقائهم في ارضهم ودورهم الفاعل في مجتمعاتهم من عمر وجودهم مضيفا: “المسيحيّون موجودون في هذا الشرق منذ ٢٠٠٠ عام وذلك يحتّم عليهم تحديّاً مزدوجاً: تحدي الوجود و تحدّي الدور الذي عليهم لعبه”.

رأى بو عاصي أنّ عزل المسيحيّين والأقليات في الشرق ليس فقط دينيّاً و لكن أيضاً ثقافيّاً و سياسياً. واضاف: “في حين تسمح معظم الدول بممارسة الشعائر الدينية المختلفة فانها تسمح بالممارسة السياسية فقط في حال الولاء للحاكم وهذا ما ينطبق غالباً على كافة مواطني هذه الدول. فالمشكلة المعضلة تصبح بالنسبة للكثيرين وبخاصة ابناء الأقليات الدينية، وجوب الاختيار بين الوجود والدور. فاذا اختاروا الوجود وتخلوا عن الدور تحولوا الى مقيمين في بلدانهم و سقطت عنهم صفة المواطنة واذا اختاروا الدور عرضوا وجودهم للخطر. هنا تكمن مأساتهم الحقيقية”.

وتابع وزير الشؤون الاجتماعية: “يبقى الحلّ في المواطَنة الحقيقية العادلة. المواطنة لا تكون كالوجبات الجاهزة بل تتطلّب عملاً دؤوباً و مضنياً في بعض الأحيان لبناء دولة القانون”.
كما أشار بو عاصي الى أنّه لا يوجد تراتبية أو مفاضلة في المعاناة، فمعاناة المسيحي هي كمعاناة الكثيرين في الشرق ويجب إعطاء كل تضحية وكل معاناة قيمتها وحقها. واردف: “علينا المحافظة عل قيمنا قبل اي شيء آخر، قيم الحرية واحترام حياة الانسان وكرامته، مهما كان انتماؤه.

و ختم بو عاصي بقضية النازحين السوريين قائلا: “لقد استقبلنا مليون ونصف مليون نازح سوري. بصفتي وزيرا للشؤون الإجتماعية أساهم بتقديم المساعدات لهم و أقوم بذلك بكل فخر ومسؤولية لأنّهم ضحايا وليسوا بمجرمين. و هذا يصب في صلب القيم الإنسانية التي أؤمن بها”.

و ذكّر بأنّ النازحين يشكلون ٣٠٪؜ من سكان لبنان و هذه النسبة الأكثر ارتفاعاً في العالم اليوم. لبنان لا يمكنه أن يتحمّل هذا العدد و هذا يعرض مستقبله للخطر. وتابع: ” هناك خطر وجودي، لبنان الذي نعرفه ينتهي إذا ما بقي هؤلاء النازحون على المجتع الدولي فهم ذلك، يجب ان يعودوا سريعا الى بلادهم”.

وتلا المؤتمر مأدبة عشاء كانت مناسبة لتبادل الأفكار و وجهات النظر مع كافة الوفود المشاركة.