على صخرة شروط “حزب الله” التعجيزية، تكسَّرت موجة التفاؤل بولادة حكومة، تنتشل لبنان من فراغ دخل في الشهر الثامن. فبعدما استبشر رئيس الجمهورية ميشال عون بتشكيل الحكومة “خلال أيام”، واستشرفها رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري على بُعد “مئة متر”؛ ها هو “الحزب” يوصد مجدداً أبواب الأمل في وجوه اللبنانيين، رافضاً كل اقتراحات تسهيل التشكيل، وموعزاً للدائرين في فلكه، أن اشترطوا على رئيسي الجمهورية والمكلف، توجيه دعوة إلى رئيس النظام السوري بشار الأسد، للمشاركة في القمة العربية الاقتصادية، التي يستضيفها لبنان في يناير المقبل.
وفيما تُتوقع عودة الحريري من لندن في الساعات المقبلة، حيث يلتقي، فور وصوله، الرئيس عون ويناقش معه نتائج مشاوراته مع القوى السياسية خلال الأيام الثلاثة الماضية، وما يمكن القيام به لتجاوز عقدة توزير “سُنَّة 8 آذار”؛ علمت “السياسة” أن “حزب الله” أبلغ المعنيين بالتأليف أنه مصرٌّ على أن “يتمثل النواب السُّنَّة من خارج تيار المستقبل بواحد منهم لا بمن يمثلهم، وأن يكون تمثيلهم من حصّة الرئيس المكلف لا من حصّة رئيس الجمهورية، الذي تشير المعلومات إلى أنه لا يمانع توزير المستقلين من حصّته”.
وتفيد المعلومات المتوافرة لـ”السياسة”، أن الرئيس عون “سيتمنى” على الرئيس الحريري، عند اجتماعه به، “تحديد موعد” للقاء النواب السِّتَّة حلفاء “حزب الله”، ما قد يشكل بداية مخرج للأزمة، إذا تراجع الحزب عن موقفه المتعنت وقبل بتوزير ممثل عن حلفائه السُّنَّة. لكنَّ أوساط الرئيس الحريري تنظر بتحفظ إلى هذا المخرج، موضحة أن الرئيس المكلف “مُستعد لاستقبالهم كلّاً على حدة، لا كمجموعة؛ فهم ليسوا كتلة نيابية، بل قام حزب الله بتجميعهم لمحاربة الرئيس الحريري”.
وفي موقف داعم للرئيس المكلف، رفض “المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى”، بعد اجتماعه برئاسة مفتي الجمهورية عبداللطيف دريان أمس، “أي تجاوز على صلاحيات رئيس الحكومة المحددة في الدستور، لاسيما ما يتعلق منها بتشكيل الحكومة”، مؤكداً في الوقت نفسه “حرصنا على ممارسة رئيس الجمهورية كامل صلاحياته الدستورية (…) لكي ينتظم عمل المؤسسات على الوجه الصحيح، بما يؤمّن الطمأنينة والاستقرار في البلاد”. وشكر المجلس للرئيسين عون والحريري “موقفهما التشاوري الحكيم والوطني الذي أراح الوضع العام في البلاد، وأدخلها في المسار الآمن، وهيأ المناخات المناسبة لانصراف المسؤولين إلى معالجة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية”.
وأهاب المجلس باللبنانيين أن “يغلِّبوا لغة العقل ومصلحة البلاد العليا (…) لأن الخلافات والمنازعات، التي تتناول القضايا الوطنية ولاسيما الدستورية منها، لا يمكن حلها إلا عن طريق الحوار الهادئ والرجوع إلى أحكام الدستور”، محذراً من أن مسألة تشكيل الحكومة “كادت تتحوّل إلى أزمة وطنية، في ظل ما يُشاع عن توجّه إلى إحالة الموضوع على مجلس النواب”، مؤكداً أن “أحكام الدستور الواضحة والصريحة أناطت برئيس الحكومة المكلف وضع تشكيل الحكومة، على أن يصدر رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها بالاتفاق مع رئيس الحكومة…”.