خبر

الراعي: الفنانون في خلق العقد يماطلون في التشكيل

 

سأل البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي: أين هي مسؤوليّة رجال السّياسة عندنا، المنشغلين بمصالحهم وحصصهم، عن حماية دولة العيش المشترك والميثاق، فيما الممارسة الكيديّة والغدّارة الطّائفيّة والمذهبيّة في الإدارات العامّة، والجامعة اللّبنانيّة، والأمن الدّاخلي تجنح بالدّولة إلى غير طيب العيش معًا الذي أردناه ركيزة أساسيّة لديمومة وطننا وعقدنا الإجتماعي، وإلى غير مشروعنا اللّبنانيّ المحبّ للإنسان والحرّيّات والسّلام في دولة مستقلّة قادرة وحدها على حماية مواطنيها، وفرض طاعتهم لها؟

وأضاف الراعي خلال توجيهه رسالة عيد الميلاد إلى اللبنانيين: “لا يحقّ للجماعة السّياسيّة إهمال هذه الحقوق التي هي واجبات عليها، ولا حجب مساندتها للمؤسّسات الكنسيّة التي تشارك الدّولة في هذه المسؤوليّة الجسيمة، وتحمل عنها قسطًا وافرًا من هذه الواجبات، ولا يحقّ للمسؤولين في السّلطة العامّة التّلكّؤ عن أداء ما يتوجّب على الدّولة تجاه هذه المؤسّسات من مستحقّات ماليّة في وقتها، حمايةً لنشاطاتها في خدمة المواطنين، فيما هم يحمون الفساد والمفسدين، وتبديد المال العامّ، ويدّعون بأنّ الخزينة فارغة، وأنّهم إذا دفعوا المستحقّات، فهم يسجّلون ديونًا إضافيّةً على الدّولة، ومع ذلك ما زال أصحاب الشّأن يماطلون في تأليف الحكومة منذ سبعة أشهر، ويتفنّنون في خلق العقد في كلّ مرّةٍ تصل الحلول إلى خواتمها. وهم غير آبهين بالخسائر الماليّة الباهظة التي تتكبّدها الدّولة والشّعب اللّبناني، أليس هذا جريمة؟ هذا ما أثار غضب الشّعب أمس، فقاموا بتظاهراتٍ محقّة، لا أحد يعرف عواقبها الوخيمة، إذا استمرّ السّياسيّون المعنيّون في مناوراتهم؟

“أين هم من تطبيق اتّفاق الطّائف نصًّا وروحًا، وقد مضى عليه ثلاثون سنة، وأرادوه مدخلاً لإعادة بناء الدّولة عبر توسيع المشاركة في الحكم والإدارة، وتعميمها ونشر اللاّمركزيّة الإداريّة الموسَّعة والإنماء الشّامل؟

وقال: “اعتبر البعض إنّ اتّفاق الطّائف آليّة تعويضٍ عن الماضي، والبعض الآخر أنّه شهادة تطويب استراتيجيّ وسياسيّ لأجزاء من لبنان، والبعض الآخر أنّه سماح للتّمتّع بخيرات البلاد”. واعتبر أن قلائل هم الذين أدركوا أنّ التّعدّديّة الدّينيّة والثّقافيّة تجربةٌ صعبةٌ وحسّاسةٌ تستوجب إتقانها بعنايةٍ وصبرٍ، والتقدّم بها نحو المواطنة، وصولاً إلى وطنٍ تسوده الثّقة المتبادلة، بحيث لا يخاف أحدٌ من أحد، بل يستطيع الكلّ تحقيق ذاته”.

وتابع: “لا بدّ من تصحيح مسار خطر قوامه تطبيق لاتّفاق الطّائف والدّستور حسب موازين القوى، وهذا مخالف لهما، ويرمي البلاد في أزمةٍ تُعيدها إلى الوراء على مختلف الأصعدة، لدى كلّ استحقاقٍ لتشكيل حكومة وانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة. فلا يجوز أن تطلّ علينا من حين إلى آخر نسخة جديدة مشوّهة لاتّفاق الطّائف”.

وقال: “المجد لله في العلى، وعلى الأرض السّلام” (لو 14:2)، هذا النّشيد هو نشيدنا اليوم، نشيد كلّ إنسان وشعب. ودعا الراعي لتمجيد الله، خالقنا ومخلّصنا ومعيلنا، من خلال صنع السّلام في أرضنا، في العائلة، والمجتمع، والكنيسة، والدّولة، ومن خلال زرع الرّجاء في القلب. وأضاف: “هذا هو دعاؤنا لكم يا أبناء كنيستنا وسائر الكنائس وأبناء وطننا الحبيب، مقيمين فيه وفي المشرق، ومنتشرين في القارّات الخمس. لكم أطيب التّهاني بالميلاد المجيد، وأخلص التّمنيّات بالسّنة الجديدة 2019”.