خبر

مساعٍ للحدّ من الأضرار

يتزايد انكشافُ لبنان كـ «دولةٍ عاجزة» في ظل تآكُل السلطات والمؤسسات وتَعاظُم مَظاهِر تَحَكُّم موازين القوى بمسار استحقاقات كبرى كما هو الحال مع تأليف الحكومة الجديدة «المعلَّقة» منذ نحو 8 أشهر، والقمة التنموية الاقتصادية العربية التي يخضع نجاحُها لاختبارات قاسية، والتخبّط المريع في السياسة المالية، وسط تَوَجُّسٍ من محاولاتٍ لدفْع المأزق السياسي – الدستوري نحو أزمة حُكم استشعرت بها الكنيسة التي دعت القادة والنواب والوزراء الموارنة إلى اجتماعٍ غداً لمواكبة المرحلة وتحدّياتها ووقف نحْر الدولة والتمادي في طعْن مرتكزات الصيغة اللبنانية.

ولم يكن دفْعُ طرابلس الغرب «عنوةً» لمقاطعةِ القمةِ التي يستضيفها لبنان هذا «الويك اند» كافياً لسحْب فتيل «اللغم الليبي» الذي انفجر في العلاقات بين البلدين بعد رسْم المكوّن الشيعي «خطاً أحمر» أمام حضور وفد ليبيا على خلفية عدم تعاون سلطاتها مع التحقيقات بملف إخفاء الإمام موسى الصدر، وصولاً إلى «انفلاش» مناصري حركة «أمل» و«العراضة» التي نفذوها الأحد مستهدفين علم ليبيا في حرم منطقة انعقاد القمة حيث تم نزعه وتمزيقه ورفْع علم الحركة مكانه قبل حصول تظاهرات في أكثر من منطقة، وسط «تهيؤ» الأمن العام اللبناني لتنفيذ تعليمات بالامتناع عن إعطاء الوفد الليبي تأشيرات دخول إلى لبنان.

فغداة هذه التطورات، سُجّل حدَثان بارزان: الأوّل إعلان طرابلس مقاطعتها أعمال قمة بيروت رداً على «إهانة ميليشيات لبنانية علم الدولة الليبية» وسط مطالبة المجلس الأعلى للدولة بـ«تجميد العلاقات الديبلوماسية بين البلدين»، وكشفت عن «منْع وفد رجال الأعمال الليبي من دخول الأراضي اللبنانية».

وانتقدت «الهجمة غير المبررة من أطراف لبنانية مسؤولة حول مشاركة الدولة الليبية في أعمال القمة بحجج ومبررات تجافي المنطق، وغياب الجدية بوضع الترتيبات الأمنية اللازمة لضمان سلامة الوفد»، داعية «الحكومة اللبنانية لتوضيح عاجل لموقفها».

والتطور الثاني الاعتداء على السفارة اللبنانية في طرابلس حيث أقدمت مجموعة من الشبان على تحطيم بعض المحتويات عند مدخلها ونزْع اللوحة التي تحمل اسم السفارة ولفّ بابها بالعلم الليبي. وقد أعلن السفير اللبناني لدى ليبيا محمد سكينة، ان الشبان لم يتعرضوا للموظفين ولم يقتحموا حرم السفارة «والأمور عادت إلى طبيعتها»، ومؤكداً «أنّ قرار ليبيا بعدم المشاركة في القمة نهائي».

وفيما كانت اللجنة العليا للقمة تعلن خلال مؤتمر صحافي عقدته في بيروت لتأكيد اكتمال الترتيبات لانطلاق فاعليات التظاهرة العربية «اننا لم نتبلّغ موقف الحكومة الليبية رسمياً حول عدم المشاركة في القمّة»، برزت خشيةٌ من ان «تتمدّد» شظايا اللغم الليبي وتصيب القمة بأضرار لا يمكن تعويضها مثل إعلان دول أخرى إما المقاطعة أو خفْض التمثيل تضامناً مع طرابلس، وهو ما دفع بيروت إلى حركة اتصالات واسعة في محاولة لتفادي مثل هذا الاحتمال.