لم تبدل انطلاقة الاجتماعات الوزارية التحضيرية لـ”القمة العربية التنموية، الاقتصادية والاجتماعية” في بيروت أمس الجمعة الواقع المأزوم لهذه القمة في ظل خفض قياسي غير مسبوق لمستوى التمثيل العربي ترجمه غياب 19 من القادة العرب ومشاركة اثنين فقط هما رئيسا الصومال وموريتانيا، الى جانب رئيس الدولة المضيفة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. ومع ان لبنان الرسمي آثر الاستمرار في تجاهل هذا التطور السلبي وتجنب التعليق على خفض تمثيل الرؤساء والملوك والأمراء العرب الذي أصاب القمة اصابة جسيمة خففت الكثير من الوهج الديبلوماسي والسياسي الاقليمي الذي كان الحكم والحكومة (ولو مستقيلة وفي طور تصريف الاعمال) يعولان عليه للإفادة مما يمكن ان توفره القمة من دعم معنوي واقتصادي للبنان في اسوأ الظروف الاقتصادية التي يمر بها، فان وطأة الغياب الواسع للقادة العرب لم تفارق خلفية التحركات والاجتماعات واللقاءات الموسعة او الجانبية التي شهدتها بيروت أمس.
غير ان مجريات افتتاح القمة باجتماع وزراء الخارجية والوزراء العرب الاعضاء في المجلس الاقتصادي والاجتماعي أبرزت الجانب السياسي الاكثر اثقالا على اجواء القمة ومناخاتها والذي ربما لعب دوراً حاسماً آخر في خفض مستوى التمثيل العربي، الى جانب الملابسات التي نشأت عن التعامل السلبي مع مشاركة ليبيا في القمة وإنزال علمها وما ترتب على ذلك من تداعيات. ذلك ان ملف اعادة سوريا الى جامعة الدول العربية الذي يسود حياله انقسام عربي واسع كما يثير انقساماً لبنانياً حاداً، تحول مادة أساسية في الخطاب اللبناني الرسمي الذي افتتح به وزير الخارجية جبران باسيل الاجتماع الوزاري العربي الموسع الاول في القمة عقب تسلمه الرئاسة من سلفه السعودي. وبتحويل منبر القمة منصة لمطالبة العرب بإعادة سوريا الى جامعة الدول العربية، وهي المطالبة التي تكررت على لسان الوزير باسيل في كلمته الافتتاحية أولاً ومن ثم في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، تجددت التساؤلات والشكوك الداخلية حول ما اذا كان هذا الاندفاع يخدم مصلحة لبنان في ترميم ما يمكن ترميمه من اهتزاز واسع غير مسبوق في علاقاته العربية بفعل خفض مستوى التمثيل العربي في القمة، أم ان الاصرار على رفع مطلب اعادة النظام السوري الى الحضن العربي بطريقة انفرادية كهذه سيؤدي الى تعميق الواقع المأزوم للبنان داخل المنظومة العربية بالإضافة الى التسبب بتوسيع الانقسام الداخلي حول هذا الملف وبمزيد من التعقيدات في طريق تأليف الحكومة بعد القمة ؟
ولعل المفارقة التي واكبت ابراز الملف السوري في الاجتماعات الاولية للقمة على مستوى الوزراء تمثلت في ان هذا الملف يعتبر سياسياً صرفاً ويفترض طرحه على القمة العربية العادية المقبلة في تونس وليس في القمة التنموية، إلّا من باب تسجيل موقف سياسي اعلامي يختص بالوزير باسيل وفريقه.
وعلم ان بند النازحين في مشاريع القرارات التي ستصدر عن القمة أثار نقاشاً وتباعداً في وجهات النظر في عنوان البند 13 وهو مشروع القرار في شأن الأعباء المترتبة على استضافة النازحين واللاجئين السوريين وأثرها على الدول المضيفة.
وطاول النقاش الفقرة 6 والاخيرة والتي تنص على دعوة المجتمع الدولي والهيئات الدولية المختصة بتشجيع العودة الامنة والكريمة للاجئين والنازحين السوريين الى المناطق التي توقف فيها القتال” (فقرة اقترحتها الجمهورية اللبنانية مرفوعة الى الاجتماع الوزاري المشترك).
وطالب ممثلو السعودية ومصر والأردن والبحرين بإدخال عبارة العودة الطوعية عندما تسمح الظروف والبعض طلب ربطها بالحل السياسي.
لكن باسيل دافع بشدة عن اقتراح لبنان وقال إنه ليس ممكناً ان تكون القمة في بيروت ولا تكون هناك إشارة الى موضوع النازحين في بلد خمسون في المئة من سكانه باتوا من النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين. ولاحظ انه في المنتديات الدولية نشهد تقدماً في مقاربة الدول العربية هذا الموضوع، خصوصاً ان بينها دولاً معنية.
وطلب ممثل السعودية ترحيل هذا البند الى القمة العربية المقبلة المقرر عقدها في تونس، فحصل نقاش انتهى باقتراح من باسيل أن تطرح هذه النقطة بصيغة يتم الاتفاق عليها في اللقاءات الثنائية بين ليل الجمعة ويوم السبت. مع الإشارة الى ان باسيل ابلغ المؤتمرين ان البيان الختامي سيتضمن إشارة واضحة الى قضية النازحين واهمية عودتهم الى أرضهم.
اقرأ ايضًا: استقبال رسمي في المطار اليوم
أخبار متعلقة :