بعد التسريبات عن المناقشات التي دارت في جلسة المجلس الاعلى للدفاع الذي انعقد برئاسة الرئيس ميشال عون وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري ووزراء الدفاع والداخلية والمال والخارجية وقائد الجيش العماد جوزاف عون ومدير المخابرات العميد أنطوان منصور وقادة المؤسسات الأمنية الأخرى، استغرب مرجع أمني رفيع لـ «الأنباء» الحديث عن تغيير في عقيدة الجيش، مشيرا الى ان الجيش يتحرك بناء لتوجيه السلطة السياسية، وان العماد جوزاف عون طرح السؤال اكثر من مرة على القرار الواجب، فانتهى الى الاكتفاء بتعزيز الوحدات العسكرية في الجنوب تقديرا للأوضاع السياسية والعسكرية.
وفي لقاء مع مراسلي بعض الصحف العربية، تناول المرجع الامني الرفيع المواضيع المثارة من عقيدة الجيش الى تسليحه الى تكلفة الأسلحة بشفافية وجلاء، محددا أهداف الجيش اللبناني ومسؤولياته وإمكاناته ومواطن القوة لديه المتمثلة بالإرادة الصلبة والخبرة القتالية المميزة.
وطمأن المرجع الأمني الى «متانة الوضع الأمني الداخلي في لبنان»، داعيا في الوقت ذاته الى البقاء على الحذر «لأن الوضع في سورية غير مستقر وعلينا أن نبقى يقظين، خصوصا بعد سيطرة جبهة النصرة الإرهابية على إدلب وهي ليست بعيدة من الحدود اللبنانية، وبالتالي لا بد من إبقاء العين مفتوحة خشية تسلل الارهابيين، لذلك عمدنا الى تشديد الاجراءات الامنية على الحدود الشمالية الشرقية».
وقال المرجع «منذ تسلم العماد جوزاف عون قيادة الجيش اللبناني في العام 2017 كنا أمام خطر كبير وهو الإرهاب في الجرود الشرقية، وقرار القائد كان انهاء داعش وامثاله، حيث بدأنا بالرؤوس الكبيرة في عرسال ومن ثم تمكنا من فصل بلدة عرسال عن الجرود، وباشرنا عملية تحرير الجرود وصولا الى معركة فجر الجرود التي استطاع الجيش السيطرة على 140 كلم وارتقى 7 شهداء من الجيش وانهينا وجود الإرهابيين، بعدما نفذنا المعركة بحرفية متناهية وكان النجاح باهرا». واضاف المرجع «بعدما اقفلنا منافذ الارهاب عبر الحدود انتقلنا الى العمل على تفكيكه في الداخل، ففي العام 2017 أوقفنا 3743 إرهابيا، وفي العام 2018 أوقفنا 490 ارهابيا، وانتقلنا الى العمليات الامنية الاستباقية بحيث لا ننتظر الحدث لكي يحصل ونتحرك، وعززنا قدراتنا التدربية والتقنية المساعدة في عملية اجتثاث الارهاب وذئاب منفردة وصولا الى اخراج الخلايا النائمة من اوكارها، وكانت مديرية المخابرات في الجيش وما زالت رأس حربة في محاربة الارهاب، كما ان كل جهاز امني قام بدوره في هذه المعركة على اكمل وجه من ضمن التنسيق المستمر والاجتماعات المشتركة الدورية والاستثنائية، وتراجع اعداد الموقوفين الارهابيين يعني اننا نجحنا في عملية تنظيف الوطن منه، والاهم هو وجود الارادة ونحن قادرون على المعالجة والتحصين في المستقبل».
وتطرق المرجع الى مسألة تسليح الجيش والمساعدات العسكرية، فقال «اذا اخذنا موازنة وزارة الدفاع الوطني للعام 2018 على سبيل المثال والبالغة 3 آلاف مليار ليرة لبنانية بند التسليح فيها حوالي 25 مليار ليرة، وفي كل دول العالم الفقيرة منها والغنية القوى العسكرية مكلفة، لذلك عندما تأتي الدول الصديقة لمساعدتنا نحن نرحب، مثلا المساعدات العسكرية الأميركية للجيش تبلغ نحو 200 مليون دولار وكل الدول الصديقة قدمت وتقدم مساعدات، والجاهزية لدى الجيش نتيجة تراكم سنوات من المساعدات والتدريب والتطوير، ولا شيء تحت الطاولة كل شيء معروف وفوق الطاولة، اما الكلام عن وقف المساعدات العسكرية الفرنسية الرد عليه هو أن الفرنسيين لم يقصروا في مساعدتنا، وفي الاسبوع الماضي زارنا وفد من القوات المسلحة الفرنسية واتفقنا على مساعدات جديدة من تدريب وغيره، ونحن لدينا توجه لتقوية قدراتنا البحرية حيث اقترحت فرنسا على الجيش تخصيصه بقروض ميسرة بقيمة 300 مليون يورو وهذا المبلغ سنستثمره في رفع قدرات الاسطول البحري خصوصا اننا بحاجة الى حماية منصات النفط والغاز في عرض البحر كون هذه الثروة الوطنية استراتيجية بالنسبة الى لبنان».
وأوضح المرجع «أن عقيدة الجيش اللبناني هي فعل يومي، ومنذ العام 1948 اسرائيل هي العدو وايضا الارهاب التكفيري هو العدو، والحديث عن تغيير عقيدة الجيش لا يعيرها الجيش اي اهتمام». واذ اكد المرجع ان «مداولات المجلس الأعلى للدفاع تبقى سرية»، اوضح ان «هناك وضعا على الخط الازرق افتعله العدو الاسرائيلي ويحتاج الى قرار من السلطة السياسية التي يخضع لها الجيش والاجهزة الامنية، ونظرا لخطورة وحساسية الموقف جرى التباحث في الاجتماع الاخير للمجلس الاعلى للدفاع الذي دام حوالي ساعتين بكل الخيارات وتحدث الجميع حيث طرحت أفكار وقدمت تقارير وتركز البحث على نقطة مسكافعام في خراج بلدة العديسة، وبنتيجة المداولات صدرت بيان وافق عليه الجميع ولم يعترض عليه احد، كما انه لا رابط بين زيارة ديفيد هيل والجنرال جوزيف فوتيل الى لبنان كون الاجتماع حصل قبل الزيارتين. وحول ما نقل عن وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان انه طلب من اسرائيل عدم توجيه ضربة الى لبنان قبل تشكيل الحكومة، لفت المرجع الى ان «هذه العبارة ذكرها الاعلام الاسرائيلي ولم يصدر رسميا عن الخارجية الفرنسية، اما تقدير قيادة الجيش حول احتمال حرب اسرائيلية على لبنان، فمن غير المسموح ان لا يكون هذا الاحتمال قائما لأن اسرائيل عدو، واذا حصل خطأ غير محسوب من يستطيع القول ان الامور لن تتطور؟!».
وفي رده على سؤال حول التنسيق مع سورية، لفت المرجع الى انه «منذ التسعينيات انشئ مكتب التعاون والتنسيق مهمته الوحيدة التنسيق بين قيادتي الجيشين اللبناني والسوري، وهذا المكتب مستمر بالعمل ولم يطلب من قيادة الجيش الغاء هذا المكتب الذي يعالج كل الأمور التي تحصل على جانبي الحدود».
ودعا المرجع الاعلام الى الاضاءة على الايجابيات في لبنان وعدم عكس صورة سوداوية، لأن دوره اساسي في صناعة الرأي العام وتوجيهه نحو الامور الايجابية، مع ضرورة اعتماد النقد البناء الذي يبرز أخطأ لا تلتفت اليها المؤسسات ومنها الجيش.