خبر

الاشتباك يعمّق الاختلال في لحظة “الرقابة” الخارجية

ماذا يعني «الانفجار المبكّر» للعلاقة بين رئيس الحكومة سعد الحريري وزعيم «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط؟ وما تداعياته على انطلاقة الحكومة الجديدة التي بدا أنها «تقلع» على طريقة «أول دخولها صراع على طولها»؟

هذا السؤال كان الأكثر حضوراً في المشهد السياسي في بيروت وطغى على بدء مناقشات البيان الوزاري للحكومة الجديدة الذي يفترض ان يقره مجلس الوزراء هذا الأسبوع لتنال الحكومة على أساسه ثقة البرلمان الأسبوع المقبل مبدئياً.

ورغم أنّ «الجبهة» التي «اشتعلتْ» على خط الحريري – جنبلاط، اشتملتْ على «محورٍ» لا يقلّ «ناريّةً» خرج من حال «المهادنة» وهو الذي يتصل بالعلاقة بين زعيم «التقدمي» وفريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وذلك بفعل الهجوم المباغت المزدوج من جنبلاط على رئيس الحكومة تحت عنوان «التخلي عن الطائف»، كما على رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل متهماً إياه بـ «طعْن الطائف»، فإن أوساطاً مطلعة في بيروت رسمتْ علاماتِ استفهام كبرى حول تأثيرات انفلات خلاف الحريري – جنبلاط خصوصاً ووصوله الى مرحلة «انكسار الجرّة» على مجمل الواقع اللبناني انطلاقاً من «العين الخارجية» عليه.

وبحسب هذه الأوساط فإنه إذا كان «خروج الجمر الى فوق الرماد» في علاقة جنبلاط – التيار الحر «يقاس» بتداعياته على التضامن الحكومي وسير العمل في مجلس الوزراء بالدرجة الأولى، إلا أن عدم تدارُك «الصِدام» بين الحريري والزعيم الدرزي له أبعاد ذات تأثير مباشر على «التوازنات السياسية» في الحكومة والتي تشكّل نقطة الارتكاز في كيفية مقاربة المجتمعيْن العربي والدولي للوضع اللبناني برمّته وتعاطيهما مع الحكومة التي تبقى «قيد الاختبار» أيضاً من بوابة ما سيتضمّنه بيانها الوزاري خصوصاً في ما يتعلق بالنأي بالنفس عن أزمات المنطقة ومسألة سلاح «حزب الله» والتعاطي مع العنوان السوري.

وتذكّر هذه الأوساط بأن المجتمع الدولي، قبل مؤتمر «سيدر» وبعده لم يتوانَ عن ربْط استمرار «مظلة الدعم» للبنان وتسهيل صرْف مخصصات المؤتمر من مساعدات وقروض بتفادي أي انزلاقاتٍ للوضع اللبناني نحو «الحضن الإيراني» بالكامل، وسط تركيزٍ على اعتبار «وزن» كل من الرئيس الحريري وحزب «القوات اللبنانية» ومعهما جنبلاط في الحكومة الجديدة معياراً لمدى «تَوازُنها» ببُعده الاقليمي والداخلي.

ومن هنا فإن الأوساط نفسها ترى أن ضرر «المعركة» بين الحريري وجنبلاط، ولا سيما بحال بلوغِها «حرق المراكب»، سيوجّه رسالة بالغة السلبية للخارج حيال انهيار «حلقة التوازن» مع المحور الذي يشكّل «حزب الله» قاطرته في الحكومة (يملك أكثرية 18 وزيراً)، في حين ما زال المجتمع العربي خصوصاً «يراقب» قبل اتخاذ قرارٍ برفْد «بلاد الأرز» بدعمٍ نوعي.

ولم تقلّل الأوساط نفسها من «حيثيات» الاندفاعة الجنبلاطية والتي تتعلق بالدرجة الاولى باستشعاره محاولاتٍ لمحاصرته أولاً داخل بيئته الدرزية عبر تجميع خصومه ثم اختيار باسيل لـصالح الغريب (من فريق النائب طلال ارسلان) في وزارة شؤون النازحين بما وفّر «طريقاً رسمية» درزية مع دمشق من خارج موقف جنبلاط الرافض إعادة النازحين الى «المحرقة»، ناهيك عن توزير باسيل أيضاً غسان عطاالله (الكاثوليكي من بلدة بطمة الملاصقة للمختارة) في حقيبة المهجّرين وما يشكّله ذلك من إشارة بالغة الدلالات قد تكون لها انعكاسات انتخابية في «العمق المسيحي» للزعيم الدرزي، الى جانب إقالة المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان (محسوب على الحريري) خمسة ضباط (أحدهم درزي قريب من جنبلاط) على خلفية ملفات فساد وإعطائه الإذن لملاحقتهم.