أقرّت الحكومة اللبنانية في الجلسة التي عقدتها الخميس، برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بيانها الوزاري تحت عنوان “إلى العمل” الذي أنجزته اللجنة الوزارية على أن يكون موعد جلسات مناقشة البيان والتصويت على الثقة في الأسبوع المقبل.
وسجّل وزراء حزب القوات اللبنانية تحفظهم على بند دعم المقاومة، وهو الأمر الذي عبّر عن تقديره له رئيس الحكومة سعد الحريري، طالباً تسجيل موقفه في المحضر، حسبما أشارت مصادر وزارية لـ”الشرق الأوسط”.
ونوّه عون بسرعة إنجاز البيان الوزاري الذي غطّت بنوده كل الموضوعات الأساسية، داعياً إلى التركيز على درس جدول الأعمال والإقلال من المداخلات السياسية والجدال الذي لا يعطي نتائج إيجابية ولا يخدم المصلحة الوطنية، علماً بأن للنقاش السياسي ساحات أخرى مثل مجلس النواب. وأشارت المصادر الوزارية إلى أن عون توجّه إلى الوزراء بتأكيد أن “مجلس الوزراء لن يكون ساحة للجدل السياسي وهناك الكثير من العمل للقيام به”، متمنياً أن تكون المداولات سرية، فعلّق وزير الصناعة وائل أبو فاعور قائلاً: “المجلس مكان لحرية التعبير عن الرأي، والجدل إذا حصل فهو لتحسين الأداء وتحصين القرارات».
ودعا رئيس الحكومة سعد الحريري، الوزراء إلى مزيد من التضامن الحكومي و«عدم التلهي بالجدل السياسي لأنه لا يمكن أن نتفق على كل شيء في السياسة»، وشدد على أنه على المجلس أن يعمل، بعد نيل الثقة، على موضوعات أساسية مهمة ينتظرها اللبنانيون.
وبعد انتهاء الجلسة، أوضح وزير الإعلام جمال الجراح، أن معظم التعديلات كانت لغوية وليست جوهرية، وذلك من أجل إيضاح بعض البنود والموضوعات. كما تمت إضافة فقرة متعلقة بالحفاظ على الإرث الثقافي، أما الباقي فلم يشهد تغييراً عن البيان الذي أنجزته اللجنة الوزارية.
وأشار إلى أن التحفظات اقتصرت على تلك الصادرة عن حزب القوات حول دور الدولة في مسألة التحرير. وفي هذا الإطار، قالت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق، قبيل الاجتماع: “طلبنا إضافة جملة تتعلق بحصر الاستراتيجية الدفاعية بيد القوى العسكرية اللبنانية حصراً، ولكن بالطبع لم يتم قبول ذلك”.
وتعليقاً على هذا الموضوع كانت مداخلة خلال الجلسة، وفق المصادر الوزارية، لوزير الشؤون الاجتماعية، ممثل “القوات” ريشار قومجيان، قائلاً: “عندما نتكلم لا يكون الهدف النكد السياسي لأن ما يهمنا السلام وتعزيز ثقة المجتمع الدولي بلبنان”. وأضاف: “هذه الثقة تأتي من خلال محاربة الفساد ووقف الهدر، وأن نكون دولة لها سيادة، ما يعني حصرية السلاح بيد الدولة وأن يعود لها فقط قرار الحرب والسلم وأن تبسط سلطتها وحدها على كامل الأرض، فالدولة فعل سيادة ومن دون سيادتنا لا نستطيع أن نعزز ثقة المجتمع الدولي، ولهذه الأسباب نتحفظ على هذا البند”.
وهنا عبّر رئيس الحكومة عن تقديره لتحفظ “القوات”، طالباً تسجيل موقفه في المحضر، لتعود الوزيرة شدياق وتقول: “نحن لا نتحفظ فقط وإنما نسجل اعتراضاً شديد اللهجة، إذ من غير الجائز أن يكون للدولة شريك في فرض السيادة”.
وبينما كانت الحصة الأكبر في البيان للأمور الاقتصادية والاجتماعية، فإنه بدا في شقه السياسي نسخة منقّحة عن بيان الحكومة السابقة، متجاوزاً الأمور الخلافية، بحيث أبقى على بند المقاومة والتحرير كما كان في بيان الحكومة السابقة: “لن نألوا جهداً ولن نوفّر مقاومة في سبيل تحرير ما تبقى من أراضٍ لبنانية، وحماية وطننا من عدو لمّا يزل يطمع بأرضنا ومياهنا وثرواتنا الطبيعية، وذلك استناداً إلى مسؤولية الدولة ودورها في المحافظة على سيادة لبنان واستقلاله ووحدته وسلامة أبنائه”.
وفي موضوع النازحين السوريين كان الحل عبر اعتماد صيغة “مواصلة العمل مع المجتمع الدولي لمواجهة أعباء النزوح، ووجوب إخراج هذا الموضوع من التجاذب السياسي، على أن يكون الحل الوحيد بعودتهم الآمنة إلى بلادهم ورفض إدماجهم أو توطينهم”، وجددت الحكومة الترحيب بالمبادرة الروسية في هذا الشأن والعمل على إقرار ورقة سيادة الحكومة لعودتهم. كذلك أكدت الحكومة أنها ستعمل على إقرار مشروع قانون العفو العام.
ولفت البيان إلى اتباع سياسة مالية ونقدية متناغمة تعزز الثقة بالاقتصاد الوطني وتخفض الدين العام والالتزام، بدءاً من موازنة عام 2019 بتصحيح مالي بما لا يقل عن 1% سنوياً، وتفعيل الجباية ومكافحة الهدر والتهرب الجمركي والضريبي. كذلك، نص البيان على العمل على خفض النفقات الاستهلاكية في الموازنة العامة بما لا يقل عن 20% عن موازنة عام 2018.
وتعهدت الحكومة في قطاع الطاقة والنفط والغاز بتأمين التغذية الكهربائية 24 ساعة في أسرع وقت ممكن، وتثبيت حق لبنان الكامل في موارده الطبيعية في المنطقة الاقتصادية الخالصة من خلال تثبيت حدوده البحرية.