خبر

الحكومة تبدأ أعمالها بأسخن الملفات: اللجوء

في ظل المتغيرات الحاصلة في سوريا مع توجّه بعض البلدان للتطبيع مجدّدا مع نظام بشار الأسد، انعكست هذه التطورات على الداخل اللبناني في ما يتعلق بتجدد طرح أزمة النازحين السوريين.

ويشكو لبنان، الذي بلغ عدد مواطنيه نحو 4.5 مليون وعرف تطورات سياسية انتهت مؤخرا ببدء الحكومة الجديدة في أشغالها، من أعباء اللاجئين السوريين. ورغم أن جل الأطراف السياسية تدرك جيّدا أن هذا الملف مليء بالتجاذبات، إلا أنها لا تتوقف عن الزج به في معاركها المتسمة بتبادل تهم مستمر.

هذا الملف الجديد – القديم بات يمثّل أكبر تحد تواجهه حكومة سعد الحريري، في ظل وجود اختلافات حادة في المواقف بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر الدافع لإنهاء هذه الأزمة وإعادة النازحين إلى سوريا.

وطفا ملف النازحين السوريين في لبنان على السطح مجددا منذ آخر جلسات البرلمان التي استمرت خمسة أيام، لمناقشة البيان الوزاري، حيث قال سعد الحريري رئيس الحكومة “جميعكم تعرفون موقفي من النازحين، نحن نريدهم أن يعودوا إلى بلدهم بالأمس قبل الغد”، مضيفًا “لا تضعوا كل مشاكلنا على ظهر قضية النازحين”.

كما كانت زيارة وزير النازحين اللبناني صالح الغريب بشكلٍ رسمي إلى سوريا لبحث خيارات عودة النازحين إلى بلادهم بمثابة الشرارة التي رفعت من مستوى حرارة هذا الملف. ويكتسب ملف النزوح السوري في لبنان بُعدا سياسيا، انطلاقا من الانقسام الحاد بين الأطراف السياسية اللبنانية حول العلاقة مع النظام السوري.

وبينما يرى البعض ضرورةً في التنسيق مع النظام السوري، من بوابة أهمية عودة النازحين الذي أثقلوا كاهل لبنان اقتصاديا، يرفض البعض الآخر هذا التنسيق من بوابة اتهام النظام نفسه بجريمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.

ويقود هذا التجاذب التيار الوطني الحر و”تيار المستقبل”. وبينما لا يوفّر الفريق الأول جهدا للتخلص من عبء النزوح السوري، ويعتبر الملف “سياديا لا يمكن التراجع عنه” على حد تعبير عون، لا يألو الفريق الثاني جهدا في التعبير عن خوفه على مصير العائدين “في ظل عدم توافر الأمان اللازم للعودة”.

ويؤكد النائب سليم خوري أن “هدف الفريق الرئاسي واضح وهو إعادة النازحين إلى بلادهم انطلاقا من المصلحة الوطنية التي تقتضي تخليص لبنان من هذا العبء بأي وسيلة بما فيها الحوار مع الجانب السوري لتسهيل العودة”.

ويشير خوري، إلى أن “البيان الوزاري للحكومة الجديدة أكد على ضرورة العمل على عودة النازحين بشتى الوسائل؛ الأمر الذي يجب أن يشكل بوصلة للعمل الحكومي بكافة أطيافه المشاركة”.

وعما يُطرح من قبل تيار المستقبل من مخاوف على مصير العائدين إلى بلادهم، يقول خوري “هذا الأمر مبالغٌ به، فلم يتم إجبار أي سوري على العودة، والتهويل هنا هو في إطار المزايدات السياسية للتصويب على التنسيق، الذي لابدّ منه، مع الدولة السورية لا أكثر”.

ويضيف “هناك بعض الفرقاء لا يريدون التعاون مع سوريا لأسباب معينة، لكن في البنية القانونية هناك اتفاقات تربط البلدين لا يمكن التنكّر لها أو القفز عليها”. في المقابل، يرفض النائب نزيه نجم (تيار المستقبل) تسمية الجدل الحاصل في الحكومة حول ملف النزوح السوري بالخلاف، ويلفت إلى أن “كل القوى السياسية في حالة إجماع على ضرورة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم”.

ويؤكد نجم أنه “لا ملاحظات لدى تيار المستقبل على إدارة الملف، بل مطالبات لتكون العودة آمنة لا أكثر، ونحن مع عودتهم اليوم قبل الغد، إذا ما تم تأمين مناطق آمنة لهم لا تعرّض حياتهم للخطر، وهذه المطالبات من باب إنساني بحت لا سياسيا”.

ويرفض المستشار الإعلامي لوزير الدولة لشؤون النازحين جاد حيدر تسمية الجدل الحاصل حول الملف نفسه بالخلاف؛ بقوله “أي ملف اليوم في لبنان معيشي، اقتصادي، أمني أو غير ذلك، مُعرض للتباين في وجهات النظر، إلا أن هذا الاختلاف لا يرقى لمستوى خلافٍ أو مشكلة داخل الحكومة”.

ويؤكد أن صالح الغريب وزير شؤون النازحين، طلب من جميع الفرقاء سحب هذا الملف الإنساني من التجاذبات السياسية.

ويشير حيدر إلى “وجود مبادرة للوزير المعني في هذا السياق”، إلا أنه يرفض الكشف عن تفاصيلها؛ إذ إن “الوزير الغريب ارتأى ضرورة عدم التداول الإعلامي بهذه المبادرة لدقة الملف وحساسيته، وتجنبا للمزايدات السياسية وردود الأفعال”.

وأكدت الحكومة على أنها “ستواصل العمل مع المجتمع الدولي للوفاء بالتزاماتها التي أعلن عنها في مواجهة أعباء النزوح السوري واحترام المواثيق الدولية”.