خبر

لبنان “قلْبه” على “سيدر” و”عيْنه” على العقوبات

ينطلق في بيروت أسبوعٌ داخلي – خارجي أوّلُه غداً مع بدء المسار “الإلزامي” لوفاء لبنان بالتزاماته حيال مؤتمر “سيدر”، وآخِرُه الانتخابات النيابية الفرعية في طرابلس (الأحد المقبل)، وبينهما حركة زوارٍ على مستوى رئاسي ووزاري لـ“بلاد الأرز” ورصْدٌ لـ “جَداوِل العقوبات” الأميركية وإمكانات توسُّعها في اتجاه أطراف سياسية وحزبية وأفراد لهم صلات بحزب الله ولا سيما في غمرة ما سيشكّله وضْع الرئيس دونالد ترمب “الحرس الثوري” الإيراني على قائمة المنظمات الإرهابية من رسالةٍ الى أن مسار المواجهة مع طهران ونفوذها و”قطْع أذرعها” لا عودة عنه.

وأطفأ مؤتمر “سيدر” أمس، شمعته الأولى بعدما كان أَقَرّ في 6 نيسان 2018 قروضاً ميسرة ومساعدات للبنان بأكثر من 11 مليار دولار رُبطت الاستفادة منها بـ “إطارٍ سياسي” هو الحفاظ على التوازنات الداخلية وعدم التفلّت من السقف العربي والدولي، و”إطارٍ إصلاحي” يرتكز على “وعد” من بيروت بخفض عجز الميزانية بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة، وهو ما تبدأ ترجمته بإقرار موازنة 2019 وأرقامها المخفّضة ومعالجة العجز في قطاع الكهرباء الذي يكبّد خزينة الدولة خسائر بملياريْ دولار سنوياً.

وفيما يُنتظر أن يقرّ مجلس الوزراء في جلسته الخاصة التي يعقدها غداً، خطة الكهرباء كما جرى التوافق عليها في غالبية عناوينها في اللجنة الوزارية ولو اقتضى الأمر أن تكون “ولادتُها قيصريةً” أي بالتصويت بحال لم يتم التفاهم على بعض البنود التي تُركت لمجلس الوزراء (مثل مرجعية إجراء المناقصات)، فإنّ بت مشروع موازنة 2019 داخل الحكومة تمهيداً لإحالته على البرلمان يصعب أن يحصل هذا الأسبوع، في ضوء انهماك لبنان الرسمي بزيارة كل من الرئيسين البلغاري (الثلاثاء والاربعاء) واليوناني (الخميس والجمعة) ناهيك عن الاجتماع المقرّر في بيروت الأربعاء بين وزراء الخارجية والسياحة لكل من لبنان وقبرص واليونان.

وإذ يجْهد لبنان لوضع “سيدر” على سكة التنفيذ عبر إطلاقِ قطارِ الإصلاحاتِ المالية – الاقتصادية بالتَوازي مع معركةِ مكافحةِ الفساد التي تَتَدَحْرَجُ في غالبية القطاعات والأسلاك بينها القضائية، شكّل الهجوم الذي شنّه وزير الاقتصاد منصور بطيش على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة صدمةً للأوساط السياسية والمصرفية تركتْ علامات استفهام كبرى حول خلفياتها وملابساتها وتداعياتها المحتمَلة.

وبينما حاوَل فريق الرئيس ميشال عون حصْر ارتداداتِ هجومِ بطيش (المحسوب على هذا الفريق) الذي انْعكس سلباً على سوق القطع (ارتفع الطلب على الدولار مقابل الليرة) وذلك عبر خروج نواب من “التيار الوطني الحر”، لتأكيد أنه “لا توجد نية لاستهداف سلامة”، تساءلتْ أوساطٌ سياسية إذا كانت اندفاعة وزير الاقتصاد (كان مرشحاً لخلافة سلامة قبل التمديد له في 2017) وطرْحه مسألةً بهذه الحساسية مجرّد “زلّة لسان” أم أنّها تعكس “شدّ حبال” غير معلن حيال تعيينات نواب حاكم مصرف لبنان الأربعة وتعيينات أخرى مرتقبة في مراكز مالية، متوقّفة في الإطار نفسه عند الكشْف عن اجتماع مالي سيدعو إليه عون خلال أيام.

واعتبرتْ الأوساط أنه أياً كانت الخلفيات، فإن الخطوة التي أقدم عليها بطيش شكّلت رسالة سلبية حيال عدم إدراك الطبقة السياسية دقة المرحلة التي يمرّ بها لبنان وضرورة ملاقاته المسار التنفيذي لـ “سيدر” بجدية كاملة وبالحفاظ على “صمامات الأمان” التي يَطْمئن اليها المجتمع الدولي وعلى رأسها سلامة، الذي يُعتبر أيضاً واحدة من ضمانات تجنيب القطاع المصرفي الانزلاق الى حلقة العقوبات الأميركية التي “تلتفّ حول عنق حزب الله”.

وإذ يشارك سلامة في الاجتماعات التي ينظّمها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في واشنطن الأسبوع الطالع، فإن أنظار لبنان تشخص الى هذه الاجتماعات من بابِ ما سيجري على هامشها من لقاءات يعقدها الوفد البرلماني اللبناني المؤلف من رئيسيْ لجنتيْ المال والموازنة إبراهيم كنعان والشؤون الخارجية ياسين جابر مع مسؤولين في الإدارة الأميركية لشرح الواقع في لبنان وتأكيد التزامه ومصارفه بالقوانين المتعلّقة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

وتكتسب محادثات الوفد أهمية مضاعفة في ضوء التوقعات بأن تضيف واشنطن شخصيات قريبة من حزب الله على لوائح العقوبات، وسط نشْر صحيفة “ذا ناشيونال” الصادرة في ابو ظبي باللغة الانكليزية تقريراً أمس عن ان الولايات المتحدة تعد عقوبات ضدّ أنصار رئيس البرلمان نبيه بري بسبب علاقاته الطويلة الأمد مع حزب الله وإيران، لافتة إلى أنه “يمكن أن تشمل هذه الإجراءات مسؤولين في حركة أمل وكذلك مؤيديه الماليين”، ناقلة عن مسؤول في البيت الابيض “أن حزب الله وحركة أمل هما واحد، ويجب أن يتوقف هذا، ونبيه بري لا يزال رجل إيران في لبنان، إنه الخط الرئيسي للدعم السياسي للحزب”.