هل يُعطي لبنان اليوم إشارةً إلى وجود مظلة تَوافُق سياسي يُطَمْئن المانحين الى المسار التنفيذي لمؤتمر “سيدر” والذي يشكّل إقرار خطة الكهرباء حجر الزاوية فيه (مع موازنة 2019) أم أن مجلس الوزراء سيعطي رسالةً سلبيةً إلى أن هذا المسار سيدْخل في “حقْلِ ألغامِ” التجاذبات القديمة الجديدة؟
هذا السؤال خيّم على بيروت عشية انعقاد مجلس الوزراء الاثنين، في جلسة خاصة لبت خطة الكهرباء التي تقوم على التوازي بين الحليْن الدائم والموقت من ضمن خريطة طريق تفضي في نهايتها الى تحقيق “الهدف الأم” الرامي الى توفير الطاقة الكهربائية على مدار الساعة وبما يوقف تباعاً عملية استنزافٍ كبيرة لخزينة الدولة بنحو ملياريْ دولار سنوياً جراء العجز في هذا القطاع.
وفي حين كانت كل التقديرات تشير إلى ان خطة الكهرباء ستمرّ في جلسة الاثنين، بالتوافق أو بالتصويت وتحديداً في ظلّ استمرار التباين بين مكوّنات الحكومة حيال مسألتيْ مرجعية إجراء المناقصات (دائرة المناقصات أو لجنة وزارية) وتشكيل الهيئة الناظمة للقطاع، أعربتْ أوساطٌ سياسية عن الخشية من ارتداداتِ أي “ولادةٍ قيصرية” للخطةِ (عبر التصويت)، معتبرةً أنه حتى لو كان مثل هذا الأمر دستورياً فإنه سيؤشّر إلى أن ما يعتبره المجتمع الدولي المدْخلَ لإثبات جدية الحكومة اللبنانية في الوفاء بالالتزامات التي تعهّدت بها في “سيدر” (أي بدء معالجة عجز الكهرباء) مرشّحٌ ليكون أسير لعبةِ استقطاب داخلية وخصوصاً أن هذه الخطة ستمرّ بمراحل تنفيذية يمكن لـ “الكمائن” السياسية ان تعرْقلها، الأمر الذي قد تثير “نقزة” الدول المانِحة حيال مجمل الملف الإصلاحي الذي يشترطه “سيدر” لتسييل القروض الميسرة والمساعدات بقيمة أكثر من 11 مليار دولار.
وتتجه الأنظار الى الاصطفافات التي ستشهدها جلسة مجلس الوزراء ولا سيما في ظل الالتقاء بين وزراء “القوات اللبنانية” وحركة أمل والحزب التقدمي الاشتراكي والمردة وحزب الله على جعْل دائرة المناقصات المرجعية لبتّ المناقصات تحت سقف الخطة، وسط ترقُّب لما سيكون عليه موقفا رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه ورئيس الحكومة سعد الحريري وإذا كانا سيتركان سياقَ المناقشات يذهب في اتجاه التصويت أم أن توافقاً يمكن أن يجري في ربع الساعة الأخير على نقاط التباين أو على مَخارج تشكل نقطة تلاقٍ في منتصف الطريق.
وعشية الجلسة كان لافتاً موقف للسفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه عكس المتابعة اللصيقة من باريس، عرّابة سيدر، والمجتمع الدولي لمدى التزام لبنان بورشة الإصلاحات التي تسمح بوضع البلاد على سكة النهوص المالي والاقتصادي انطلاقاً من مخصصات المؤتمر الذي انعقد قبل عام.
فخلال الاحتفال السنوي الذي يقام تكريماً للمحاربين القدامى في الجيش الفرنسي، اللبنانيين والفرنسيين، المقيمين في لبنان، أكد فوشيه أن التعاون في المجال الأمني يندرج في الإطار الأوسع لمساعدة لبنان في مسألة النازحين (مؤتمر بروكسل 2) وفي التطور الاقتصادي (مؤتمرسيدر)”، معلناً “هذه المساعدة لا تأتي من دون مقابلٍ هو بحد ذاته في مصلحة لبنان ألا وهو تحقيق الاصلاحات الجذرية، والتي ينتظرها المجتمع الدولي وفرنسا، لا سيما في قطاع الكهرباء والقطاعات الأخرى”، ومعتبراً “ان الحكومة اللبنانية هي حكومة(الى العمل)، والطارئ يستدعي وضع الالتزامات موضع التنفيذ”.
وأبدى الرئيس الحريري مساء السبت تفاؤله بالمرحلة المقبلة على لبنان، متوقعاً أن يشهد البلد نمواً وانتعاشاً ولا سيما على الصعيد السياحي بعدما رفعت المملكة العربية السعودية الحظر عن سفر رعاياها إلى لبنان، آملاً أن تحذو العديد من الدول الخليجية الأخرى حذوها في المستقبل القريب”.
وفي السياق نفسه، صارَح وزير المال علي حسن خليل اللبنانيين بأن هناك أزمات حقيقية على المستوى الاقتصادي والمالي، لكن بالقدر نفسه علينا ان نعرف انه باستطاعتنا الخروج من النفق وهذا يتطلب ان تتحمل الحكومة مسؤوليتها بوضع كل الملفات على الطاولة، انطلاقا من إقرار موازنة عامة جديدة ومتوازنة وقد أنجزنا كل ما يتعلق بها”، مؤكداً “نعم نحن في مرحلة دقيقة وحرجة وصعبة، لكن من الواضح أن هناك إرادة قوية وحاسمة بأن نحدد مكامن الخلل وبمسؤولية نشير اليها ونتّخذ القرار تجاهها (…) ونعم هناك اجراءات قوية ومؤلمة، لكن ليس على حساب الناس”.