أشارت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية الدكتورة مي شدياق إلى ان “بعضَ الحواجز التي كانت قائمة منذ ما يُقارب العقدين فيما يخصّ مشاركة المرأة السياسية، قد بدأت تزول”، مؤكدة ان “المرأة اللبنانية باتت مدركة لأهمية مشاركتها وحقّها في ممارسة دورِها التشريعي مثلها مثل أيّ رجل”، وكشفت انها “تعمل حاليا مع فريق عملي على إيجاد الآليات اللّازمة والطرقِ المناسبة لمكافحة الفساد”.
كلام شدياق جاء خلال احتفال بعنوان “طرابلس تنتصر للمرأة”، أقامته الهيئات النسائية الموحدة في الشمال على شرف أصحاب المعالي الوزيرات في مجلس الوزراء وهنّ بالإضافة إلى شدياق، وزير الداخلية والبلديات ريا الحفار الحسن، وزيرة الدولة للتمكين الاقتصادي للشباب والمرأة فيوليت الصفدي، وزيرة الطاقة والمياه ندى البستاني التي تغيبت عن الاحتفال لارتباطها بمواعيد عمل، إضافة إلى المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية الدكتورة فاديا كيوان.
وقالت شدياق في كلمتها: “يسعدني أن أنضمّ إليكم اليوم في عاصمة الشمال طرابلس، الفيحاء التي تتميّز بأبنيتها التراثية، قصورها التاريخيّة، أقنيتها الرومانيّة وأسواقها القديمة. أشكر الهيئات النسائية الموحّدة في الشمال على هذه الدعوة القيمة في مدينة يشكّل حاضرها امتدادًا لماضي تميّزت خلاله بصدارة علمية لا مثيل لها”.
وتابعت: “يسعدني أيضا أن أتشارك هذه الاحتفالية مع زميلاتي في العمل الحكومي، معالي وزيرة الداخلية والبلديات ريّا الحسن، معالي وزيرة الطّاقة ندى البستاني (أومن يمثّلها)، ومعالي وزيرة الدولة لشؤون التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب فيوليت خيرالله الصفدي. بالإضافة إلى الصديقة العزيزة الدكتورة فاديا كيوان مدير عام منظمة المرأة العربية. أجمل ما في هذه الاحتفالية هو اجتماع سيدات حلّقنَ بنجاحاتهنّ وخرقن الحواجز التي وضعت في وجه مسيراتهنّ الفريدة، فدخلن مجال السياسة والشأن العام من بابِه الواسع”.
وحضر الاحتفال الذي أقيم في منتجع الميرامار في القلمون الرئيس نجيب ميقاتي ممثلا بالنائب نقولا نحاس، والنائب سمير الجسر، النائب جان عبيد ممثلا بعقيلته لبني عبيد، الوزير السابق أشرف ريفي، الوزيرة السابقة القاضي أليس شبطيني، وعقيلات الوزراء والنواب هند محمد كبارة، سلام سمير الجسر، سليمة اشرف ريفي، هبة رشيد درباس، انطوانيت نقولا نحاس، ماري إسطفان الدويهي، نقيب المحامين محمد المراد ممثلا بالمحامية زهرة الجسر، رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون ممثلة بالقاضي كوليت حايك، القاضي ارليت جريصاتي، مدير عام وزارة الثقافة الدكتور علي الصمد، رئيسة الهيئات النسائية الموحدة في الشمال نعمت فنج كبارة، وحشد ما رئيسات الجمعيات والهيئات النسائية، وافتتح الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني وتم عرض فيل وثائقي عن الهيئات النسائية الموحدة في الشمال وأنشطتها منذ تأسيسها حتى اليوم.
ورأت شدياق انه “يمكن القول إن بعضَ الحواجز التي كانت قائمة منذ ما يُقارب العقدين فيما يخصّ مشاركة المرأة السياسية، قد بدأت تزول، إذ شهد لبنان بعضَ الخطوات الإيجابية في مسألةِ إبرازِ دورِ المرأة في تحريك عجلة الاستقرار وتحقيق التنمية المستدامة، واحلال السلام. لنتحدّث بالأرقام، عام 2009 كان عدد المرشحات للانتخابات 12 سيدة فقط لا غير، ارتفعت هذه النسبة بشكل ملحوظ عام 2018، حيث تخطّى عدد المرشحات المئة. كما شهدَ لبنان وصول عددٍ من الوزيرات يتمتّعن بحنكة سياسية ونشاط منقطع النظير. وفي سابقة تاريخية، لقد تسلمت وبفخرٍ كبير، ولأوّل مرّة في لبنان، وزارتي من وزيرة أخرى سبقتني الى هذه الحقيبة”.
وشددت على ان “المرأة اللبنانية باتت مدركة لأهمية مشاركتها وحقّها في ممارسة دورِها التشريعي مثلها مثل أيّ رجل، لا بل تميل المرأة إلى إتمامِ مهامها على أكمل وجه. علينا أن ندرك، أنه لا يمكن لمفهوم تطور الدولة أن يسير على السكةِ الصحيحة دون وجودِ المرأة، علينا أيضا أن نتخلّى عن المفاهيمِ البالية والتحجرِ الفكري اللذيْن يشكّلان حجر عثرة خصوصا أنّنا نمرّ في مرحلة تتطلّب استنفار كلّ الطاقات البشريّة بما فيها النسائية والشبابية لإرساء الأمن والأمان. علينا التهيئة لقيادة صحيحة ومسؤولة للمرأة التي تبدأ من خلال التنشئة التربويّة ولم لا السياسيّة أيضا للأطفال والفتيات داخل الأسرة”.
وأسفت ان “مجتمعاتنا المشرقيّة لا تزال ذكوريّة بغالبتِها، ولا تزال تتبنّى عقليات بالية ومفاهيم ومرّ عليها الزمن. ولكن لا شكّ أنّ الوضع في تحسّن مستمرّ. وهنا، تقع على المرأة مسؤولية المحاربة دون كلل كي تُثبِت جدارتها ونجاحها في المجالات كافة. كما أنّنا نسعى من مواقعنا اليوم إلى تعديل التشريعات المجحفة في حقّ المرأة، واسقاط جميعِ أشكال التمييزِ ضدّها. فأنا اعتبر أن هناك عنف قانوني ضد المرأة فيما يخصّ الأحوال الشخصية والعقوبات. ولن أتعب ولن أكل وانا أردّد أنني مع قانون مدنيّ موحّد للأحوال الشخصية في لبنان، لتصبحّ المرأة اللبنانية واحدة لا ثمانية عشرة امرأة بحسب عدد الطوائف الرسمية المعترف بها!”
وأدرفت شدياق: “سنة 2020 على الأبواب ولا زلنا نحارب الزواج المبكر، والعبودية، والتحرّش الجنسي، والعنف وغيرَها من الآفات. نعدكم باتخاذ خطوات جادة ومحددة لإصلاحِ القوانين المتعلقة بالنساء، بعيدا عن التمييع والتناسي والتغاضي”.
وتناولت شدياق الأهداف التي تسعى إلى تحقيقِها في وزارةِ الدولة لشؤون التنمية الإدارية، بالقول: “هذه الوزارة على الرغمِ من كونِها وزارةَ دولة، هي من أهم الوزارات اللهم أذا أُتيح لها أن تعمل بعيدا عن النكدِ السياسي المقيت. فأسلوب النكايات والاستخفاف وتشويه المعطيات موضة دارجة هذه الأيام عند ممن صاروا يختصرون الدولةَ ومؤسساتِها بشخصهم وببهوراتهم التي قد تغشّ بعض الناس لبعضِ الوقت لكن لا يمكنها أن تغشّ كلّ الناس لكلّ الوقت! لأعود الى المهم والى مهام وزارتي. أني أعمل حاليا مع فريق عملي على إيجاد الآليات اللّازمة والطرقِ المناسبة لمكافحة الفساد”.
وعن عدم إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد في مجلس الوزراء، قالت شدياق: “اعترض بعضهم على اللغة المباشرة والقاسية الواردة في النص لا بأس! المهم أن ألاّ يتباطؤوا في إرسال ملاحظاتهم ليطمئنّ قلبي أنّ المشكلة هي في النصّ وليس في مبدأ مكافحة الفساد!”
واعتبرت ان” دور الوزارة اليوم هو إذا إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد التي تضمّ كلّ القوانين والمراسيم وخطة العمل. بالإضافة إلى تعزيزِ الشفافية من خلال اقرارِ المراسيم التطبيقية لقانونِ حقّ الوصول إلى المعلومات بالتعاون مع وزارة العدل والمجتمع المدني والهيئاتِ الدوليّة المختصّة. أذكر أيضا، مسألة تحديث الإدارات العامّة وتطويرِها من خلال تدريب وتمكينِ الكادر البشري في القطاع العام، وإعادةِ هيكلةِ القطاع العام بالتنسيقِ مع الجهاتِ الرقابية ورئاسةِ الحكومة والوزاراتِ المعنية لترشيدِ الإنفاق وبناءِ إدارةٍ عامّة قويّة تتماهى مع عصر التطور”.
وأشارت إلى ان “أحد أهم الأهداف المرجوة هو الوصول الى الحكومةِ الالكترونية التي تلعبُ دورا أساسيا في خفض الرشوة والفساد في الدولة وخفضِ التعاملِ المباشر بين الموظفّ والمواطن، وخفضِ الهدرِ واضاعةِ الوقت. فالحكومة الالكترونية تمَكِّن المواطن من اجراء المعاملات من أينما كان. أمّا بالنسبة لموضوعِ المرأة، فنحن سنسعى من خلال التدريبات ِالتي تجريها وزارتنا الى تفعيل وجودها داخل الادارات الرسميّة وبناء قدراتها وتمكينِها”.
وشدّدت ختاماً على “أنني وزميلاتي الوزيرات، ندرس ملفّاتنا بعمقٍ وجديّة ونأمل أن تتمّ محاسبتُنا على ما نقدمه من أعمال وانجازات وزارية وليس على كونِنا سيدات، ربّما لا تنصف وسائل الإعلام البعض منّا في حجمِ تغطيتها لنشاطِنا الدائم إلا أنَّ متابعينا على وسائلِ التواصل الإجتماعي يلمسون جديّتَنا وفعالية ما نقوم به فصدّقوني إنْ قلت أنّ معظمّنا يعمل ليل نهار، وأحيانا “ما منّام ولا من خلّي حدا ينام” وخلاصة التعب سوف تظهرُ قريبًا لا محالة”، شاكرةً الهيئات النسائية الموحدة على “جهدها الدائم في تحسين واقعِ حال المرأة اللبنانية وأضع نفسي في تصرّفها لما في ذلك من منفعة للجميع”.
وجرى تسليم دروع تقديرية للمكرمات واختتم الاحتفال بفقرة فنية لـ”الكمنجات الصغرة” بقيادة المايسترو جاك نصر، فحفل كوكتيل.