خبر

كرم: مصير الوطن متوقف عند معركة “دولة المزرعة”

بدعوة من أمين سر تكتل “الجمهورية القوية” النائب السابق الدكتور فادي كرم، عقد لقاء سياسي إنمائي في قاعة مسرح “لاس ساليناس” في أنفة شارك فيه وزيرة التنمية الإدارية الدكتورة مي شدياق، وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور ريشار قيومجيان، بحضور السيدة ماري فريد حبيب، قائمقام الكورة كاترين الكفوري انجول، رئيس اتحاد بلديات الكورة كريم بو كريم ، ممثلين عن تيار المستقبل والكتائب واليسار الديمقراطي وعدد من الاحزاب منسقي “القوات اللبنانية” في الكورة رشاد نقولا وطرابلس المهندس جاد دميان ورؤساء بلديات القضاء وحشد من المخاتير والنقابيين ومسؤولي الجمعيات الاهلية ورؤساء مراكز القوات في الكورة.

استهل اللقاء بالنشيد الوطني اللبناني ونشيد “القوات اللبنانية”، فكلمة لعريفة الحفل الاعلامية ايلديكو ايليا قمير التي اكدت على دور “القوات اللبنانية” في الحفاظ على لبنان وسعيها الدائم للحفاظ على دولة القانون والمؤسسات واعطت مثالا عن قصة السلحفاة الحكيمة في الغابة التي ينتشر فيها الفساد”.

ثم قدمت الدكتور كرم الذي القى كلمة قال فيها: يقول شارل مالك “في كلّ لحظة يجد الإنسان نفسه أمام واحد من إمكانيْنِ، أن يبقى في الوجود أو لا يبقى، وفقط خياره هُوَ الذي يحدّد البقاء أو عدمِه ؟؟ ويوصِي سقراط “اعرف نفسك”.

وأضاف: القوات اللبنانية عرفت نفسها فأخذت الخيارات التي تؤكّد البقاء للمجتمع اللبناني، وأحد هذه الخيارات وزراء مميّزينَ مسلّحينَ بقرارٍ استراتيجيّ وهو “الإصلاح”. عندما بادرت القوات في الحكومة السابقة لخوض معركة إصلاح الدولة اللبنانية ومحاربة الفساد الحقيقية كانت تدرِك أنّ هذه المعركة ليست خطاباً استهلاكيا ولا شعارات مبتذلة، وليست حتماً فرصةً لخداع الشعب، بل هي مجموعة قرارات جريئة وخطوات فعلية ورؤيا وتنفيذ. فكان القرار “مواجهة الفساد” مع كلّ ما ينتج عن ذلك من توتّر في العلاقات مع عدد من الأفرقاء السياسيّين. قرّرنا وبدأنا، ولن نتراجع، فمصير الوطن متوقّف على هذا القرار، نعم فمصير الوطن متوقّف على هذه المعركة ضدّ دولة المزرعة”.

وتابع: “قرارنا أيّها السادة، هو قرار لتحديث العمل السياسيّ الوطنيّ، الذي يأخذنا إلى التّطوير الاقتصادي والاجتماعي، فالطّابع المؤسّساتيّ السياسيّ بكلّ معاييره هو الضامن الأكيد لإرساء واقع اقتصادي واجتماعي سليم، هو الضامن الوحيد لعودة النموّ، وللاستقرار الاجتماعي والوظائفيّ ، وهو السبيل الوحيد لتحويل الدولة، إلى دولة استثمارية من دولة راعية لفساد المتسلّطين عليها، الذين يستخدمون مؤسّساتِها وخيراتِها لفرض الروح الزبائنيّة الإستسلاميّة على الشعب، وقتل الروح الاستقلالية لديه ومنعه من نيل حقوقه من مؤسسات الدولة من دون الانصياع والخضوع لهم .

وأردف: “استطعنا كأفرقاء سياسيّين متخاصمين أن نجلس سويّاً على طاولة الحكومة، حِرصاً منّا جميعاً على السلم الأهلي، فالتقينا على بيان يجمع ولا يفرّق، لأنّنا أدركنا أنّ السلطة في لبنان نسبيّة، يستطيع كافّة الأفرقاء ممارسة دورهم من خلالها، منعاً لِغلبة فريقٍ على آخر، فَنِظامنا التّوافقيّ هو نظام معقّد بالفعل، ولكنّه مع كلّ تعقيداتِه مليء بالمؤسسات التّشريعية والتّنفيذية والرقابية والقضائيّة، وإن احترمنا أدوار هذه المؤسسات واستقلاليتها، استطعنا التّكيّف بين بعضنا البعض ، لتصبح مصالحنا كّلها ، أيّ مصالح الشعب بأكمله، مصالح وطنية واحدة، فلمؤسّسات دولتنا ضوابط وأبعاد أخلاقيّة وبنيويّة قادرة على كبح جماح التّجاوزات والأنانيّات والرغبات الشخصيّة الضيّقة الأفق والنيّات التسلّطية، هذا إن احترمناها، ولكن إن لم نحترم مؤسّساتنا، فلا وجود لأيّ نظام يستطيع تنظيم علاقاتنا، لأنّ النظام والدستور هو الأساس وهو الإدارة وهو النجاح ، فلا يخدعونَكم بإلقاء اللّوم على النظام، فالملامة الحقيقية تقع على اللاّنظاميّين. دعوتنَا الآن للتّعاطي بعقليّة دولة المؤسسات، فننقذ لبنان ونؤكّد على الحداثة ونستعيد الثقة، فيعود الاستثمار والإعمار والسّواح والنموّ وسيدر وغيره من المؤتمرات الداعمة لاقتصادنا”.

وقال: إنّ مظاهر التّحديث الأساسية لا تحدث مصادفة ومن دون تَرابط ، ولا تستورد من الخارج ومن قرارات دولية، بل هِيَ شبكة من الإجراءات، ومسار من القرارات، إنّها بكلّ بساطة “الإدارة النّاجحة”، إدارة لكلّ الملفّات، من كهرباء ومياه ونفط وغيره، لكلّ هذه الملفّات وغيرها، نحن بحاجة لهيئاتٍ ناظمة ولِمجالس إدارة، أمّا إيهام الناس بأنّ الحلول آتية مع أموال سيدر، وإعادة إعمار سوريا واكتشاف النفط وعودة السياح، فهذا ليس إلا خداع قاتل، لأن أبواب الهدر مفتوحة، ولا شيء سيشفي غليلهم ويسد أطماعهم إلا الإدارة الناجحة.

وتابع: هذا في المبدأ، أمّا في التّفاصيل، فأموال سيدر ليست لسدّ العجز، بل لمساعدتنا إن كنّا على قدر المسؤولية، وإعادة إعمار سوريا ليست واقعا، بل خيال، ففي سوريا لا إعمار ولا دولة قبل الحل السياسي، وما كثرة الكلام عن هذا الموضوع إلاّ دبق لشراء الضمائر والتّأييد، أما النفط والغاز فليس بمتناول اليد لأن اكتشافه لم يبدأ بعد، فكيف بالاستفادة منه، المسألة طويلة وطويلة جدّاً. وإنّ بسحر ساحرٍ ومن حيث لا ندري ولا نتوقّع أتت كلّ هذه الخيرات، وقبل تأمين الشفافيّة في عقودنا والإدارة النظيفة في مؤسّساتنا والهيئات النّاظمة، فذلك يعني فساد أكبر ومافيات أعظم وفوارق اجتماعية أخطر”.

وأضاف: إنّهم ينادونَ بالحرب على الفساد، ولكن الفساد منهجيّة، كما الحرب على الفساد منهجيّة والجديّة في هذه المعركة تستدعي مواجهة كافّة ملفّات الهدر والفساد من دون استثناء والنتيجة التي وصلنا لها في خطة الكهرباء هيَ المنهجيّة المطلوبة لتنقية الملفّات وإدخال الإصلاحات إلى ملفّات: كالتّهرب الجمركيّ، والتّهريب على المعابر والحدود الذي يفقد الدولة أكثر من ملياري دولار سنويّاً، وكالتلزيمات والعقود بالتراضي واستعمال السلطة لخدمة بعض السياسيين، وكالتوظيفات التي لا تعتمد الآلية ولا تراعي الكفاءة ولا تكافؤ الفرص بل تراعي المصالح الانتخابية. إن منهجيّة الفساد هي التي فرضت سلسلة الرتب والرواتب التي أدخلت البلد بدوامة من الزيادات غير المفيدة والمزايدات المدمّرة للاقتصاد، وفرضت تفرغ غير مدروس ومضخّم في الجامعة اللبنانية لم يراع القوانين والكفاءة ولا الحاجة. والفساد أيضاً كانَ السبب في مشاريع لا فائدة منها من جسور لا تحل مشكلة السير، وسدود مشكوك بجدواها ومحطات تكرير لا تكرّر بل بحاجة لتكرار، وإيجارات مراكز ودوائر للدولة تعطى لنافذين ومقرّبين، وتقارير اقتصادية ودراسات مالية تكلف الملايين ولا يؤخذ بها. والخداع أيضاً فساد وهو أخطر أنواع الفساد لأنه يستعمل الإعلام لغشّ الناس ولِشنّ حملات تضليليّة”.

وتابع: “إنها منهجية أوصلتنا إلى الوضع الاقتصادي السيئ الذي نعيشه ومحاربة هذه المنهجية تكون بمنهجية الشفافية، فمن لها؟؟ وكما أصبح 13 نيسان ذكرى لحرب أهلية مقيتة لن تعود، فتمنياتنا أن يصبح للفساد يوماً نذكره فيه ولا يعود، وإن محاربته لإنهائه لا تكون بالاقتصاص من موظّف صغير ضحية منهجيّة الفساد السياسية، فالموظّف قد يكون فاسداً ولكنّه حتماً ليس هو فساد الدولة. كنّا قد سلّمنا جدلاً بأنّ المشاكل الإقليمية التي ربطت بوضعنا الداخلي رغماً عنّا “نحن السياديّين”، لا يمكن حلّها من الداخل، فاتفقنا على تجنيب لبنان ويلات هذه المواجهات، واعتمدنا سياسة النأي بالنفس، وذهبنا إلى حكومات الوحدة الوطنية هدفَها بناء الثقة بالدولة، ولكنّنا شهِدنا مؤخراً محاولات مستمرة لِفك هذا التفاهم ولِربط لبنان بتطبيع مع النظام السوري المتهالك والنظام الإيراني المحاصر، معرّضين لبنان للعزلة وللعقوبات وللتّراجع الاقتصادي، ولِمقاطعة دول الدعم الاقتصادي والسياحي والاستثماري، فأينَ الحكمة بذلك؟ ولِماذا يصر البعض من اللبنانيين عن إدراك أو عدم إدراك على سياسة تضر بالمصلحة اللبنانية العليا؟ أمن مسؤوليّاتِهم إيجاد حلول للنظام السوري المعزول أو إيجاد حلا لعائلاتٍ لبنانية فقدت أولادها في السجون السورية؟ أليست من مسؤوليتهم العمل على تأمين عودة أكثر من 300 شاب لبناني فقدوا منذ سنوات بين السجون السورية أو إعادة رفاتِهم لأهاليهم كي ترتاح روحهم وتستطيع عائلاتِهم إجراء معاملات وفاتهم؟ فليحرجونا بحسن نيّة وليقدّموا للشعب اللبناني هذه الهدية”.

أضاف: “حضرات السادة، إن التباهي بالقوة ليس هو القوة الحقيقية، فكَما يقول روسّو “لا يكون الأقوى قويّاً بما يكفي لِيكون هو السيد دائما، ما لم يحوّل القوّة إلى حق، والطاعة إلى واجب”. إن الدولة القوية بالنسبة لهم هي دولة التسلط والفرض وإلغاء الآخر ووضع اليد على مقدرات الشعب ورهن الناس وتكريس الزبائنية والتبعية، أما بالنسبة لنا فهِيَ الجمهورية القوية التي تتكرس فيها قوة المؤسسات ومرجعية القضاء المستقل وحكم الحاكم العادل، إنها مع وزراء يضعون خطط ورؤيا وحلول، مع وزراء تستقبلهم اليوم الكورة التي أعطت مرشّح حزبهم حوالى الـ 8000 صوت متصدراً بذلك قائمة المرشحين جميعاً وبفارق كبير، فأهل الكورة الذينَ يراقبون ويحاسِبون ويميزون كالشعوب الحضارية، كانت لهم الكلمة، وهم شعب مؤمن بعيد عن العصبية والتبعية والغوغائية، ولكنه ينتظر الآن ممنَ يراهن عليهم تقديم الحلول والمواقف الجريئة، ينتظر من ممثلي تكتل الجمهورية القوية في مجلس الوزراء وفي مجلس النواب الإصلاح والبرامج  والفعالية، فليتفضل وزراؤنا لإعطائنا ما عندهم، هم الذين استلموا وزاراتهم ومسؤوليّاتِهم منذ فترة وجيزة ولكنّهم بصفاتِهم وقدراتِهم وشفافيتهم وشجاعتهم وحسهم الوطني، قادرين على الكثير، فالكلام لهم”.