تحت عنوان " بدائل مُتاحة لاقتراحات التقشّف" كتبت فيفيان عقيقي في صحيفة "الأخبار" وقالت: تؤخّر الحكومة إقرار موازنة 2019 إلى حين التوصّل إلى اتفاق نهائي على التدابير والإجراءات المُفترض أن تتخذها لخفض العجز في الموازنة. إلّا أن التأخير الحاصل بإقرار الموازنة لم يحل دون تعبير قوى وشخصيات في السلطة علناً عمّا يدور في الكواليس. أول المبادرين كان وزير الاتصالات محمد شقير الذي نقل إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ورقة أعدّتها بعض أحزاب السلطة والهيئات الاقتصادية بعنوان "مدخل إلى خفض العجز وضبط المالية العامة"، وتتضمّن اقتراحاً بخفض الرواتب والأجور، ولحقه وزير الخارجية جبران باسيل الذي دعا "موظّفي الدولة إلى القبول بتخفيض جزء من رواتبهم كي لا يخسروا كلّ رواتبهم والاقتصاد والليرة"، لينضمّ أخيراً وزير المال علي حسن خليل إلى دعاة خفض الأجور.
المشاورات التي شهدها منزل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري يوم 14 نيسان، وما لحقها من مشاورات متفرقة، تتضمّن تفصيلاً أوضح لسلسلة التدابير المطروحة وتشمل: تجميد 15% من رواتب العاملين في القطاع العام وإلغاء التقديمات والتعويضات وتخفيض المخصّصات الاجتماعية لهم بما يوفّر 1900 مليار ليرة من الإنفاق العام (نحو 1.26 مليار دولار)، بالإضافة إلى إلغاء دعم الكهرباء بعد توفيرها لأكثر من 20 ساعة يومياً، وخصخصة مرافق وخدمات عامّة.
في الواقع، تشكّل هذه الاقتراحات تكراراً لـ"سلّة التدابير" نفسها، التي لطالما رددتها قوى السلطة في أعقاب كلّ أزمة مالية. إنها التدابير نفسها التي رُوِّج لها إبّان مؤتمرات "باريس 1 و2 و3، وها هي تتكرّر اليوم كمدخل لتخفيض العجز المالي باعتباره شرطاً أساسياً لفكّ أقفال أموال الدائنين في مؤتمر سيدر".
في كلّ هذا السياق، تكرّس السلطة "العجز المالي" على أنه سبب كلّ المشكلات والحائل الأساسي أمام بناء الدولة وتطوير قدراتها للقيام بواجباتها الاقتصادية والاجتماعية والتنموية، فيما هو في الواقع النتيجة المباشرة لسياسة الإبقاء على النموذج الاقتصادي الحالي لتحقيق النموّ بالدَّيْن والاستهلاك، والقائم على: 1- عملية "برطلة" المصارف بمعدّلات فائدة مرتفعة لقاء استقطاب الودائع وتثبيت سعر الصرف، وهو ما أدّى إلى نقل 77 مليار دولار من الإيرادات المحصّلة من الناس بين عامي 1993 و2017 إلى المصارف، لتسديد خدمة الدَّيْن العام، وهو ما يشكّل 36% من مجمل الإنفاق العام خلال ربع قرن. 2- التوظيف الزبائني في القطاع العام لامتصاص البطالة وشراء الولاءات بدلاً من بناء اقتصاد مُنتج وقطاع خاصّ مولّد للوظائف، وهو ما بلغت كلفته التراكمية نحو 65 مليار دولار بين عامي 1993 و2017، واستحوذ على 30% من مجمل الإنفاق العام خلال هذه الفترة (علماً أن الرواتب والمخصّصات والتقديمات تُحوَّل حالياً إلى أكثر من 310 آلاف عائلة).
إذاً، تقضي اقتراحات الحكومة تخفيضاً لنفقات وزيادة لإيرادات ترتب آثاراً مؤذية سترتد على الفئات الأضعف، وهي تقدّمها على أنها "إصلاحات ضرورية للإنقاذ" مع إمكانية استنتاج هوية الفئة التي تحاول إنقاذها. أمّا الأسوأ، فهو أنها تقوم بكلّ ذلك من دون أي مجابهة شعبية تذكر.
وفي ما يأتي اقتراحات لمجموعة من الاقتصاديين يطرحونها بديلاً من "الأفكار" التقشفية لقوى السلطة:
- تحويل الدَّيْن العام إلى دَيْن دائم بفائدة 2%
- رفع السرية المصرفية للوصول إلى الثروات المخبّأة!
- وقف تبذير المال العام والانتقال إلى الضرائب الشخصية
- توحيد ضريبة الدخل وإنشاء صندوق التقاعد
- التصويب على المحميّين والمتهرّبين ضريبياً
لقراءة المقال كاملاً اضغط هنا