والواضح ان لبنان الرسمي - وفق مصادر مطلعة على اجواء بعبدا وعين التينة - ليس متفائلاً كثيراً، حتى الآن، ولو ان المبعوث الاميركي ابلغ المسؤولين في زيارته ما قبل الاخيرة الى بيروت قبول قادة الاحتلال حصول المفاوضات تحت رعاية الامم المتحدة وبالتزامن بحراً وجواً، بأن تقضي المفاوضات في حال اطلاقها خلال الاسابيع القليلة المقبلة الى حلول تقرّ خلالها حكومة الاحتلال الاسرائيلي بحقوق لبنان في كامل ثروته البحرية، وبخاصة في "البلوك 9"، وفي مسألة النقاط البرية التي يتحفظ عليها لبنان.
وفي هذا السياق، يؤكد مصدر سياسي لبناني مطلع انه في حال تمكن ساترفيلد في جولته المتوقعة خلال الساعات المقبلة من اقناع العدو بالعدول على طرحه بتحديد مدة المفاوضات بستة اشهر، فان موضوع الانتهاء من الوصول الى مخارج تقر بحقوق لبنان البحرية والبرية غير مؤكد او واضح، خصوصاً ان الملفات المفروضة امام المفاوضات المحتملة ليس بالسهولة تمكن الحكومة اللبنانية والوفد الذي سيكلف بادارة المفاوضات عن الجانب اللبناني من دفع تل أبيب ومعها الممثل الاميركي في المفاوضات الى الاعتراف بها، وهي مطالب ضخمة ودقيقة وفق الاتي:
1- ان تقرّ تل أبيب بحق لبنان في كامل "البلوك 9"، الى جانب محاولات اخرى من قادة العدو لمشاركة لبنان في "بلوكات" اخرى في الجانب الجنوبي من الحدود البحرية، خصوصاً ان المبعوث الاميركي كان ابلغ المسؤولين في لبنان سابقاً بأن كيان الاحتلال ما زال متمسكاً بأن له "حصة في البلوك 9"، في وقت ليس ممكناً تخلي الحكومة اللبنانية عن متر واحد من الحقوق البحرية، وهو الامر الذي كان ابلغه الرئيس نبيه بري الى الموفد الاميركي، بدءاً من ضرورة اطلاق تحديد الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة من النقطة 23 في الناقورة.
2- الوصول الى حلول للنقاط الـ13 التي يتحفظ عليها لبنان على جانبي الحدود البرية، بعد أن عمدت قوات الاحتلال في الاشهر الماضية الى بناء "الجدار الاسمنتي العازل" على ما يزيد عن اربعة نقاط من النقاط الـ13، على الرغم من ان المصدر يعتبر ان ترسيم الحدود البحرية ستكون مسألة معقدة ودقيقة اكثر من الحدود البرية، نظراً للمساحة الكبيرة التي يدعي الاحتلال الاسرائيلي انها تقع ضمن المساحات التي يحتلها بحراً، اضافة الى ما تختزنه هذه المنطقة من كميات كبيرة من النفط والغاز، وترجيح محاولة العدو سرقة كميات اخرى من البلوكات المجاورة العائدة للبنان.
3- ان الادارة الاميركية عبر موفدها ساترفيلد لم تظهر ليس تأييدها لحقوق لبنان بحراً وبراً، بل حتى لم تؤكد في كل الاتصالات والجولات على الدبلوماسي الاميركي في المراحل السابقة انها "وسيط محايد"، وانما دعمت باستمرار شروط الاحتلال الاسرائيلي ومارست في معظم الاحيان ضغوطاً على لبنان للقبول بما يطرحه الاسرائيلي، بدءاً من تنازل لبنان عن ما يزيد عن 35 بالمئة من مساحة "البلوك 9"، وبالتالي فلولا تمسك لبنان بما طرحه حول مسار المفاوضات بعد الوصول الى موقف موحد بين مكونات الحكومة، اضافة الى قلق العدو من قيام المقاومة بمنعه بالقوة من التصدي على حقوق لبنان، وهو الامر الذي ابطأ عمليات التنقيب التي اطلقتها سلطات الاحتلال في حقل كاريش الذي يبعد مسافة قصيرة عن الحدود الاقتصادية الخالصة للبنان.
وانطلاقاً من ذلك يبدي المصدر قلقه من ان يكون هناك "افخاخ" اسرائيلية وبتغطية اميركية من وراء القبول بما طرحه لبنان حول آليات المفاوضات، بحيث يعتمد الاسرائيلي سياسته المناورة، واضاعة الوقت في المفاوضات بالتوازي مع تسريع عمليات التنقيب في حقل كاريش وربما تجاوزه الـ "البلوك 9"، خصوصاً ان اطلاق المفاوضات واستمرارها سيشجع الشركات الغربية التي جرى تلزيمها بالتنقيب عن النفط في حقل كاريش خاصة الشركة اليونانية من العمل بعيداً عن خطر قيام لبنان والمقاومة بحق الرد على أي تعد على حقوق لبنان وسرقتها، في وقت يتأكد ان الجانب الاميركي مستعدّ لمحاولة ابتزاز لبنان ومحاولة دفعه للقبول ببعض شروط الاحتلال الاسرائيلي على الاقل في "البلوك رقم 9"، على الرغم من ان لبنان - وفق ما ابلغه الرئيس بري للموفد الاميركي وبعد الوصول الى موقف لبناني موحد - يرفض التنازل عن متر واحد من حقوق لبنان".