في كلّ الأحوال فإن ما حصل بعد سحب الثقة، لم يكن لائقا بأعضاء مجلس بلدية طرابلس، وقد أساء الى البلدية والى المدينة بكاملها، خصوصا أن الأمور سارت بكثير من الديمقراطية والهدوء في البداية، قبل أن تنفجر الجلسة خلال محاولة البعض الانسحاب منها لتعطيل النصاب القانوني والحؤول دون إنتخاب رئيس ونائب رئيس بشكل مباشر، وذلك إفساحا في المجال أمام المزيد من المشاورات.
تشير المعلومات الى أن المعارضين الـ11 بعدما أيقنوا أنّهم غير قادرين بمفردهم على سحب الثقة من قمر الدين، وعلى إيصال مرشحهم الدكتور رياض يمق الى الرئاسة، فتحوا باب الاتصالات مجددا مع عدد من الأعضاء الآخرين وتوصلوا الى توافق يقضي بالعمل على سحب الثقة من قمر الدين، والابقاء على نائب الرئيس الولي، ومن ثم تعطيل نصاب الجلسة، وتأجيلها 48 ساعة على الأقل، للتشاور والتوافق على رئيس للبلدية ورئيس آخر لاتحاد بلديات الفيحاء، وعلى تسمية مشرف على مشاريع طرابلس ومنحه بعض الصلاحيات.
وقد عُقدت جلسة طرح الثقة على هذا الأساس، حيث حضر المهندس قمر الدين بالرغم من الوعكة الصحية التي ألمت به وأدخلته الى المستشفى أمس، ظنا منه بأن مسار الأمور سيكون لمصلحته وبأنه سيحظى بثقة أكثرية الأعضاء، كما حضر المعارضون الـ11 وهم على قناعة بعدم سحب الثقة من نائب الرئيس خالد الولي الذي كان من المفترض أن يتسلم رئاسة البلدية بالوكالة بعد سحب الثقة من قمر الدين.
يمكن القول أن كل الآمال التي كانت معقودة قد تلاشت وخابت، وأن الجميع أصيبوا بنكسة الغدر والخيانة التي تحدث عنها بعض الأعضاء بصوت مرتفع، فالرئيس قمر الدين فوجئ بأن حساباته لم تتطابق مع حسابات الأعضاء الذين حجب 13 منهم الثقة عنه، مقابل 5 أصوات ثقة و5 أوراق بيضاء، ليجد نفسه خارج الرئاسة، وكذلك المهندس الولي الذي حجب عنه 12 عضوا الثقة، وحصل على 10 أصوات ثقة، وعلى ورقة بيضاء، واللافت بحسب المعلومات أن بعض الأعضاء من خارج المعارضين لقمرالدين أكدوا لـ"سفير الشمال" تصويتهم بثقة للمهندس الولي، ما يعني أنه تلقى طعنات من بعض زملائه (ضمن فريق المعارضين) الذين ساهموا في إسقاطه، الأمر الذي أصاب بعض الأعضاء بحالة من الغليان، فطالبوا ببقاء الأعضاء من أجل إنتخاب نائب للرئيس على الأقل، لكن ذلك جوبه بالرفض ما أدى الى الاشكال الذي حصل وتخلله تدافع وشتائم وصراخ داخل القاعة على مرأى ومسمع المحافظ نهرا الذي أعطى الأعضاء الـ 11 مهلة لتأمين النصاب باضافة عضو واحد إليهم، لكن كل المساعي التي بذلوها، باءت بالفشل، ما دفع المحافظ الى تأجيل الجلسة الى الساعة العاشرة من صباح يوم الجمعة المقبل لانتخاب رئيس ونائب رئيس.
تشير المعطيات الى أن الأمور عادت الى نقطة الصفر، لجهة زعزعة الثقة بين الأعضاء المعارضين الـ11 بعدما تبين أن من بينهم من حجب الثقة عن نائب الرئيس، في حين أدى الاشكال الذي حصل الى إصطفاف سائر الأعضاء ضمن فريق واحد يملكون الأكثرية أي 12 عضوا، وهم باتوا قادرين في حال توافقوا على صيغة معينة من إيصال رئيس ونائب رئيس بمعزل عن الأعضاء المعارضين".