فماذا يعني أن تستثنى الأملاك البحرية من معالجة جذرية وعلمية وعادلة، مع ما يمثله هذا الملف المزمن من فضيحة سياسية وادارية وقانونية وبيئية، وما يعنيه من مصدر يؤمن وفراً محترماً للخزينة العامة في حال تمت معالجته بشفافية، سواء لناحية تسوية واستيفاء غرامات المراحل السابقة أو ضبط ايرادات المستقبل.
وماذا يعني أن يقف وزير المالية ليتحدث أمام الحكومة والنواب عن 136 معبراً غير شرعي متنوعة الاختصاصات والتسميات، مستنداً إلى وثيقة رسمية من جهاز أمني، وهي في حال ضبطها واستيفاء رسوم ما يهرب عبرها، كفيلة بانتاج موازنة كاملة.. ثم يمر الأمر وكأن لا شيء حاصل كمن ينفخ في قربة مثقوبة؟
وماذا يعني أن تفرض ضريبة 3% على بعض السلع المستوردة، والحال أن ثمة شبه يقين بأن الزيادة لن تقف عندها بل ستشمل معظم السلع الاساسية؟ وهل سترتفع السلع المشمولة بالضريبة بذات النسبة فقط أن أن الجشع سيغلب في ظل غياب الرقابة الضبط؟
وماذا يعني أن تقول قامات وطنية، غضباً وتذكيراً وتأنيباً "طفح الكيل"، في لحظة تتعاظم فيها التحديات الداخلية والخارجية، بما يفرض التهيّب والاعتدال ولجم الجنوح نحو المكابرة، ويستدعي العودة إلى نص الدستور وروح الميثاق ويستشعر ضخامة المسؤوليات الوطنية في هذه اللحظات.
أسئلة كثيرة لا تنفع معها مراهم الكلام الجميل والوعود البراقة، وكل ذلك إن دلّ على شيء فعل اختلال في الحياة الوطنية، واعتلال في عمل المؤسسات الدستورية، وسوء تقدير في رسم السياسات العامة ومعالجة مشاكل الفساد والهدر والتضخم والركود وغياب الفرص وغيرها الكثير الكثير. صُدقت الموازنة، فهل تصل أموال "سيدر" أم نكون أمام المعادلة التي تحدث عنها النائب سليم سعادة بلكنته الكورانية المحببة "هني بيعرفوا إنّو نحن (عن) عم نكذب عليهم، ونحن منعرف إنّن هني بيعرفوا إنّو (عن) عم نكذب عليهم.. بقى ما في مشكلة"!!
أول من أمس، خرج الرئيس نجيب ميقاتي من جلسة التصويت على الموازنة، وغرّد قائلاً "ظلمٌ في السوية عدلٌ في الرعية"، أما استهداف مؤسسات بالتخفيض، دون سواها، كمجلس الإنماء والإعمار، الهيئة العليا للإغاثة وأوجيرو فدليل على استهداف موصوف. طفح الكيل فانسحبت من الجلسة ولا يجوز الاستمرار في معالجة الامور على هذا النحو" وفي الكلام ما يعني عن الشرح والاستفاضة لمن كان له قلب أو ألقى السمع.
أحياناً، دولةَ الرئيس، الصمتُ أبلغُ من الكلام.
أخبار متعلقة :