أكدت النائب عناية عزالدين أنّ "التنمية الريفية مسألة شديدة الأهمية ولها أبعاد متنوعة وتأثيرات مختلفة، إجتماعية واقتصادية وثقافية وبيئية، ومن أهم فوائدها إطلاق عجلة الانتاج بالاعتماد على المصادر الذاتية والمحلية في الزراعة والصناعات الحرفية التقليدية، وبالتالي خلق دورة اقتصادية داخلية، وهذا ما عرفه الجنوب لسنوات طويلة على شكل أسواق محلية على مدار الاسبوع في ساحات القرى والبلدات والمدن، حيث تعرض المنتوجات التي تستقطب المشترين الذين يأتون من كافة المناطق المحيطة".
وفي كلمة لها في افتتاح لجنة "سنابل الخير"، معرض الإمام موسى الصدر للمنتوجات الريفية والحرفية الثالث في بلدة كفرا - قضاء صور، لفتت عز الدين إلى أنّ "هذه الظاهرة التي لا تزال حاضرة الى الآن، وإن بحجم ووتيرة أقل، شكلت حيوية خاصة ومناسبة لتعزيز العلاقات والروابط الاجتماعية بين الاهالي والسكان، بما يحافظ على الروح الاهلية والطيبة وشد الاواصر ويعزز الوحدة والتلاقي، كماأن من شأن هذا الحراك الريفي أن يؤمن مداخيل مالية مقبولة، تعطي الفرصة للأسر ذوي الامكانيات الاقتصادية المتواضعة، لتأمين حاجاتهم الاساسية وبالتالي تمكينهم من تأمين متطلبات العيش الكريم، وأكثر ما يستفيد من ذلك هو شريحة النساء وخصوصا اللواتي فقدن المعيل وبتن مسؤولات عن رعاية أطفال وناشئة، ومن الفوائد، خلق فرص عمل متنوعة وتعزيز المهارات والكفاءات لدى الشباب وهي مسألة هامة جدا، فالكثير منهم يحتاج لاكثر من مصدر مالي لتكوين أسرة، وهذا ما يتوفر من خلال الاعمال الحرفية والمنزلية والزراعات المحلية".
وتابعت: "أن هذه البيئة الانتاجية ستساعد على كل حال، في التقليص من الهجرة الداخلية التي أدت في سنوات التهميش الغابرة، الى تشكيل أحزمة البؤس حول المدن وهي كانت من الدوافع الاساسية التي دعت الامام الصدر لاطلاق حركته في وجه الحرمان، خصوصا أن تفريغ القرى في الجنوب كان هدفاً اسرائيلياً دائماً، لأنه سيكشف هذه البقعة من الارض أمام العدوان ويجعله لقمة سائغة سهلة المنال لقواته العسكرية وهو الطامع منذ البدايات بخيراتها وميزاتها الجغرافية وثروتها المائية، وعندما نتحدث اليوم عن الشعب كأحد الاضلاع الثلاث في المعادلة الذهبية، نقصد هذا الشعب المتمسك والمتجذر بأرضه الثابت فيها والعامل على إحيائها وإعمارها، كبيئة ومجتمع متماسك وموحد وصابر ومقاوم".
وقالت: "اليوم وفي ذكرى الانتصار الكبير على العدو في حرب تموز 2006، نستذكر في هذه الأيام العودة المباركة والعظيمة والسريعة لأهلنا الى قراهم وموطنهم وأرضهم، رغم الدمار والآلام والعذابات، بما أذهل العالم وأفشل كل مؤامرات العدو الذي حاول ومن خلال كل مراحل التفاوض تأجيل عودة المهجرين، وهو الأمر الذي كان دولة الرئيس نبيه بري له بالمرصاد، فكان نداؤه المعروف عند انتهاء الحرب، ودعوته لأبناء الجنوب للعودة المباشرة الى أرضهم والقرى".
وأضافت: "بصراحة كاملة أقول لكم، إن لبنان اليوم أمام تحديات اقتصادية جدية، والأولوية الرئيسية هي إيجاد المعالجات المناسبة لتحصين مالية الدولة وخفض العجز فيها، لكي نتمكن على الأقل من تثبيت الاستقرار النقدي وتحقيق أرضية مناسبة لاستعادة عملية النهوض، وهو الأمر الذي يتطلب جدية واخلاصا وعملا دؤوبا وتضامنا وطنيا، إضافة الى رؤية اقتصادية شاملة، تقوم على الاعتماد على الذات والانتاج الوطني، وتقليص وضبط مزاريب الهدر والفساد، واذا كانت الدولة تطلب من أبنائها المواطنين تفهم واقعها الاقتصادي واجراءاتها التقشفية المعتمدة، فعليها أيضا مسؤولية بناء الثقة مع الناس الذين يعانون نتيجة الاداء الضعيف للكثير من المؤسسات الحكومية، واذا اتخذت الدولة قرار تنشيط هذه المؤسسات وتلبية الامكانيات الاساسية للمواطن وتفعيل الادارة العامة، فإن استعادة الثقة وترميمها بين المواطن والدولة تصبح أمرا ممكنا ومتوقعا".
ورأت أنه "من أهم ما يمكن فعله في هذا المجال، هو الاستمرار في دعم البلديات وتأمين الاموال المستحقة لها، والتعاون مع مختلف الجمعيات الاهلية والمحلية، لاطلاق مجالات التنمية الريفية المختلفة".
وتوجهت عزالدين في ختام كلمتها إلى المشاركين، بالقول: "أجدد التنويه بما تقومون به من جهد ونشاط، إنكم تسيرون في الاتجاه الصحيح، هذا هو المسار الصحيح لمواجهة الازمة المالية الاقتصادية، وحبذا لو يتم تعميم هذه التجارب على مستوى الوطن وبرعاية كاملة من مؤسسات الدولة ووزاراتها المعنية، لكم منا العهد بأن نكون معكم والى جانبكم في كل جهودكم، بما أوتينا من قوة وقدرة وهذا أبسط واجب، الوفاء لكم أنتم الشعب الأبي المقاوم والوفي".