خبر

'معاليه' أحرز أهدافا في مرمى 'الجديد'!

كتب المحامي وليد ططر لـ"لبنان24": تفاجأ جمهور الثورة يوم أعلن تلفزيون "الجديد" أنه بصدد اجراء مقابلة مع الوزير جبران باسيل، و عبر معظم هذا الجمهور عن حالة امتعاض و بحد أدنى طرح جملة تساؤلات لامست حد الشكوك برشاوى! إنهالت الاتهامات من هنا و هناك بأن "الجديد" حاد عن مساره في هذا الاستقبال لشخصية اعتبرها الثوار رمزا للنظام الذي أوصل البلاد و العباد الى ما هم عليه اليوم. إن عتب الجمهور على "الجديد" جاء من مقدار محبته لهذه الشاشة، التي يعتبرها لسـان حالـه و وسيلة نقل صوت وجعه، فتابعها يوميا لرؤية تفاصيل الثورة على امتداد الوطن، جمهور خلق في ذهنه ان شاشة "الجديد" هي ملك حصري للثورة، واذا بها تستقبل "عدوّ الثورة"، فامتعض منها الى درجة تخوينها !

بررّت القنــاة، هذه المقابلة بعبارات ان الشاشة للجميع و هناك جدوى من سماع الآخر والى ما هنالك، فقبل جزء كبير من الجمهور و إنتظر هذه المقابلة الصحافيّة، علما منه أن المقابلات تشكّل أحد الفنون الحواريّة، التي تعتمد عليها الصحافة، في ممارسة دورها كسلطة رابعة!

والمقابلة الصحافية من حيث التعريف، تتمثل بالحديث بين صحافي أو أكثر وبين شخصيّة أو أكثر، بهدف وبغرض الحصول على معلومات وحقائق جديدة أو قديمة، أو لمعرفة وجهة نظر و موقف الشخصية موضوع اللقاء، و قبل إجراء اللقاءات، سيما التي تُعقد مع الشخصيّات الهامّة أمثال جبران باسيل ، هناك مرحلة الإعداد الجيّد، لإجراء الحديث أو المقابلة أو الاستجواب..

ما من قناة كانت لترفض استقبال جبران باسيل، لا بل بالعكس و حقها أن تسعى لها، ففكرة اجراء الحديث الصحافي مع هذه الشخصية، من دون شك هي مثيرة وحظيت بإهتمام الناس، ولامست مشاعرهم لأهميتها. وكان من المفترض أن تحقق أهدافا في مرماه لجهة الكشف عن هذه الشخصية التي لها دور هام في صناعة الحدث و جملة الحوادث في لبنان،  و قبل بدء المقابلة، كان على الصحافيين الكريمين أن يجمعا معلومات معقولة تلامس ما يريده الناس عمن سيقابلاه، ميوله وأفكاره، وطباعه، كل ذلك كي يتقنا التعامل معه، وعلى سبيل التعداد لا الحصر كنـّـا ننتظر منهما طرح أسئلة عن:

-سيدروس بنك والتسهيلات التي تلقاها البنك من المصرف المركزي،
-الشرخ العائلي و اسبابه السياسية،
-القبض على التيار الحر والتنكيل بمناضليه القدامى،
-محطات التغويز الثلاثة التي لا يحتاجها بلد بحجم مصر فكيف بلبنان،
-التشكيلات القضائية التي رسمت لتحقيق أهداف سياسية على يد وزير عدل سابق - استنسابية القاضي غادة عون في فتح قضايا تخدم اجندة باسيل السياسية و التواري عن قضايا تؤثر على شعبيته المسيحية.
-الى ما هناك من تعينات السلك الدبلوماسي وافتتاح السفارات الجديدة في ظل الثورة،
-وصولا الى عقد التبادل السياسي مع "حزب الله" المبني على الوعد بخلافة الرئيس ميشال عون في رئاسة الجمهورية و رأيه العلني بشبكة الفساد المتصلة بين اغلب القوى السياسية كما كان يجاهر هو و يلمح دون ان يعتبر نفسه و تياره جزءا منها، و عن الإثراء البادي بوضوح على معاليه شخصيًا... ألخ.

جاءت نتيجة الحوار اضعف بما لا يقاس من المتوقع و المرتجى من ابناء الثورة في لبنان و قد يعزو البعض ذلك الى قماشة السادة الصحافيين اللذين أجرياها،  واللذين قاما بتكرار كلمة معاليك ووقعها "الثقيل" على سمع الجمهور، و بشكل عام سلك التعامل و الأداء في هذه المقابلة الشكل الآلي، من حيث طريقة الإلتزام الجامد بالأسئلة التي حضرها الصحافيان مسبقا، اذ كان لا بد لهما من أن يتمتعا بالفطنة والثقافة اللتين تؤهلانهما لطرح أسئلة مبنية على الإجابات ومستخرجة منها كي تأتي المقابلة ، على المستوى السياسي المتوقع بعد طول انقطاع من ظهور باسيل ، فإذا به تشبه برامج  "دردشات" الصباح حتى لا أقول دون ذلك.

باسيل لم يكن سهلا، اذ استولى على أحد أبرز منابر الثورة لساعات واستحكم في ادارة الحوار وقام بمقاطعة الصحافيين عشرات المرّات، مسجلا أهدافا في مرمى تلفزيون ثورة 17 تشرين، وتمكن بامتياز من:

• التعامل مع الصحافيين كرئيس حزب يحاور عنصرين منتسبين الى تيـّاره، وكأستاذ ثانوي يحاضر في تلميذين  يبحثان عن التخرج من الحلقة بدرجة "حسن"؛
• لعب دور الشهيد المظلوم، حامي الحمى، سليل غـاندي و الحرديني ورفقا؛
• الابتعاد عن الاتجاه المطلوب والمؤدي إلى تحقيق الهدف الذي كان يسعى الى سماعه الجمهور.
• استغلال الحديث لمصلحته الخاصة وأخذ الحوار ببراعة الى أماكن لا علاقة لها بالهدف من الحديث.
• الاسترسال والتحدث بالتفصيل عن مسائل هامة  بالنسبة له،
• التهرّب من تقديم معلومات صريحة وواضحة عن عدة قضايا. 

نجح باسيل، في اختيار كلامه و أجوبته، أمام صحافيين كانا بعيدين، في أدائهما، عن ما طمح اليه جمهور الجديد وربما ما طمحت اليه القناة نفسها من وراء المقابلة تلك. وغلطة الشاطر بألف.