الكباش يستعر حول سدّ بسري.. البنك الدولي يقترح تحويل الأموال لمكافحة الفقر والحكومة ترفض

الكباش يستعر حول سدّ بسري.. البنك الدولي يقترح تحويل الأموال لمكافحة الفقر والحكومة ترفض
الكباش يستعر حول سدّ بسري.. البنك الدولي يقترح تحويل الأموال لمكافحة الفقر والحكومة ترفض

في 22 تموز إنتهت المهلة الأخيرة التي منحها البنك الدولي للحكومة اللبنانية لتدخل آلياتها إلى مرج بسري، وتبدأ العمل بمشروع إنشاء سدّ بسري المموّل منه، وإلّا فسيضطر إلى سحب التمويل. الحكومة العاجزة عن إدخال آلياتها إلى منطقة مرج بسري، ليس لأنّها قررت أن تستمع إلى الرأي الآخر وتصغي إلى الدراسات البيئية التي تثبت وقوع السد على فالقين زلزاليين تاريخيين هما روم وبسري ، وليس لأنّها قررت ألا تقفز فوق قرار القضاء الذي لم يحسم موقفه بعد من مراجعات الإبطال، التي تقدّم بها المحامي سليمان مالك وكيل قضية سدّ بسري طعناً بمرسوم إقرار المشروع، بل لأنّها وبكل بساطة عاجزة عن إدخال آلياتها، بعدما افترش الناشطون البيئيون أرض المرج منذ أيام، ليحموا بأجسادهم تلك البقعة التاريخية البيئية الجمالية من مخاطر السدّ التدميري بنظرهم. الحكومة أوفدت قوى الأمن الداخلي وفرقة مكافحة الشغب، لتدخل آليات المتعهّد إلى المرج، ولكنّها لم تقمع الناشطين. فالبنك الدولي واستنادًا إلى مصادر نيابية اشترط عدم التعامل بعنف مع المعترضين وفتح حوار شفّاف معهم، لذلك هربت الحكومة إلى الأمام، وطلبت من البنك الدولي مهلة إضافية هي ثلاثة أشهر، ووعدت بوضع خطّة تضمن استئناف العمل في المرج. 

"التيار الوطني الحر" عاشق السدود الفاشلة استشعر الخطر، فتحرّك نيابيًا وأرسل عددًا من نوابه إلى البرلمان لعقد مؤتمر صحافي مطوّل، وصفوا خلاله معارضي السدّ بـ "أصوات الشواذ والمصالح المادية والسياسية وأجندات التخريب الأجنبية"، متحدثين عن  "لجنة تفتيش مستقلة من واشنطن عملت على التدقيق لأشهر وعلى مرحلتين، وأفضت نتائج التحقيق والتدقيق بالدراسات التقنية الإنشائية الزلزالية الهيدرولوجية والهيدروجيولوجية والبيئية والسوسيوبيئية إلى أن لا أساس لمزاعم المعارضين". تحدثوا عن دراسات مناقضة، ولكنهم لم يعرضوا أيّا منها أمام الرأي العام.
في الداخل كان حليفهم "حزب الله" وعبر نائبه علي عمار يستكمل مهمة الدفاع عن السدّ الذي أضحى قانونًا نافذًا ولا يلغى إلّا بقانون آخر، فإذا بصراخ عمار المشارك في اللجان النيابية المشتركة يملأ أروقة المجلس النيابي، ويصل إلى حيث قاعة الصحافة. 

في التفاصيل، علم "لبنان 24" أنّ النائب بلال عبد الله تحدث عن أولويات في ظلّ الأوضاع الحالية، وإقترح على اللجان النيابية أن يتمّ اقتطاع عشرة ملايين دولار من قرض البنك الدولي المخصص لتأهيل طرقات وتحويلها لصالح مواجهة كورونا، وتحويل الأموال المرصودة لسدّ بسري إلى الكهرباء. أيدته في طلبه وزيرة الدفاع زينة عكر مبديةً الإستعداد للبحث في الإقتراح. فاستشاط عمار غضبًا، معتبرًا أنّ ما يجري محاولات للإلتفاف على قانون إقامة السد.

نيابيًا يقف بوجه السدّ نواب "اللقاء الديمقراطي" الذين قدّموا في شباط الماضي اقتراح قانون لتحويل منطقة مرج بسري إلى محمية، وعدد من النواب المستقلين، ونواب "الجمهورية القوية" الذين انضموا مؤخرًا إلى الآراء المناهضة للسد. علمًا أنّ الكتلتين النيابيتين كانتا في البداية إلى جانب المشروع، وعدّلت في رأيها، معلّلة ذلك بأنّها إطلعت على الدراسات التي تظهر مخاطر السدّ من الناحية الزلزالية والتدميرية للبيئة، وعدم جدواه في تأمين المياه لبيروت، نظرًا لطبيعة الأرض المعرضة للإنهيارات.

 الإشتراكي لن يكتفي بالإعتراض على المشروع داخل البرلمان، وهو العارف أنّ الأصوات النيابية كفيلة بإسقاط إقتراحه تحويل المنطقة إلى محمية، كون كتل "حزب الله"، "التيار الوطني"، "أمل" و"المستقبل" إلى جانب إقامة السدّ. لذلك بدأ التحرك ميدانيًا، ودعا مناصريه للمشاركة في الإعتصام المفتوح المقام في حرج الصنوبر في مرج بسري، عصر اليوم، تحت عنوان "لأنّنا أصحاب الحق والأرض التي تحتضن جزءًا من ماضينا وتاريخنا، ولأننّا نرفض سياسة التعنت والمكابرة التي تعتمدها الحكومة، ولأنّنا نريد محمية ونرفض قيام السد". 

إذن حكومة حسان دياب تراوغ  لكسب الوقت. ولكن المعطى الجديد في الموضوع، بحسب مصادر نيابية، هو موقف البنك الدولي نفسه، الذي تناغم مع دعوات صدرت عن بعض النواب وعن المجتمع المدني، لتحويل الأموال المخصّصة للسدّ لمشاريع أخرى، مقترحًا أن يحوّل المبلغ لتلبية الحاجات الملحّة للشعب اللبناني في إطار مكافحة الفقر أو إصلاح قطاع الكهرباء. الحكومة لم تقبل بتحويل وجهة الأموال إلى أمورٍ أكثر إلحاحًا في زمن العوز. وكذلك فعل التيار الوطني الحر، الذي تمسّك وزيره ريمون غجر بإقامة السدّ، وأقام جلسة "حوارية" في السراي الحكومي بالتعاون مع وزارة الإعلام، مروّجًا للسدّ، ومغيّبًا كلّ المعترضين، وفي حينه انسحبت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد من الجلسات معترضة "على عدم وجود تنوّع وتوازن بين المشاركين".

أمام اتساع دائرة المعترضين، سيشهد ملف سدّ بسري مزيدًا من الكباش في الأيام المقبلة. وفي ظلّ انقطاع الحوار بين الفريقين، المتحمس للسدّ والمناهض له، يعوّل البيئيون على تراجع البنك الدولي. أمّا في الشأن القانوني فحان الوقت ليتنصر القضاء للحق، ويحسم مجلس شورى قراره في المراجعات المقدّمة أمامه منذ سنوات، وإلّا يكون مشاركًا في تلك الجريمة البيئية.  

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى