مصطفى أديب، إسم من خارج نادي العائلات السنية الكبرى أو رجال المال والأعمال يقتحم المجال السياسي ويصبح السني الأول، هو ليس إبن صائب سلام أو رفيق الحريري أو عمر كرامي، إنما يتحدّر من أسرة شمالية متواضعة، بنى نفسه بنفسه، وتفوّق في مجال السياسة ودرّس في أفضل الجامعات في لبنان وفرنسا.
يطمح أديب إلى أن يُعيد لبنان إلى الحضن العربي وأن يطوّره ليعود مثلما كان وقريباً من النموذج الأوروبي، لكن الفرس وحلفاءهم سيكونون في المرصاد، وبالتالي فإن أديب قادم على مهمة سياسية صعبة، والأصعب هو الوضع الإقتصادي.
وبات واضحاً أن أديب يحظى بمباركة أوروبية رفيعة، وهو يفضّل النموذج الأوروبي التطوري على الأميركي ويتمسّك بالقيم اللبنانية حتى النهاية، وهو قالها مرّة غاضباً: "إذا صادفْنا رجلاً مسنّاً في لبنان نأتي إليه ونقبّل يديه إحتراماً وإجلالاً لعمره وكل نضالاته، أما في أميركا فالقيم ليست مهمّة، إذ يتخلّون عن المسنّ ويضعونه في مأوى العجزة".
وفي السياق، فإن الأنظار تتّجه إلى كيفية تعامل السعودية والخليج وواشنطن مع تكليف أديب، وهل يستطيع أن يفتح الأبواب المقفلة، أم أن سياسة العزلة ستبقى مستمرة طالما أن العماد ميشال عون موجود في بعبدا و"حزب الله" يسيطر على القرار السياسي والأمني، في حين يواجه أديب مهمة التخلّص من سطوة القوى التي سمّته رئيساً للحكومة؟! ويبقى الأهم أن لا يُخيّب أديب آمال كل من عرفه وأن يعلم أن هناك ثورة فاعلة تراقب وتحاسب ولا تغرّه الكرسي ويطبّق كل ما كان ينادي به، لا أن يتحوّل مثل كل مسؤول يصل إلى الحكم، فالمطلوب واحد وهو أن يطبّق ما كان يؤمن به على رغم المعرفة بصعوبة الأوضاع وأنه يتسلّم بلداً منهاراً وهو الذي كان يحذّر الطلاّب دائماً قائلاً: "إننا سنصل إلى الهاوية إذا ما استمر الصراع الدولي على أرض لبنان واستمرت الإدارة السيئة للدولة اللبنانية".