أخبار عاجلة

'حزب الله' يرفض 'العلمانية'.. فماذا عن'المدنية' ؟

'حزب الله' يرفض 'العلمانية'.. فماذا عن'المدنية' ؟
'حزب الله' يرفض 'العلمانية'.. فماذا عن'المدنية' ؟


ليس من الصعوبة معرفة حقيقة موقف "حزب الله" من الدعوات إلى تعديل أو تغيير النظام السياسي في لبنان، إذ أنه أوضح موقفه مراراً وتكراراً في الوثائق الأساسية التي أصدرها في مراحل مختلفة، والتي كانت أولها الرسالة المفتوحة في العام 1985 ومن ثم الوثيقة السياسية التي أصدرها في العام 2009 بالاضافة إلى البيانات الانتخابية وتصريحات قادته، حيث يبدو "حزب الله" بوضوح لا لبس فيه أنه يدعو إلى الغاء الطائفية السياسية وإقامة دولة عصرية بحسب التعبير الذي ورد في وثيقة  مار مخايل في البند الرابع المتصل ببناء الدولة.


بعد صدور الطائف بات مطلب "حزب الله"، بحسب ما تقول مصادر مقربة منه لـ"لبنان24"، يتمثل بتطبيق الاتفاق لناحية المادة 95 وما تتضمنه من تحديد آليات تفتح على تعديل جذري في النظام السياسي يمر بالهيئة الوطنية لوضع خطة مرحلية لالغاء الطائفية السياسية وانتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي وتشكيل مجلس الشيوخ تناط به القضايا الاساسية والمصيرية وتتمثل فيه العائلات الروحية في لبنان بحيث يشكل ضمانتها الميثاقية لحماية التعايش والتعددية.

لقد جرت العادة، بحسب المصطلحات المستخدمة لدى القوى السياسية استخدام تعبيرات مختلفة للدلالة على الوجهة التي يريدونها من تغيير النظام السياسي، حيث يستخدم البعض الدعوة الى الغاء الطائفية السياسية كما يرد في ادبيات "حزب الله" او يطالب بدولة مدنية كما يتكرر في ادبيات حركة "أمل" او الدعوة الى دولة علمانية وفق ما يرد بصورة متكررة على لسان النائب جبران باسيل وادبيات "التيار الوطني الحر"، وفي احيان اخرى الدولة المدنية وفقا لتفسير حرص باسيل على التأكيد أنه يقصد به العلمنة الشاملة. وفق قراءة أحد المفكرين السياسيين، لا يبدو أن ثمة فروقات جوهرية بين الدعوة الى الغاء الطائفية السياسية والدولة المدنية، إذ أن المقصود فيهما بالاغلب، الاقتصار على الغاء الطائفية من بنية النظام السياسي جزئيا او كلياً. فالاستمرار في الابقاء على توزع الرئاسات الثلاث على الطوائف حتى في حالة اجراء انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي يشكل الغاء جزئيا للطائفية السياسية، في حين ان الغاء هذا التوزع في الرئاسات طائفياً يشكل تطبيقا فعليا لمفهوم الدولة المدنية. ولذلك ثمة شكوك كبيرة على أن القسم الاكبر من القوى السياسية اللبنانية يرمي من وراء طرح الدولة المدنية ان يصل إلى هذا الهدف، في المقابل تبدو المطالبة بالعلمنة الشاملة والدولة العلمانية مطلبا تعجيزياً لأنه لا يقتصر على الغاء الطائفية السياسية بل يعني ايضا الغاء الطائفية المجتمعية والغاء دور المرجعيات الدينية في قوانين الاحوال الشخصية والغاء المفاعيل القانونية المترتبة على الهوية المذهبية للجماعات، ومن البديهي أن يكون المس بخصوصيات الطوائف من هذه الوجهة مرفوضا رفضا مطلقا من قبل المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية، ومرفوضا من "حزب الله"، الذي يرفض  الزواج المدني الاختياري ويعتبره خطوة على طريق علمنة الأحوال الشخصية لإبعاد الدين بالكامل عن مسرح الحياة. فنائب الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم يرى أن الزواج المدني الاختياري يخالف الشرع المقدس مخالفة تامة ويرفض"العبث بقوانين الأحوال الشخصية المعمول بها في المحاكم، واستبدالها بقوانين مدنية مهما كان عنوانها". وعليه، فإن دعوة باسيل الى الدولة العلمانية يراد منها في حقيقة الامر، وفق اوساط سياسية، حماية النظام الطائفي وتعطيل امكانية تجاوز الطائفية بطروحات غير قابلة للتطبيق وحشر المسلمين بطروحات يدرك سلفا انها ستكون محل رفض. وعليه، فإن مراجعة ادبيات "حزب الله" في وثائقه لا تظهر بوضوح الترجمة التفصيلية للبنية الدستورية لطبيعة النظام السياسي المترتب على الغاء الطائفية السياسية، فما ورد يشكل عناوين عامة على غرار ما ورد على لسان الامين العام للحزب السيد حسن  نصر الله من تأكيد تمسكه بالديمقراطية التوافقية في لبنان، علماً ان التطبيقات المؤسساتية لهذه الديمقراطية هي كثيرة ومتعددة على المستوى العالمي وتنطوي على نماذج مختلفة، لكنها على المستوى اللبناني تطبق بصورة مضطربة وتعاني من فجوات عديدة. وسط ما تقدم، فإن طبيعة المرحلة الراهنة وعودة الحديث الى الحاجة لمؤتمر تأسيسي أو عقد سياسي جديد كما ورد على لسان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، او تعديل النظام السياسي على غرار ما ورد على لسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ودعا إليه أيضاً السفير الروسي الكسندر زاسيبكين في خلال حديثه الى "لبنان24" الاسبوع الماضي، ستفرض على "حزب الله" ان يقدم رؤيته التفصيلية تجاه العناوين المطروحة على مستوى شكل وطبيعة النظام السياسي وما هو المقصود تفصيلا من الدولة المدنية

 

 

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟