كتب عبد الكافي الصمد في "سفير الشمال": لم يتلق وزير الخارجية والمغتربين، ورئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، من "حربه" التي اعلنها على رئيس مجلس النواب نبيه بري، لكمة قاسية فحسب، قبل قرابة ثلاثة أشهر من موعد الإنتخابات النيابية المرتقبة في 6 أيار المقبل، إنما تلقى ضربة قوية أنهت، مسبقاً، وإلى حدّ بعيد جداً آماله بالوصول إلى سدّة الرئاسة الأولى، وخلافة عمّه، رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا، بعد إنتهاء ولايته عام 2022، كما كان يُخطط ويحلم.
شريط الفيديو المسرب عن باسيل، الذي اعتبر "سقطة" غير مقبولة منه، لم يبق للأخير صاحباً، لا على الساحة الوطنية ولا على الساحة المسيحية، التي يقول إن تياره هو "الأقوى والأكثر تمثيلاً" فيها، إذ بعدما قضى على أمل ضئيل جداً كان يمنّي النفس به، في إرساء تحالف إنتخابي "بارد" مع حركة أمل، يكون حزب الله “جسر” تواصل هذا التحالف بينهما إنطلاقاً من كونه حليف الطرفين، يبدو أن باسيل قد خسر الثنائي الشيعي معاً، بعدما أعلن حزب الله بوضوح وقوفه إالى جانب برّي.
إلتحام الثنائي الشيعي واصطفافهما جنباً إلى جنب، يعني حسابياً أن التيار البرتقالي خسر نهائياً أي صوت إنتخابي شيعي، أو حليف للثنائي الشيعي، من أجل دعم لوائح وحلفاء التيار الوطني الحر في مختلف الدوائر الإنتخابية التي سيسمي فيها البرتقاليون مرشحين لهم، الأمر الذي سيقلص كثيراً من فرص نجاحهم، خصوصاً ضمن الدوائر المشتركة، ما يعني أن هزيمة ثقيلة تنتظر التيار البرتقالي في استحقاق 6 أيار المقبل، وأن تعويله على زيادة عدد نوابه في المجلس النيابي المقبل لن يتحقق.
لكن هذه الخسارة "الباسيلية" لن تقتصر على الثنائي الشيعي فقط، فما قاله زعيم التيار البرتقالي في القوى الرئيسية على الساحة المسيحية، وخصوصاً القوات اللبنانية وتيار المردة وحزب الكتائب، سيجعل هذه القوى متكاتفة أو متفرقة، تعمل بلا هوادة على مواجهته في الإنتخابات المقبلة، لمنعه من الحصول على كتلة نيابية كبيرة، على غرار الكتلة الحالية، بعد محاولاته المتكررة والإستفزازية لتحجيمها وإلغائها من المعادلة السياسية، ما يُعبّد أمامه الطريق، منذ الآن، في الوصول إلى كرسي رئاسة الجمهورية.
لكن حسابات "حقل" باسيل الإنتخابية لا يبدو أنها تتطابق مع حسابات "بيدر" المعركة التي فتحها مع برّي، ذلك أنه تلقى ضربات لا تقل وجعاً جاءته من داخل بيته البرتقالي، فالرئيس عون إعترف بوضوح في بيانه أن صهره أخطأ، وإن كان رأى أن الخطأ لا يعالج بخطأ، وعديله العميد المتقاعد شامل روكز، الذي يعتبر الرجل الثالث في التيار الوطني الحر ومنافس باسيل الأبرز، وقف إلى جانب برّي وأعلن رفضه لما قاله باسيل بحق رئيس مجلس النواب، فضلاً عن إستياء كبير ساد صفوف التيار البرتقالي الذين ساءهم كلام باسيل، وأوقعهم في حرج ومشاكل مع "أصدقاء" و"حلفاء" و"جيران" و"معارف" من حركة أمل وحزب الله وحلفائهما.
وإذا كان باسيل يُعوّل على التحالف مع تيار المستقبل لتنفيد مخططه الإنتخابي، والحصول على أكبر قدر ممكن من المقاعد النيابية، فإن التيار الأزرق سيجد نفسه محرجاً ومأزوماً بإرساء هكذا تحالف إنتخابي، لثلاثة أسباب: الأول إن تيار المستقبل، وزعيمه الرئيس سعد الحريري، لا مصلحة إنتخابية أو سياسية له بالتحالف مع باسيل ومواجهة القوى السياسية الأخرى التي يحتاج لأصواتها في الإنتخابات، والثاني أن نقمة واسعة تسود الشارع السنّي على باسيل وتيّاره نتيجة ممارساته وخدماته الإستنسابية والإنتقائية، وليس آخرها ما جرى من تعيينات "كيدية" في شركة كهرباء قاديشا في طرابلس، ما سيجعل الحريري محرجاً أمام جمهوره قبل حرجه أمام الآخرين، أما الثالث فهو أن تيار المستقبل يحتاج هو إلى من ينقذه ويساعده على الخروج من أزمة تراجع شعبيته، في ظل وجود منافسين أقوياء له على الساحة السنّية ينتظرون إرتكابه “خطيئة” إنتخابية من هذا النوع، لتوجيه لكمة قوية إليه لن يستفيق منها إلا بعد فوات الأوان.
(سفير الشمال)