محطة زمنية جديدة أضيفت الى روزنامة المواعيد المحتملة لعملية تشكيل الحكومة الحريرية، ففي منتصف أيلول يجب ان تكون هناك حكومة جديدة قادرة على الإمساك بزمام الأمور في مواجهة عوامل قابلة للتفاعل الخطر، وتتمثل في دخول المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، مرحلة المطالعات النهائية والاقتراب من الحكم في ملف اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.
المعترضون على المحكمة الدولية ، والمتخوفون من أحكامها يفضلون استظلال حكومة وفاق وطني قادرة على استيعاب فعل الحكم المتوقع والردود عليه، بصرف النظر عما اذا كان بالإدانة او التبرئة، على ان الفريق المراهن على المحكمة وحكمها، لا يرى استغلال محطة حكم المحكمة الدولية على من اغتالوا رئيس وزراء لبنان الأسبق، لـ”فلق” التشكيلة الحكومية، بما يفقدها النكهة المطلوبة.
بيد ان الأوساط المتابعة، رصدت ما اعتبرته تجاذبا بين قوى الممانعة في لبنان ، والتي بدأت ترقب، تباعدا سوريا ـ إيرانيا، حول حسب ونسب الوضع اللبناني الراهن بعد تحسن أوضاع النظام السوري، وعودة أوتاره اللبنانية للعزف مع ابتعاد ملموس عن الإيقاعات الإيرانية.
ومن هنا، تبين ان جزءا من معوقات تشكيل الحكومة ، مرتبط بالمحاصصة الإيرانية ـ السورية في لبنان ، وليس فقط المحاصصة بين القوى اللبنانية، بعض الأوساط التابعة، بدأت تلمس مؤشرات الاختلاف حيال موضوع العلاقات مع النظام فـ”حزب الله” مع تطبيع هذه العلاقات بتأن بينما أطراف الممانعة الأخرى الوثيقة الصلة بالنظام تريده من الحكومة ضمن شروط تشكيلها، وعبر بيانها الوزاري، ما يعني الإلغاء النهائي للنأي بالنفس.
وواضح ان موقف الرئيس المكلف سعد الحريري على هذا الصعيد، بدأ يزعج الطرفين، بخلفيتهما السورية والإيرانية، خصوصا من حرصه على مقاربة الوضع السوري من البوابة الروسية، التي أوفد إليها مستشاره للشؤون الروسية د.جورج شعبان الذي أمضى ساعتين في توضيح الأمور لمساعد وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف الذي كان استقبل النائب طلال أرسلان، وقبله النائب تيمور جنبلاط يرافقه النائب وائل أبوفاعور، وأمام الدور الروسي الحاسم في اللعبة السورية أخذ رئيس التيار الحر الوزير جبران باسيل هذا الطريق اعترافا بتحول موسكو الى محج للبنانيين.
ولم تتوقف تعابير الانزعاج من الحريري عند حدود التلويح باجتراح فتاوى دستورية تحدد مهلة تأليف الحكومة أو سحب التكليف، إنما بلغ الأمر حد تفوه أحد الإعلاميين المحسوبين على الممانعة بعبارات نابية ضد رئيس الحكومة من قبيل “سيذهب الى دمشق واجرو فوق رقبتو”، ما استدعى ردود فعل شعبية رمزية تمثلت في قطع الطرق وإشعال النار بإطارات المطاط، في بيروت، والساحل الجنوبي والبقاع ليل أمس الأول، الأمر الذي استنكره قادة المستقبل، رفضا للغة الشارعية المؤذية للجميع.
رئيس مجلس النواب نبيه بري يرى ان لبنان بلد التسويات والمخارج، ودعا الجميع الى التنازل لمصلحة لبنان، ناصحا الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة أولا، ثم التفرغ للبحث عن المخارج والحلول.
بري هنأ اللبنانيين بالأضحى واعتذر عن عدم تقبل النهائي، في حين يستعد الرئيس الحريري لصلاة العيد في الحرمين.
ولفت بري الى ان عقدة تشكيل الحكومة ليست وقفا على موقف وليد جنبلاط والعقدة الدرزية، وأشار الى التمترس وراء مواقف خشبية لا تفيد لبنان.
وظهرت امس صور لشبان من الحزب التقدمي الاشتراكي باللباس العسكري، وهم يطلقون النار في الفضاء، أثناء تجمع لرجال الدين الدروز في منطقة “الشحار الغربي” بقضاء عاليه، استنكارا لمجزرة السويداء في سوريا .
وتقول مصادر معنية ان الظهور بالسلاح في مناطق الموحدين الدروز بزعامة وليد جنبلاط، جزء من الحماية التي تقرر استدراكها، خشية امتداد الإجرام الى جبل لبنان، بطريقة أو أخرى. وكان جنبلاط قد حل الجيش الشعبي الإشتراكي بعد إقرار السلام الأهلي في لبنان، قبل 28 سنة.
ورفع “حزب الله” السقف بوجه الرئيس المكلف، مشيرا الى انه لا يملك إلا خيار تشكيل الحكومة، “والا فإن الخيارات الدستورية والنيابية تصبح متاحة لإنقاذ لبنان”.
مصادر دستورية غالطت الاعتقاد بوجود فرصة دستورية متاحة لسحب التكليف من الرئيس المكلف، بموجب الدستور، وتؤكد أنه لا سحب للتكليف إلا باعتذار الرئيس المكلف وهذا ما لن يكرره الحريري ، الذي التقى امس القائم بأعمال السفارة السعودية وليد البخاري.