الراعي: القوى السياسية أرست النظام الحزبي المذهبي لتأمين بقائها وهنا تكمن ازمة عدم امكانية التأليف

الراعي: القوى السياسية أرست النظام الحزبي المذهبي لتأمين بقائها وهنا تكمن ازمة عدم امكانية التأليف
الراعي: القوى السياسية أرست النظام الحزبي المذهبي لتأمين بقائها وهنا تكمن ازمة عدم امكانية التأليف

الراعي: القوى السياسية أرست النظام الحزبي المذهبي لتأمين بقائها وهنا تكمن ازمة عدم امكانية التأليف

افتتح البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قبل ظهر اليوم الثلثاء، المؤتمر السنوي الخامس والعشرين للمدارس الكاثوليكية بعنوان “إستمرارية المدرسة الكاثوليكية: شروط وتطلعات”، بدعوة من اللجنة الأسقفية والأمانة العامة للمدارس الكاثوليكية، وذلك في ثانوية مار الياس للراهبات الأنطونيات – غزير كسروان. ويستمر يومين.

 

وإستهل المؤتمر بالنشيد الوطني ثم كانت صلاة صغيرة تلاها البطريرك الراعي وصلاة الأنسنة المتضامنة تلتها ليا فرح ونعمان معلوف من العمل الرعوي الجامعي.

 

وألقى البطريرك الراعي كلمة بعنوان “تحرير المدرسة الكاثوليكية من أجل وطن أكثر إنسانية وتضامن”، اعتبر في مستهلها أن الموضوع الذي تم إختياره لهذا المؤتمر: “خلود المدرسة الكاثوليكية”، لهو في محله تمامًا، لأنكم، إذ تصفون المدرسة الكاثوليكية بالخلود فأنتم تعلنون أن خلودها من صلب طبيعة الكنيسة ورسالتها، فالمسيح أرسلها قائلًا: “إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم… وعلموهم… وأنا معكم طول الأيام، حتى نهاية العالم”. وبالتالي تلتزمون، مع الكنيسة، بالمحافظة عليها، أمانة للمسيح وللرسالة التعليمية الموكولة منه إليها، مهما كانت الصعوبات والتحديات”.

 

وأضاف: “علمت الكنيسة بلسان آباء المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني، “أن سر الإنسان، في إنسانيته، لا ينجلي حقا إلا بسر الكلمة المتجسد. فالمسيح، آدم الجديد، يكشف تماما، في وحي سر الآب ومحبته، الإنسان إلى ذاته، ويبين له سمو دعوته”. فباتت التربية على الأنسنة تربية على الاقتداء بالمسيح في إنسانيته، الذي “عمل بيدي إنسان، وفكر بعقل إنسان، وتصرف بإرادة إنسان، وأحب بقلب إنسان”.

 

وتابع: “عندما أسس المسيح كنيسته، شبهها بالكرمة والأغصان، وقال “أنا الكرمة وأنتم الأغصان. من ثبت في وأنا فيه يأتي بثمر كثير”. لقد أراد بذلك أن يبين أن الإنسان من طبعه متضامن مع غيره، من أجل تحقيق ذاته بملئها وإنماء حياة الجماعة. وإكمالا لهذه الصورة، شبه القديس بولس الرسول الكنيسة “بجسد” هو “جسد المسيح”: “كما أن الجسد واحد وله أعضاء كثيرة.. كذلك المسيح. فنحن كلنا تعمدنا بروح واحد لنكون جسدا واحدا، وارتوينا من روح واحد”.

 

وأشار الراعي الى ان عضويتنا في “جسد المسيح” الذي هو الكنيسة، تعني أننا في حالة ترابط مع بعضنا البعض، بعيدا عن أي تقوقع أو انعزالية أو انغلاق على المصلحة الذاتية دون سواها. هكذا يصبح الترابط نظاما يرتب العلاقات بين الناس على مختلف المستويات الدينية والثقافية والاقتصادية والسياسية؛ ويولد مسلكا أخلاقيا وإجتماعيا بمثابة فضيلة، هي التضامن، لا كمجرد عاطفة تأثر لما يصيب الغير من شر، بل كإرادة ثابتة ومثابرة للالتزام في سبيل الخير العام، وقال: “نشعر أننا كلنا مسؤولون عن كلنا. التضامن إذا فضيلة مسيحية تلامس المحبة، هذه الصفة التي تميز تلاميذ المسيح. فضيلة تميل إلى تخطي الذات، والخروج منها نحو الآخر بروح التعاون المجاني والغفران والمصالحة”.

 

وقال: “عندما ينمو أبناء الوطن الواحد بالأنسنة، ويترابطون في ما بينهم بفضيلة التضامن، فيشعرون أنهم كلهم مسؤولون عن كلهم، وبالتالي يحتاجون إلى تربية على المواطنة التي تتميز بالديموقراطية التعددية. وهذا ما تهدف إليه المدرسة عموما والمدرسة الكاثوليكية خصوصا التي تعلم المبادئ الوطنية السليمة، بعيدا عن أي إيديولوجية أو تأثير سياسي وحزبي أو أغراض خاصة”، مشددًا على أن المدرسة الكاثوليكية الملتزمة هذه التربية هي حاجة ماسة اليوم لوطننا لبنان.

 

واضاف: “عندما نقل لبنان يوم إعلانه في أول أيلول 1920، بمسعى من البطريرك الكبير خادم الله الياس الحويك، من دولة الإنتماء إلى الدين والمذهب المعادية للديموقراطية، إلى دولة الإنتماء إلى المواطنة التي تولد الديموقراطية التعددية، سار لبنان على هذا الخط منظما بالدستور والميثاق الوطني، وناميا بالممارسة، حتى اتفاق الطائف (1989). هذا الاتفاق أكد المواطنة على حساب الانتماء المذهبي، لكن القوى السياسية شوهته بأدائها، وذهبت إلى إرساء نظام حزبي مذهبي جديد، أمنت من خلاله بقاءها في السلطة وتقاسم الحصص والوظائف وخيرات الدولة، مع إقصاء الغالبية من الشعب اللبناني غير الحزبية. وهكذا يجد المواطن نفسه أمام شرط الإنتماء إلى حزب طائفته لكي يتمكن من نيل وظيفة أو المشاركة في إدارة شؤون الدولة.

وتابع: “هنا تكمن الأزمة السياسية الراهنة، والظاهرة حاليا في أزمة عدم إمكانية تأليف الحكومة إلى الآن، والتي تتسبب بالركود الشامل، بل بالشلل، وبعدم إمكانية النهوض الإقتصادي وإجراء الإصلاحات اللازمة في مختلف الهيكليات والقطاعات، وبتفشي الفساد، وسيطرة شريعة الغاب والنفوذ”.

 

وأكد ان تربية الأجيال هي المخرج لكل هذه الحالات، وتتم بواسطة المدرسة الكاثوليكية بشكل خاص، ما يقتضي تحرير هذه المدرسة لكي تظل أبوابها مفتوحة بوجه الأهالي الذين يرغبون اختيارها لأولادهم، وتأمين التربية العلمية الرفيعة والتربية على الأنسنة والترابط والتضامن والمواطنة، لأكبر عدد ممكن من شعبنا اللبناني. هذه التربية المتعددة الوجوه تتوفر ليس فقط للتلامذة، بل أيضا لأهلهم وللمعلمين والموظفين.

 

التحديات:

وتحدث عن التحديات الكبرى التي تواجه المدرسة: “الأول، تحدي فقر معظم العائلات اللبنانية، الذي تسببه الأزمة الإقتصادية والمعيشية المتفاقمة، واتساع دائرة البطالة، وازدياد عدد العاطلين عن العمل، وغلاء المعيشة. يحمل مسؤولية هذا الواقع الأليم المسؤولون السياسيون الذين يسيئون استعمال السلطة بجعلها في خدمة مصالحهم وحصصهم ونفوذهم، وبإهمال الشعب والخير العام اللذين هما مبرر وجودهم.

الثاني، تحدي القانون 46/2017 الخاص بسلسلة الرتب والرواتب الذي أوجب على المدارس الخاصة زيادات باهظة على الرواتب والأجور، تستوجب زيادة الأقساط المدرسية. الأمر الذي لا تريده المدرسة لأنه عبء ثقيل لا يستطيع أهالي التلامذة حمله. فتكون النتيجة الحتمية قيام أزمة تربوية وإجتماعية خطيرة، إذ تقحم الدولة عددا من المدارس على الإقفال، وتتسبب بزج معلمين وموظفين في عالم البطالة. إن من واجب الدولة مساعدة أهالي التلامذة الذين اختاروا المدرسة الخاصة، من خلال تنفيذ ما اتفقت عليه المؤسسات التربوية الخاصة في اجتماع بكركي كحل مشترك عادل، وهو أن المدرسة تلتزم بتطبيق الملحق 17، والدولة دفع الدرجات الاستثنائية الست.

 

الثالث، حماية المدرسة الكاثوليكية من تسرب ايديولوجيات وتيارات معادية للمواطنة والديمقراطية التعددية، ومن تأثير الأحزاب السياسية بإدراج أفكار أو إدخال انتماءات حزبية مذهبية على حساب المواطنة.

الرابع، اعتماد التقشف في المدارس الكاثوليكية بإيقاف الكماليات: من قرطاسية ونشاطات إضافية وزي مدرسي، وبتوحيد الكتب المدرسية، وتجنب تغييرها سنويا، بحيث يتاح للجميع شراء كتب مستعملة، وللإخوة استعمال كتب إخوتهم، سنة بعد سنة.

الخامس، تحدي التعاون بين المسؤولين عن التربية: ليست المدرسة وحدها مسؤولة عن التربية بكل أبعادها الموصوفة آنفا، بل ثمة دور للأهل، فالعائلة هي المدرسة الأولى للقيم والفضائل الأخلاقية والاجتماعية، بحيث ينبغي خلق جو ملائم لتطبيق وحماية ما يتربى عليه أولادهم في المدرسة الكاثوليكية. وهم في كل حال، المربون الأول. ودور المعلمين الذين بهم يرتبط نجاح المدرسة الكاثوليكية في تعليمها وتربيتها. فينبغي أن يدركوا أنهم أصحاب دعوة تقتضي منهم أن يتصفوا بمواهب العقل والقلب، وبتهيئة ملائمة وقدرة دائمة على التجدد والتكيف. ودور المجتمع المدني حيث يعيش التلامذة بحيث يكون مجتمعا سليما يشجعهم على الانخراط فيه. ودور الدولة في اعتبار المدرسة الخاصة مثل الرسمية ذات منفعة عامة، وتساعد أهل التلامذة على اختيارها، فتؤمن معاشات المعلمين، وتخفض هكذا الأقساط لكي تظل في متناول الجميع”.

 

وختم الراعي كلمته متمنيًا النجاح لهذا المؤتمر، ومؤكدًا أن الكنيسة تحمي المدرسة الكاثوليكية كحق وواجب، فمن حق الكنيسة كمجتمع بشري توفير العلم والتربية للجميع من أجل الأنسنة والتضامن. ومن واجب الكنيسة المحافظة على المدرسة كوسيلة للقيام برسالة الإعلان لجميع الناس عن الطريق المؤدي إلى الخلاص، ونقل حياة يسوع المسيح إلى المؤمنين لكي يبلغوا ملء الحياة.

 

وحضر المؤتمر، إلى راعي الإحتفال، السفير البابوي في لبنان المطران جوزف سبيري، روك مهنا ممثلا وزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، النائب انطوان حبشي، مجيد العيلي ممثلا النائب سامي الجميل، العقيد الركن جورج الهاشم ممثلا مدير مخابرات الجيش العميد انطوان منصور، مدير التعليم الخاص في وزارة التربية عماد الأشقر، الأمين العام المساعد للمدارس الكاثوليكية في فرنسا لويس-ماري بيرون، مدير المركز الكاثوليكي للاعلام الخوري عبدو ابو كسم، راعي أبرشية بعلبك – دير الأحمر المطران حنا رحمة، المطارنة: نبيل عنداري، جورج ابو جوده، بولس مطر ومارون عمار ممثلا بالاب مدلج تامر، نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولف عبود، الأمين العام للمدارس الانجيلية في لبنان الدكتور نبيل قسطه، رئيس بلدية غزير شارل حداد ورؤساء ورئيسات عامون، ممثل عن فرنسبك ايلي سمعان، ممثلون عن كاريتاس ومؤسسة أديان، مديرو ورؤساء المدارس ولجان الأساتذة ولجان الأهل وأعضاء اتحاد المؤسسات الخاصة ورؤساء البلديات والمعلمين والمعلمات والجهاز الاداري والتربوي.

ويتابع المؤتمر أعماله يوم غد الأربعاء.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى