بعد جولات وجوجلات مكوكية من المشاورات البينية والمتقاطعة بين مختلف الاطراف المعنيين ببنية التركيبة الحكومية، حمل الرئيس المكلف سعد الحريري خارطة جديدة لتشكيلة الائتلاف الوطني، كما جاء في الصغية المبدئية التي اودعها الرئيس المكلف سعد الحريري في بعبدا أمس الإثنين.
ورقتان … ومفاجأة
وكان الحريري قد وصل بعد ظهر امس الى بعبدا وفي جعبته ورقتين: الورقة الاولى تحمل مسودة حكومية كان يدرك الرئيس المكلف سلفًا انها سترفض، وبعد عرضها على رئيس الجمهورية ميشال عون انتقل الى الورقة الثانية التي تتضمن بعض العناوين التي وصلت اليها المشاورات.
هكذا انتهى الاجتماع وسينتقل الحريري الى استكمال الاتصالات وانهاء التعقيدات التي ما زالت عالقة، على حد ما كشفه مصدر مطلع على التأليف، وقال لوكالة “أخبار اليوم”: ربما نكون امام الفرصة الاخيرة لاخراج الحكومة من مدار التعقيدات.
وقال المصدر: “عون وبعد لقاء أمس الإثنين سيقدّم طرحًا جديدًا انطلاقًا مما قدمه الحريري يزاوج بين الافكار الموجودة لديه وما طرحه الرئيس المكلف”، ومتوقعًا ان يقوم الحريري بزيارة ثانية الى بعبدا نهاية الاسبوع الجاري…و”هنا قد تكون المفاجأة”.
عون “لم يكن مرتاحا”
غير ان هذه الصورة التي تحمل شيئًا من التفاؤل تبقى رمادية، اذ لا شيء محسوم حتى الآن يؤكد ان العقد باتجاهها نحو الحل، حيث افاد مرجع قريب من “المستقبل” ان على رغم التأكيد المشترك من قبل رئيس الجمهورية والرئيس المكلف على اننا ما زلنا في طور التشاور، واننا امام صيغة مبدئية تحتاج الى تفاهم، فان عون لم يكن مرتاحًا للجو، بينما الحريري بذل اكثر من جهد ودوّر الزوايا في اكثر من مكان وزع الحقائب والحصص اكثر من مرة، لكن يبدو واضحًا أن عون مصر على إرضاء حزبه، لا يريد الفصل بين موقعه كرئيس للجمهورية وبين موقعه كعراب وملهم للتيار “الوطني الحر”.
وقال المرجع: “حين يعلن عون انه بي الكلّ من المفترض ان يكون على مسافة واحدة من الجميع، عليه ان يترجم هذه “الابوة” من خلال حرصه على حصص كل الاطراف كما هو حريص على حصة “التيار””.
… في بيت الوسط
وما ينطبق على اجتماع بعبدا ينطبق ايضا على اجتماع بيت الوسط بين الحريري والوزير جبران باسيل، الذي حصل قبل ثلاث ساعات من موعد القصر، اذ قال مرجع “المستقبل” ان اللقاء لم يكن بقدر التمنيات، وينقل المرجع ان باسيل كان مرتاحًا لوجود مدير مكتب الرئيس المكلف السابق نادر الحريري كوسيط بينه وبين الحريري، لكن بعد غيابه (اي نادر) تبين ان العلاقة بين “المستقبل” و”التيار” لم تكن يوما قائمة على ركائز متينة.
ليس مستاء… ولكن
وفي موازاة ذلك، اشار المرجع الى ان الحريري ليس مستاء من العرقلة الحاصلة على مستوى التأليف، ولكن يخشى من الواقع الذي يمر به البلد، كونه على تماس مباشر مع الاروقة الدولية، “يدرك اننا نضيع فرصة تلو الاخرى من اجل انقاذ الوضع الاقتصادي، ويحذر من انه في ظل غياب حكومة مركزية لا يمكن الخروج من هذا القعر الاقتصادي والمالي والاجتماعي”.
وكشف المرجع عن أن هناك اتصالات على مستوى دولي ورسائل وصلت الى بيت الوسط تفيد بأن التأخير في التأليف مضر ومؤذٍ، في حين يبدو وكأن المسؤولين في لبنان يرفضون كل الفرص التي تتيحها المؤتمرات وفي مقدمها مؤتمر “سيدر1” الذي عقد في شهر نيسان الماضي. وأكد ان الحريري يتواصل مع جميع المعنيين ويدق ناقوس الخطر ويحذر من استمرار المماطلة، لان الاستمرار بالفراغ في السلطة التنفيذية واللعب على الوقت الضائع، له ارتداداته السلبية على العهد وعلى رئيس الجمهورية.